في روايته الجديدة “السوريون الأعداء”، الصادرة عن دار رياض الريس للنشر في بيروت عام 2014، لا يسجل الروائي فواز حداد أحداث فترة مظلمة في تاريخ سوريا المعاصر فحسب، بل ويرصد أيضاً ببراعة روائية، آلية تغول النظام السوري بعد أحداث الثمانينات الدامية، وتمكنه من عبور المآزق المحلية والإقليمية والدولية.
تبدأ الرواية بقيام أحد ضباط الجيش خلال حصار حماه دونما سبب، ومن دون تلقي أمر من رؤسائه، بإطلاق الرصاص على ثلاثة أجيال من عائلة واحدة (جد وأم وأطفال)، وإرسال الأب (الطبيب) إلى المحاكم الميدانية ليواجه مصيره الحتمي بالإعدام. لم يكن قتلاً لوجه القتل، ولا قتلاً لوجه تبييض سجل الولاء للنظام.
بهذا المشهد تفتح أحداث رواية ستمتد لـ ٥٠٠ صفحة، عبر ثلاثة خطوط رئيسة شبه متوازية.
الخط الأول خط القاضي الذي يمثل محاولة جيل على وشك الأفول؛ إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوطن ومظاهر العدالة.
الخط الثاني، خط الضابط القاتل الذي بدأ سلم صعوده مبكراً، بالوشاية بقريبه البعثي. ثم يجد طريقه إلى القصر الجمهوري، ليكتسب لقب المهندس.
الخط الثالث؛ خط الطبيب الذي أرسل لإعدام محتم، إلا أن مساعداً في الجيش ينقذه من الموت. تتوقف عمليات الإعدام ويرسل المحكومون إلى أقبية فروع المخابرات في دمشق ومنها إلى سجن تدمر، ليواجه مصيرا أمرّ وأصعب، هناك حيث يتوقف الزمن.
هذه القناعات تهيأ لها مثقف يبررها، دأب على الوقوف تارة مع المعارضة وأخرى مع النظام، لكن حين تهدد وجود النظام انحاز له، ودافع عنه بمنطق طائفي؛ لماذا نتنازل عن السلطة، بعدما استولينا عليها.
رواية جديرة بقراءة نقدية أدبية بأدوات فكرية سياسية وفلسفية اجتماعية، ومن التجني أن تنال ما تناله الرواية العربية من قراءات صحفية دعائية مستعجلة، أو هجومية لمجرد الهجوم. إنها رواية عن الدكتاتورية في مرحلة التدمير البطيء للمجتمع، وتحويله إلى قطيع، وأيضاً تحولات النفس البشرية في بوتقة التسلطية المؤبدة.