الرئيسية / تحقيقات / تنوع الجزيرة السورية الحضاري يضفي طابعا خاصا على احتفالات عيد الأضحى

تنوع الجزيرة السورية الحضاري يضفي طابعا خاصا على احتفالات عيد الأضحى

 

القامشلي – سلام حسن

خاص لموقع صدى الشام:

في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، اعتاد سكان مدن وأرياف الجزيرة السورية على تبادل الزيارات بين العائلات والأصدقاء، رغم ما تركته سنوات الحرب من خراب ودمار وسوء في الأوضاع المعيشية وفقدان للخدمات الأساسية من ماء وكهرباء. وتتم اللقاءات عادة في المنازل أو في أماكن عامة من مطاعم أو حدائق ومقاهٍ، يتبادلون في هذه اللقاءات التهاني والتبريكات بالعيد، ويتبادلون الهدايا، ويتجاذبون أطراف الحديث عن أهم الحوادث والأخبار التي مرت بهم، وعن مشاريعهم وأحلامهم، منتهزين فرصة العطلة للتجمع، فتجد في المجلس الواحد المسلم والمسيحي والايزيدي، أو العربي والكردي والسرياني والأرمني.

وتتسم الأعياد عموما في الجزيرة، وعيد الأضحى خاصة، بطابع خاص يعكس طبيعة المجتمعات المحلية فيها، والتي تمتاز بكثرة وتنوع الأعياد، نظرا إلى أن هذه الطقوس والعادات المتوارثة تتأثر بالتنوع الاجتماعي والثقافي والقومي والديني.

عادة، يخصص اليوم الأول لممارسة الطقوس الدينية، واجتماع أفراد الأسرة في المنزل بعد أداء صلاة العيد، وتحضير الأضحية وتوزيعها، وزيارة قبور الراحلين من الأحبة صباحا، واستقبال العشرات من الأطفال الذين يطرقون الأبواب منذ ساعات الصباح الأولى وحتى فترة الظهر، وهم يعايدون بكلمات جميلة ويحصلون على “العيدانية”، حبات من السكاكر والشوكولا وبعض النقود أحيانا.

ويقضي أفراد العائلة بقية النهار مع الموسيقى والأغاني، وأخذ قسط من الراحة مساء بعد أيام من تعب التحضير للعيد، ليبدؤوا يومهم الثاني مع نشاطات ومواعيد عادة ما تكون خارج المنزل.

يقول بختيار محمد (مدرس موسيقى، 52 سنة، من حي الوسطى في القامشلي) لـ”صدى الشام: “عيد الأضحى هو مناسبة لنا جميعا، الأهل والأصدقاء، لأخذ قسط من الراحة سواء من العمل أو من متاعب الحياة الأخرى. لذلك تجدنا ننتظر يوم العيد بشغف، ونحرص على التواصل والتحضير للقاءات بيننا كأصدقاء أو جيران أو أهل. وكما يعلم الجميع، فإن القامشلي متنوعة دينيا وقوميا، وأقصد هنا السكان، لذلك نحن نحتفل بالكثير من الأعياد على مدار السنة، فلدينا أعياد دينية مثل الأضحى عند المسلمين، وهناك الفصح لدى المسيحيين، أو أعياد قومية مثل النيروز عند الأكراد، أو الأكيتو عند السريان والآشوريين، والجميع يشارك في الأعياد”.

بدوره فهد بدر حسن (35 سنة، صاحب مطبعة على الحزام الجنوبي في مدينة القامشلي) يقول لـ”صدى الشام”: “نحن كمسلمين، هناك طقوس للعيد، عادة نحتفل بعيد الأضحى، بداية نذهب إلى الجامع لأداء صلاة العيد، وبعدها نزور المقابر ونعايدهم، ومن ثم نذهب لزيارة الأهل والأقارب، ونعود إلى البيت لنستقبل الأهل الذين يتوافدون إلينا. كما تعلم، نسبة كبيرة من سكان سورية اغتربوا، وهذه غصة، حيث إن معظم أهلنا خارج سورية”.

ويتحدث ربيع سالم (45 سنة، مزارع من ريف القامشلي) لـ”صدى الشام” عن عيد الأضحى ويقول: “كما نعلم، عيد الأضحى عندما ضحى نبينا إبراهيم بابنه إسماعيل، وقبل الله ابنه، وهنا رب العالمين طلب منه أن يضحي بكبش بدلا عن ابنه. والأضحية لها شروط من حيث عمرها، يجب أن يكون عمرها سنة، وألا تكون مريضة، ويجب أن توزع الأضحية على الفقراء والمحتاجين”.

أما مسعود موسى (56 سنة، مقيم في الحسكة) يقول لـ”صدى الشام: “نستيقظ في الصباح الباكر، ونزور المقابر ونعايد، وبعدها نعود إلى البيت ونستقبل الأطفال الذين يأتون لمعايدتنا، بعدها نستقبل الضيوف، ونحن أيضا نذهب ونعايد الأهل والأقارب. في الماضي، كان للعيد نكهة مختلفة عن الآن، لا أعلم، لأننا كنا صغارا وقتها وكانت الحياة أحلى”.

في المقابل يقول جمعة أبو ولات (سائق، مقيم في حي الهلالية بالقامشلي) لـ”صدى الشام”: “طقوس العيد لدينا: نذهب لأداء صلاة العيد، وبعدها نذهب لزيارة المقابر ومعايدتهم، ومن ثم نزور الأهل والأقارب. كان للعيد نكهة مختلفة في الماضي، سنوات الحرب أرهقتنا، ولم نعد نشعر بتلك الفرحة، حيث إن كل عائلة فيها، أقل ما يمكن، شهيدان أو ثلاثة شهداء، فليس للفرحة مطرح في قلوبنا، ناهيك عن أن أغلب اهلنا وأقاربنا في الغربة، ولكن، مهما يكن، نحتفل بطقوس العيد”، يضيف: “تُعد الزيارات العائلية في العيد فرصة مهمة لتجديد الروابط، ومن الضروري إشراك الأطفال فيها لتعزيز صلتهم بالعائلة”.

شاهد أيضاً

تحقيق: هكذا تورط الاتحاد الوطني لطلبة سورية في قمع وتعذيب الطلاب بعد 2011

أكد تحقيق أجراه المجلس السوري- البريطاني تورّط الاتحاد الوطني لطلبة سورية في مجمل عمليات القمع …

الناجون من سجون الأسد… أموات على قيد الحياة

على الرغم من نيل معتقلين سوريين حريتهم إلا أنهم لا يعتبرون أنفسم ناجين، إذ يترك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *