الرئيسية / تحقيقات / المنظومة الصحية في حلب على وشك الانهيار

المنظومة الصحية في حلب على وشك الانهيار

جورج.ك.ميالة

نحو
خمسة آلاف من كوادر محافظة حلب الطبية فرّوا خارج سوريا.

وفقاً
لمنظمة (أطباء بلا حدود)، فإن محافظة حلب من أخطر نقاط العالم على الكوادر الطبية.

حوالي
ستين بالمائة من المنشآت الصحية في المدينة خارج الخدمة.

منشآت
خارج الخدمة

خرج
حوالي ستين في المائة من المنشآت الطبية الحكومية عن العمل في المدينة بسبب العمليات
العسكرية المستمرة منذ حوالي السنة, ولم يبق سوى مشفيين حكوميين، هما مشفى حلب الجامعي
ومشفى الرازي، وبعض المشافي الخاصة الصغيرة.

آلات
معطلة

يقول
لنا (مروان)، وهو مهندس صيانة في مشفى حلب الجامعي: “مع انقطاع الكهرباء المتواصل,
تتوقف غرف العمليات والإنعاش، وبالتالي يموت الكثير من المرضى جراء ذلك” ويضيف:
“كثيراً ما تتعطل أجهزة ضرورية، كأجهزة الإنعاش والتصوير الشعاعي، وتخرج عن العمل
بسبب عدم توفر قطع الغيار، فالحكومة غير قادرة على تأمين هذه القطع، ولا يوجد طرق لنقلها”.

أقسام
خارج الخدمة:

بسبب
خروج أكثر من نصف مشافي المدينة عن الخدمة, تركز الضغط على الجزء الباقي, فلا توجد
أقسام لعلاج السرطانات، وأقسام غسيل الكلية قليلة جداً, وهناك قلة في المواد الجراحية
ومواد الإسعاف والبدائل الصناعية.

يقول
أحد مقيمي قسم العظمية في أحد المشافي، والذي رفض ذكر اسمه: “أغلب الإصابات عظمية،
في الرأس والعنق والصدر، حيث تستخدم في المعارك جميع صنوف الأسلحة التي ابتكرها العالم،
بدءاً من الرصاص بأنواعه، الحارق والمتفجر، حتى الطيران الحربي, والإصابات معقدة جداً
والبدائل الطبية، من مفاصل وأجهزة تثبيت قليلة وثمنها مرتفع كثيراً, الأمر الذي يضطرنا
في كثير من الحالات إلى البتر, بسبب قلة المواد والأدوية وتلوث الإصابات بالإنتانات
نتيجة صعوبة الإسعاف وخصوصاً في الليل. أنا في غاية الأسى على هذا الواقع ولكن ليس
لدينا حل آخر لإنقاذ أرواح البشر” .

المشافي
تحت رحمة “الشبيحة” والأمن

كثيرا
ما تشهد أقسام الإسعاف في حلب إطلاق نار من قبل عناصر الأمن و”الشبيحة”،
ويقول لنا الدكتور (محمد) المقيم في أحد أقسام الداخلية بمستشفى: “كثيراً ما نجري
العمليات وخياطة الجروح تحت ضغط السلاح من عناصر الأمن و”الشبيحة”, ولا يستطيع
مدير المشفى أو أي أحد أن يضمن سلامتنا أثناء عملنا”.

ملاحقات
للكوادر الطبية

شهدت
المدينة، مع بدايات الحراك الثوري فيها, حالات خطف كثيرة شملت الكثير من الأطباء المشهورين،
الأمر الذي دفع الكثيرين منهم للسفر خارج البلاد ولم يبق في المدينة سوى حوالي أربعين
بالمائة من أطبائها. وكانت أشهر حوادث الخطف هي حادثة اختطاف رئيس مشفى حلب الجامعي,
حيث طلب الخاطفون فدية كبيرة لقاء إطلاق سراحه، وصل مبلغها إلى عشرين مليوناً، وبعدما
تم دفعها, وجدت مقتولاً بالقرب من منطقة كفر حمرة في حل!

يروي
الدكتور (جوني) لنا: “بعد استشهاد صديقي الدكتور صخر حلاق، أشهر أطباء حلب على
يد فرع الأمن العسكري, خفت كثيراً على نفسي, الأمر الذي دفعني إلى إغلاق عيادتي والسفر
إلى بيروت, منتظراً انتهاء الأزمة لأعود إلى حلب”.

كما
تلعب المضايقات الأمنية دوراً هاماً في هروب الكثير من الكوادر الطبية باتجاه المناطق
المحررة، أو خارج البلاد.

ويروي
(حسان)، الطبيب المقيم سابقاً في مشفى الرازي: “بعدما اعتقل كثير من زملائي بتهم
تقديم المساعدات لـ “الإرهابين” في المشافي الميدانية, قررت العودة إلى إدلب
والعمل هناك, فحياتنا أصبحت مهددة بأي لحظة, حيث سجلت الكثير من حالات التصفية فور
اعتقال أي كادر طبي”.

4500
معتقل مهددون

يوجد
في سجن حلب المركزي، حوالي أربعة آلاف وخمسمائة سجين, محرومين من أبسط أنواع الرعاية
الطبية, توفي منذ شهر نيسان الماضي، حتى الآن حوالي مائة سجين بسبب نقص الغذاء والدواء,
وسط عجز المنظمات الدولية عن تقديم مساعدات حقيقية ومستمرة للسجناء.

المشافي
الخاصة ليست أفضل حالاً !

انخفض
عدد المشافي الخاصة إلى النصف تقريباً، وهي تعاني نقصاً حاداً في المواد الطبية والكوادر
ذات الاختصاصات الدقيقة, كما أن تضاعف الأسعار وغلاء المعيشة الفاحش في المدينة جعل
السكان يعزفون عن التوجه للمشافي الخاصة.

معامل
أدوية متوقفة عن العمل

تنتشر
معامل الأدوية في الريف الحلبي القريب، المحيط بالمدينة، وتضم المحافظة غالبية معامل
الأدوية في سوريا, وقد توقف الكثير منها عن العمل بسبب الأعمال العسكرية, كما تعرض
الكثير منها للدمار, ويضطر الكثير من أصحاب المعامل إلى دفع أتاوى لعناصر الجيشين
“الحر” والنظامي من أجل استمرار العملية الإنتاجية وإيصال الأدوية إلى المدينة,
كما تعاني هذه المعامل من صعوبة وصول عمالها إليها بسبب خطورة الوضع الأمني, فضلاً
عن نقص المواد الأولية، التي تحتاجها الصناعة الدوائية، بسبب تعطل المطارات وتضاعف
أسعار النقل.

يروي
لنا الدكتور (نجم الدين) الذي يعمل في أحد المعامل: “إن أغلب الصناعة الدوائية
في سوريا تتمركز في حلب, وتوقفها لا يعني توقف الأدوية في حلب فحسب, بل يعني تأثر الصناعة
الدوائية في سوريا بكاملها, ويضيف: “هذا التوقف أفسح المجال لدخول الأدوية المهربة
وغير مضمونة المصدر, علماً أنها غالية الثمن وغير مضمونة الفعالية, ولكن ليس هناك خيار
آخر للمريض أو الطبيب, هذا هو الواقع وهذا هو الموجود”.

اتفاقيات
جنيف حبر على ورق!

تقول
لنا المحامية (رندة): “معظم سيارات الإسعاف في المدينة مزينة بصور السفاح بشار
الأسد، وتنطلق منها الأغاني المؤيدة له، بدلاً من سماع صوت زمورها، وقد سجل الكثير
من حالات استخدام سيارات الإسعاف في نقل السلاح وعناصر الأمن و”الشبيحة”,
كما يتعرض العاملون في الحقل الصحي لجميع أنواع العنف, الأمر الذي يضع اتفاقيات جنيف،
التي تنص على حماية المنشآت والكوادر الطبية أثناء الحروب في مهب الريح”.

شاهد أيضاً

تنوع الجزيرة السورية الحضاري يضفي طابعا خاصا على احتفالات عيد الأضحى

  القامشلي – سلام حسن خاص لموقع صدى الشام: في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، …

أوراق باندورا: جزر العذراء البريطانية مخبأ شركات “ممول للنظام السوري”

في 23 كانون الثاني/ يناير 2017، بينما تحتشد الجهود للوصول لتسوية بين طرفي النزاع السوري …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *