مصطفى زنكلو – ادلب
استولى فصيل مسلح على معمل “عصير الجبل” جنوب غرب مدينة السويداء في اليوم الثاني من العام الحالي بحجة إرجاع حقوق مهدورة منذ 34 سنة، وسرقة مجلس الإدارة لحقوق 1700 مساهم بتواطؤ مع القوانين والسلطة. بينما وصلت كل الوساطات بين الطرفين إلى طريق مسدود لحل معضلة أهم منشأة اقتصادية في الجنوب السوري.
وكانت إدارة المعمل قد كتبت على صفحة الشركة على الفيسبوك؛ إن مجموعة مسلحة هاجمت الشركة، وطالبت بمبالغ مالية وحقوق وصفتها الصفحة بغير المشروعة. وأشار المنشور إلى أن إدارة الشركة مؤتمنة على حقوق المساهمين ولا يمكنها تلبية هكذا مطالب، لذلك قام (المهاجمون) بالتكسير والاعتداء على العمال وضربهم وتخريب المنشأة وسحب السيارات إلى الخارج بقصد السرقة وإلحاق أضرار كبيرة بالشركة.
كما طالبت الإدارة بتدخل الجهات المختصة فوراً لحماية الشركة والحفاظ على المنشأة.
صدى الشام التقت الشيخ رامي اشتي قائد الفصيل المسلح الذي يسيطر على المعمل، فأفاد بحديث مطول بيّن فيه بالأدلة المحافظة على كل معدات وتجهيزات الشركة وحمايتها خلال هذه الفترة، وأضاف: منذ عام 1990باع والدي قطعة ارض وما نملك من ذهب، وشارك بعدد من الأسهم في هذه الشركة، ومنذ ذاك الحين لم نستفذ بأي شيء كباقي الشركاء ولم يُنصفنا القضاء، وعندما حاولنا إقناع صاحب الشركة بتعويضنا عن تلك المبالغ حاول التملص وإرضاءنا بمبلغ زهيدة. فلجأنا إلى رجال الدين والوجهاء وحكموا بيننا بمبلغ تعويض وافق عليه الطرفين على ان يسدد قبل نهاية العام السابق، وبعد الانتظار ومحاولة التواصل مع الادارة والمالك الأساسي، تنصل الجميع من الاتفاق، فقمنا باقتحام المعمل وطرد الاداريين وعددهم لا يزيد عن عشرة اشخاص لأن المعمل متوقف ولا يوجد عمال.
ويتابع اشتي أنه بغياب القانون العادل والجهات القادرة على حماية الناس وأرزاقهم فلن يخرج من هذا المكان قبل أن يحصل على حقه كاملاً وحقوق المساهمين بهذه الشركة، أو عزل وإبعاد المالك الأساسي وإعادة تشغيل المعمل بإدارة جديدة وبمشاركة من جميع المساهمين وضمن إشراف مباشر منهم.
فيما أوضح مصدر مقرب من إدارة الشركة لشبكة “الراصد” المحلية إن المجموعة التي استولت على المعمل تطالب بمبلغ 200 ألف دولار، أو سيستولون على الشركة وانهم قد أبلغوا الوجهاء ومشايخ العقل بذلك. وتحدث نفس المصدر عن احتجاز عدد من الموظفين وطرد الباقي خارج الشركة، كما أكد سحب جميع السيارات إلى خارج أسوار الشركة. لكن اتضح إن المعمل والعاملين به لم يمسوا أبداً بسوء.
ورد اشتي على اتهامات رئيس مجلس إدارة الشركة إن والده اشترك بما يعادل اثنان كيلو ونصف ذهب في العام 1990، أي ما يعادل 200 ألف دولار في الوقت الحالي دون أي أرباح طوال 34 عام، والشركة قدرت المبلغ ب 200 دولار فقط؟.
وتُعتبر شركة عصير الجبل المساهمة “المالك للمعمل” من أكبر الشركات وأقدمها في محافظة السويداء وكان قد اسسها رجل الأعمال “شحادة صلاح الدين” بعد عودته من “فنزويلا” في مطلع العام 1990 برأس مال 400 مليون ليرة سورية جمع معظمه من ابناء المحافظة بعدما أشركهم بنظام الحصص السهمية حيث كانت قيمة السهم الواحد 500 ليرة سوري.
أحد المساهمين في الشركة قال لصدى الشام “لقد استبشرنا خيراً في بداية الإعلان عن الشركة وبالأخص إنها كمشروع تُعتبر استثمار ناجح لموارد المحافظة الزراعية من عنب وتفاح وتين وحبوب وغيره من المنتجات الزراعية، واندفعنا للاشتراك بها حتى بلغ عددنا 1700 مساهم، واضعين ثقتنا بالمؤسس، ووعوده الكثيرة بالإنتاج والتصدير وبتشغيل أعداد كبيرة من العاملين من أبناء المحافظة. وصبرنا في السنوات الأولى لانطلاقة العمل دون أن ينالنا اية فوائد أو أرباح، تحت ذرائع عدة من مجلس الادارة، ابتداءً من المنافسة ومنع التصدير والعوائق القانونية والفساد الاداري والجمركي وغيره من الحجج التي أظهرت خسائر دائمة للشركة طوال 30 عام. فبدأت قيمة الأسهم تتراجع مع تراجع الانتاج وانخفاض قيمة الليرة حتى وصلت هذه إلى أقل مستوياتها؛ في الوقت الذي حافظت فيه الأسهم على قيمتها بالليرة السورية مع تغير طفيف بالقيمة لا يعوض على المستثمرين جزء بسيط من حقوقهم.
وأكد أحد العاملين في القصر العدلي في السويداء لصدى الشام؛ إنه بعد بداية عمل الشركة بعامين تقريباً؛ بدأت ترد إلى محاكم السويداء عدد من الشكاوى التي ما لبثت أن اصبحت ادعاءات رسمية من عدد من المساهمين على إدارة الشركة، وكان فحواها عموماً هو عدم الاستفادة من الارباح واتهامات تطال الإدارة والمؤسس بالاحتيال على المساهمين، إلى أن أصبح في القصر العدلي عدد كبير من الدعاوى على الشركة التي يصعب حلها.
عدد كبير من المتابعين لهذا الحدث في السويداء أظهروا تعاطفاً كبيراً مع الفصيل المسلح، وأيدوا طريقة هذه المجموعة لتحصيل الحقوق في غياب العدالة وخلال تآمر من الجهات الأمنية مع صاحب المعمل والتزامها خلال السنوات الماضية في دعمه وحمايته، في حين طالب آخرين من الضابطة العدلية الفصل في الدعاوى المقدمة على الشركة وإعادة حقوق المساهمين.
تم إنتاج هذه المادة من خلال مشروع ربط طلاب الإعلام بسوق العمل الحائز على جائزة (ivlp impact) ضمن مشروع الزائر الدولي التابع لوزارة الخارجية الأميركية”.