حسام جبلاوي
ارتفعت أعداد المجنسين السوريين وفق نظام الجنسية الاستثنائية في تركيا بحسب آخر إعلان لوزير الداخلية التركي علي يرلي كايا إلى 237 ألفاً و995 شخصاً، وذلك من أصل 3 ملايين و254 ألفاً و904 سوريين يقيمون في البلاد وفق بند الحماية المؤقتة. من بينهم 156 ألفاً و987 شخصاً ممن أتم سنّ الـ 18 عاماً وما هو ما يؤهلهم للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة.
ورغم مضي أكثر من 7 سنوات على انطلاق منح الجنسية الاستثنائية يزداد القلق في أوساط اللاجئين السوريين بسبب إيقاف ترشيحات منح الجنسية التركية “الاستثنائية” للسوريين وتجميد ملفات من كانوا في مراحل الجنسية منذ عدة أشهر، وسط صمت من الحكومة ووسائل الإعلام الرسمية.
ينتظر عماد الرشيد وهو طالب جامعي في السنة الرابعة منذ أشهر طويلة تحرك ملفه العالق بالمرحلة الرابعة بعد تقديم أوراقه قبل عام ونصف. بدء اليأس يدخل قلبه بعد مراجعته المتكررة لدائرة النفوس وسؤالهم عن ملفه لكن الإجابة كانت ذاتها:” أمور الجنسية الاستثنائية حاليا متوقفة ولا نملك معلومات عن موعد استئنافها عليك الانتظار فقط”.
يقول الرشيد لموقع “صدى الشام” إن مسألة الجنسية هي كل ما يشغل تفكيره حاليا لأنها تحدد مستقبله موضحا كلامه بالقول:” الفرع الذي أدرسه طب الأسنان مرتبط بالجنسية لا يمكنني العمل بحرية دونها وعدم حصولي عليها سيحد كثيرا من فرصي ويفرض على البحث عن عمل في الخارج”.
ووفق القانون رقم 1219 يشترط الجنسية التركية كشرط من شروط العمل في مهن طب الأسنان، التوليد، ورعاية المرضى.
تنتظر المعلمة السورية نهى عبد العال منذ سنوات تلك الرسالة أو الاتصال الذي يبشرها بترشح اسمها للجنسية الاستثنائية. ورغم مراجعتها مرارا وتكرار لدائرة الهجرة في أنطاكيا جنوب تركيا، وإرسالها “ديليكشة” إلى مديرية الهجرة في أنقرة للحصول عليها إلا أن آمالها لم تتحقق حتى اليوم.
تقول نهى في حديث لموقع “صدى الشام” إن الجنسية حلم لآلاف السوريين المقيمين في تركيا لأنها تعني لهم الاستقرار وزوال الخوف الدائم من الترحيل، كما أنها تمنح أبناءها فرصة لبناء مستقبلهم في هذا البلد الذين ولدوا وكبروا فيه. مضيفة:” وصلت إلى هنا منذ عام 2012 وأنجبت أولادي الثلاثة هنا”.
وبينما يستمر العمل بقوانين منح الجنسية العامة للسوريين من خلال الإقامة العائلية أو إقامة العمل والاستثمار، توقف العمل بمنح الجنسية الاستثنائية فجأة دون أي إعلان رسمي منذ وصول الحكومة الجديدة عقب انتخابات حزيران الفائت.
ما هو نظام الجنسية الاستثنائية؟
والجنسية الاستثنائية بدأ منحها لسوريين منذ عام 2016 بقرار من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وشملت في المراحل الأولى معلمين وأطباء وحملة شهادات الدراسية وتوسعت لاحقا لتشمل مهنيين وطلاب جامعات وحملة إذن العمل.
وتستند الجنسية الاستثنائية إلى المادة 12 من قانون الجنسية التركية ذي الرقم 5901، ويشمل تقديم الجنسية التركية إلى الأشخاص الذين يقيمون منشآت صناعية في تركيا، أو الذين يتقدمون بخدمات رائدة في مجالات البحث العلمي، والمجالات الاقتصادية، والتقنية، والصناعية، والفنية، والثقافية، أو الذين يتقدمون بعروض تنتج عنها مثل هذه الخدمات.
وتمر مراحل الجنسية الاستثنائية في 7 مراحل أولها تسجيل الطلب على النظام، والبدأ في الاجراءات، والثانية ارسال المستندات الى المديرية العامة، ثم تتضمن مرحلة التدقيق من قبل الجهات المختصة والتقييم، في حين تعتبر المرحلة الرابعة هي الأصعب ومعظم الملفات تقف عندها لأشهر وبعضها لسنوات.
لماذا توقفت الجنسية الاستثنائية؟
في شهر تموز الفائت أي مع تعيين الحكومة الجديدة كشفت صحيفة” Türkiya Gazetesi” أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصدر تعليماته بشأن تشديد الحصول على الجنسية التركية، وأكد على ضرورة تسريع الجهود لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وبحسب الصحيفة أشار وزير الداخلية علي يرلي كايا خلال اجتماع له مع الرئيس التركي إلى بعض التجاوزات في عملية حصول الأجانب على الجنسية التركية، وأوضح أنه يتعين فرض قيود جديدة على الجنسية التركية التي تُمنح بشكل استثنائي. وأكدت الصحيفة على أن أردوغان طالب بتشديد شروط منح الجنسية التركية.
من جانب آخر كشف محامي مطلع على سير ملفات الجنسية الاستثنائية ويعمل بها منذ سنوات موقع صدى الشام على حركة شؤون التجنيس الاستثنائية.
وقال المحامي الذي فضل عدم ذكر اسمه إن تقييمات الأشخاص والملفات بهدف الترشيح للجنسية، وإعداد قوائم ترشيح خاصة ببعض الولايات لا زالت تعمل. بينما الاستدعاء للجنسية كاتصال أو رسالة نصية متوقف، كما أن إجراء مقابلة الجنسية وتقديم الملفات متوقف. وأضاف أن سير مراحل الجنسية الأولية من الأولى حتى الرابعة يعمل، بينما سير مراحل الجنسية الأخيرة من الخامسة حتى استلام القرار متوقف.
ورأى أن الايقاف يعود لعدة أسباب منها ظاهر معلوم ومنها غير معلوم. وأوضح: “المعلوم هناك إدارات جديدة تم تعيينها في النفوس العامة ويجري الآن وضع آليات عمل ونظم جديدة لمنح الجنسية وسير مراحلها لكن متى ينتهي هذا العمل غير معلوم.
كما أكد أن هناك اجتماعات دورية بالفترة الأخيرة على كامل مستويات صف العمل في دوائر النفوس بكل الولايات لمناقشة آليات عمل قسم التجنيس. وأردف: “لا يوجد أي توضيح رسمي بخصوص الايقاف أو متى ستعود عجلة لعمل للحركة، لكن هناك توقع بالعودة مع بداية العام الجديد”.
ملفات مضى عليها سنوات
من جانب آخر يشكو آلاف من السوريين ممن طُلبوا للحصول على الجنسية، قبل سنوات، من ملفاتهم العالقة وبأنهم لا يعرفون مصيرها.
حسام عربش واحد من هؤلاء السوريين الذين قدموا أوراقهم منذ عام 2020 وحتى اليوم لا زال ملفه في المرحلة الرابعة دون أي تغيير. يقول “عربش” لموقع “صدى الشام” إن حاله مشابه للكثير من السوريين الذين طلبوا للجنسية وقدموا أوراقهم ثم جمدت ملفاتهم دون أسباب واضحة. مضيفا أنه يتمنى الخلاص من الانتظار وايضاح مصير ملفه حتى يتمكن من بناء مستقبله.
وأكد عربش أن عددا من رفاقه الذين رشحوا وتوقفت ملفاتهم مثله فضلوا الهجرة نحو أوروبا على الاستمرار بانتظار المجهول.
“تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان”