تقع هذه المدينة السورية الجميلة غرب مدينة حلب، وقد بلغ عدد سكانها ما يزيد
عن خمس وسبعين ألف نسمة، لكن اسمها أصبح محفورا في ذاكرة التاريخ وذاكرة الإنسان
السوري، فلم تعد مجرد مدينة صغيرة في الشمال السوري، إنما أصبحت عاصمة من عواصم
هذه الثورة النبيلة.
لهذه المدينة إطلالة ساحرة وجمال طبيعي بسبب
وفرة السهول الزراعية حولها. ويعمل معظم سكانها بالزراعة فتُنتج كافة أنواع الحبوب
والفواكه والخضروات، من أراضٍ زراعية تمتد على مساحات شاسعة. تتبع لهذه المدينة
عدة قرى وبلدات، أهمها السحارة التي تقع على جبل تحيط به سلسلة من الجبال، والتي
تتمتع بجمال طبيعي قلما يتكرر، وبلدة كفرعمة، كفرنوران، الأبزومو، كفرحلب، كفر
كرمين، ومعارة الأتارب. للأتارب أهمية تاريخية إذ أنها تحوي العديد من الآثار
والمواقع الأثرية، ولعل أشهرها هو حصنها المعروف المسمى بحصن الأتارب، والذي يقع
على مسافة ثمانية كيلو متر إلى الغرب من بلدة عفرين، بالإضافة لوجود تل أثري وعدد
كبير من المباني التاريخية، منها قلعة دير عمان الواقعة في بلدة السحارة، وهي من
القلاع الرومانية القديمة.
شاركت هذه المدينة الصغيرة ثورة الشعب السوري
منذ شهر آذار عام 2011، في مظاهرات كبيرة. وكحال كل المدن السورية، قوبل نشطاؤها
بالاعتقال والضرب، وأحيانا بالقتل. تكرر استعمال العنف في مواجهة مظاهراتها مما
أدى لتواجد منظمات مسلحة فيها لحماية حراكها المدني، وهذا ما زاد من عنف النظام
عليها وجعل عدد شهدائها يزيد عن ثلاث مائة وأربعين شهيدا. ولعل مجزرة سوق الدم في
24/4/2014، والتي راح ضحيتها أكثر من أربعين مدنيا، ستحكي قصة الأتارب إلى الأبد.
لكنه كان على هذه المدينة الصغيرة الرائعة أن
تقاتل أيضا تنظيم داعش الذي اقتحمها، والذي حاول تخريب ثورة السوريين، لتسمى
الأتارب الصغيرة بقاهرة الدولتين.
صدى الشام موقع يهتم بما وراء الحدث