على صفحة تلفزيون
الدنيا على الفيس بوك، تقرير ميداني قامت بتصويره وإعداده كاملاً قناة
“آنا” نيوز الروسية، وقامت بترجمته
صفحة ترو تيوب التابعة كما هو واضح، لما يسمى بالجيش الإلكتروني السوري،
التابع بدوره كلياً لإدارة المخابرات، وفي شرح للعملية وضعته صفحة تلفزيون الدنيا
تفيدنا أن الهدف أو المهمة هو فرض السيطرة على البيوت العربية المؤلفة من طابق واحد، والتي
كانت تشكل مقرات ودهاليز قاتلة… حيث استخدمها الإرهابيون كشبكة وصل فيما بينهم عبر
حفر الأنفاق واستخدام الجدران كممرات وتفخيخ الطرقات.. دخلت
وحدات الجيش السوري المقاتلة مدعومة بالدبابات وتمكنت فرق الهندسة من تفكيك الألغام.. وفي
النهاية تم فصل جوبر عن زملكا وقطع الإمداد عن المسلحين.
لكن التقرير الذي
تبلغ مدته 12 دقيقة و16 ثانية لا يقول ذلك أبداً، ولا يعرض أياً من التفاصيل التي
يذكرها المراسل الروسي المبتسم، فالعملية منذ لحظتها الأولى صورت عدداً من
الدبابات التابعة لقوات النظام وهي تقصف الأبنية السكنية، في منطقة جوبر على ما
يبدو، وتقوم بهدم الجدران والبيوت الخالية تماماً من السكان، فيما مجموعة من
الجنود “الكومبارس” يتنقلون مرافقين للمراسل الذي يظهر بينهم، وهم
يدخنون السجائر، ويتبادلون النكات، وقد يطلقون زخات من الرصاص في الهواء لإضفاء
نوع من التشويق على التقرير، الذي لم نلمح فيه قناصاً قال المراسل إنه استهدف
المصور المرافق له وكاد أن يحطم كاميرته، ولم نر أي مجموعة من المسلحين الذين اشتبك معهم مقاتلو قوات
النظام، بل إن عملية نزع الألغام من البيوت الملغمة كما قال لم يرها المشاهدون، بل
اكتفى هو بسرد قصة مرافقة لعمليات القصف والتدمير التي تقوم بها الدبابات والغبار
ينتشر حولها، وهي تتقدم في الطرقات.
التقرير كان أشبه
باستعراض لعملية من طرف واحد، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال عرض الطرف الآخر، بل
إن المراسل وفي الدقيقة 9:40 ثانية قال إن الدبابات لن تستطيع التقدم أكثر خشية أن
يتم استهدافها بقذائف الهاون من قبل المسلحين الموجودين في أقبية البنايات، ولذلك
فقد انطلقت قوات المشاة لتنفيذ هذه العملية، طبعاً لم نر قوات المشاة تنطلق، بل
رأينا الدبابة تتراجع إلى الخلف في آخر التقرير تاركة دماراً هائلاً، لا بد أن
ينسى الإعلام الحكومي من تسبب فيه، وسيقوم بنسبته في تقرير لاحق للعصابات
الإرهابية كما هي العادة دائماً، ولعل الأمر المستغرب أن المراسل يختم تقريره بخبر
لم يكن متوقعاً إذ إن قائد عربة البي إم بي صلاح والقاذف الذي كان معه راني قد
“استشهدا” حسب تعبيره، ولكن كيف استشهدا ونحن رأينا في التقرير أنه
انسحب بعربته ليخلي الطريق للمشاة كي يتقدموا. بل إن المراسل وعلى طريقة مراسلي
إعلام النظام ودع “المقاتلين” بمرثية بطولية: فقد استشهد هؤلاء الأبطال
المدافعون عن وطنهم، لن ننساهم أبداً!!!
هكذا تتم صناعة
الكذب، ولا يقتصر الأمر على أكاذيب يجود بها فلاديمير بوتين، وسيرغي لافروف، بل إن
إعلام روسيا شريك فعلي وحقيقي في تزييف الحقيقة، وفي قتل السوريين.
أكاذيب
بالجملة
قد يكون بشار الأسد
خلال الأسبوعين الماضيين ضرب رقماً قياسياً في الظهور التلفزيوني، من خلال مجموعة
من اللقاءات التي تظهره في المكان نفسه، فيما يفترض أنه “مكتبه”، وعلى
الكرسي نفسه، ويتحدث بالطريقة نفسها دون زيادة أو نقصان، ويوزع “حكمته”
بالطريقة نفسها، وهو يعتقد أن من يجرون معه اللقاء يصدقون ما يقوله أصلاً، وهو لا
يتوقف عن تصنع خفة الدم، كما هي عادته، ويتظاهر بأنه متماسك، وأنه على حق، ولعل
خير توصيف لحالته التلفزيونية تلك هو أنه شخص بعيد كلياً عن الواقع، وهو
“معتوه” لا يعلم عن أي شيء يتحدث، ففي لقاء أخير مع قناة خلق التركية،
نفى بشار الأسد كلياً وجود معتقلي رأي في سوريا، أو أي تضييق على حرية الصحافة، بل
وعاد ليكرر أكذوبته السمجة عن وجود معارضة سياسية في سوريا، طبعاً لا شك بأنه كان
يقصد “قدري جميل” و”علي حيدر” و”جماعة هيئة
التنسيق” علماً أن أحد قياديي هيئة التنسيق هو عبد العزيز الخير ما زال
معتقلاً منذ أشهر، ولا يجرؤ رفاقه في الهيئة المذكورة السؤال عنه، ولسنا في وارد
الحديث عن عشرات آلاف المعتقلين ومن بينهم زملاؤنا مازن درويش ومهند العمر، وهؤلاء
صحفيون اعتقلوا من قبل قوات النظام، وكان حرياً بمراسلي التلفزيون التركي أن
يمتلكا الشجاعة ليفندا الأكذوبة التي أوردها الأسد على أن تركيا تعد واحدة من أكثر
دول العالم خطراً على حرية الصحافة، وإلا فكيف تتمكن قناة تركية أن تجري لقاء مع
“رئيس” معتوه، يهاجم رئيس وزراء الدولة التركية، ويبث اللقاء كاملاً دون
اجتزاء، هل تستطيع قناة الدنيا مثلاً أن تجري لقاء مع إردوغان، أو مع أي مسؤول
عربي أو غربي وينتقد السياسة “الحكيمة” لسيادته؟؟.
صدى الشام موقع يهتم بما وراء الحدث