محمد همام زيادة
(ع المعبر ع الموت)
(ع المعبر
ع الموت ….مابهمنا الكروز)، (ع المعبر ع الشيراتون – الشيراتون هي المدينة الجامعية
سكن للنازحين)، هذا جزء من عبارات بتنا نسمعها يومياً من
معاوني باصات الأجرة، ساخرين من الحال الذي وصلت إليه المدينة .
أزمة المحروقات
مع بدايات
دخول الجيش الحر إلى حلب، حرم النظام المدينة من الوقود, فتعطلت جميع الكازيات العاملة
في الريف والمدينة, وامتلأت أرصفة الشوارع بمختلف أنواع الوقود المهرب, الأمر الذي
جعل المواطن لعبة بيد المهربين وتجار السوق السوداء, بعد تقطع الطرق وتقلص حجم المدينة
الواقعة تحت سيطرة النظام إلى أقل من النصف، انتقلت معظم الباصات التي تعمل على خطوط
الريف للعمل ضمن المدينة, الأمر الذي شكل حالة ازدحام مروري خانقة.
يروي
لنا أبو صلاح :” لم تدخل نقطة بنزين أو مازوت إلى المدينة منذ العام الماضي، منذ
شهرين فقط تذكر النظام أن لديه الطريق العسكري, فاستجلب المحروقات وشغل بعض الكازيات،
وباعنا لتر البنزين بمائة ليرة، ولكن من أجل الحصول على عشرين ليتراً عليك بدفع ألفين
ليرة للشبيح الذي ينظم الدور على الكازية, واليوم بعد سيطرة الجيش الحر على منطقة خناصر
عاد الوضع كما كان, يصل سعر البنزين في بعض الأيام إلى الألف ليرة, والمازوت إلى الأربعمائة
ليرة, وبعد عام استنتجت أن النظام هو من يتحكم بهذا الموضوع, فكبار المهربين يعملون
لصالح ضباط الأمن الكبار في المدينة, فبعضهم يهرب المحروقات من قطع الجيش وبعضهم الآخر
يهربها من العراق، حيث انتشر المازوت الأحمر والأخضر والأسود غير الصالح للسيارات،
ومصدره العراق والمصافي اليدوية في حقول دير الزور والتي تسيطر عليها عشائر من أبناء
المنطقة، وكتائب من جبهة النصرة “.
ويقول
لنا نضال الطالب الجامعي: “أثناء عودتي من اللاذقية ,لاحظت أن الباص مليء بخزانات
الوقود المهرب والكثير من اسطوانات الغاز, وهذا أمر خطير، فالطريق يشهد اشتباكات متواصلة,
وأي رصاصة تصيب الباص تهدد بانفجار الباص مع الركاب ,فهو معبأ بالمواد الخطرة!”.
غلاء قطع الغيار
الحصار
الاقتصادي وتقطع الطرق وانهيار الليرة جعل أسعار كل شيء مضاعفاً.
يروي
باسل أحد تجار قطع غيار السيارات:” أستورد قطع غيار السيارات الأمريكية، وبعد
فرض الحصار الاقتصادي على سوريا في بداية الأحداث، صرت أنقل البضاعة إلى كندا ثم إلى
سوريا عن طريق البحر, وهذا الأمر جعل سعر القطع مضاعفة, كما أضطر لدفع إتاوات لحواجز
الجيش الحر والنظامي لنقلها من الساحل إلى حلب الشرقية وهنا المشكلة الأكبر، لأن الهيئة
الشرعية لا تسمح بدخول مثل هذه البضاعة إلى القسم الغربي, فأضطر إلى دفع مبالغ كبيرة
من تحت الطاولة لحاجز الجيش الحر المرابط عند معبر الحجز لتمريرها إلى مستودعاتي”.
التاكسي والغلاء
يروي
محمد سائق التاكسي وهو مهندس مدني: “بعد إغلاق شركتي وسفر صاحبها إلى الخارج,
بحثت عن عمل أستطيع أن أعيل من خلاله عائلتي ولم أجد, فقررت أن أضع لصاقات صفراء على
سيارتي دلالة على أنها سيارة أجرة عامة, أشعر بالخجل قليلاً كوني مهندس وأعمل سائق
تكسي, ولكن ليس هناك حل آخر أريد أن أتدبر أمور بيتي.”
أما
نور فيتحدث عن معاناة سيارات الأجرة وأسبابها:” البنزين قليل, وسعره متقلب, في
الصباح يكون مثلاً بخمسمائة ليرة وفي المساء بستمائة ,هذا التقلب يجعل الراكب يتذمر
ويحتج متهماً السائق بالسرقة, كما أن غلاء قطع الغيار جعل الإقبال على سيارات الأجرة
قليلاً جداً, بعد عمل عشر ساعات يومياً أكون قد وفرت خمسمائة ليرة سورية، لا تكفي ثمن
الخبز اليومي لبيتي”.
المواطن وغلاء المواصلات
يعاني
المواطن في المدينة من غلاء أجور المواصلات العامة وتقلبها, ولجأ المواطنون في المدينة
إلى الاستعاضة عن وسائل النقل بالمشي أو ركوب الدرجات الهوائية.
يقول
لنا محمد:” أنزل في الصباح إلى عملي في حي الجميلية بأربعين ليرة، وأرجع مساء
بخمسين ليرة, فالأجرة تتبع سعر المازوت في السوق السوداء”.
تروي
لنا المهندسة ديمة القاطنة في حي حلب الجديدة :”أحتاج أنا وزوجي للوصول إلى عملي
يومياً ثلاثمئة ليرة، لذلك قررنا أن نمشي بدلاً من وسائل النقل العامة, وبذلك نوفر
الأجرة لشراء حاجتنا من الخبز، فثمن الربطة مئتين من الليرات”.
هذا
ويبدع الإنسان الحلبي وسائل نقل يومية للتخفيف من المصاريف، كوضع أبنائه في عربات كانت
مخصصة البارحة من أجل نقل البضائع.
إتاوات وسرقة
تفرض
حواجز الأمن والشبيحة إتاوات يومية على السائقين العموميين بدءاً من علبة السجائر،
وصولاً لمصادرة السيارات, ومن أجل أن تمر أي سيارة عامة بالقرب من الحاجز عليها أن
تدفع ضريبة يومية من علب للسجائر ووجبات للطعام .
يروي
لنا أبو محمد سائق سيارة أجرة: “أوقفني حاجز بالقرب منطقة الميدان، وطلب مني أفراده
أن أوصلهم إلى منطقة سليمان الحلبي، وعندما عبرت لهم عن خوفي لأن المنطقة تشهد اشتباكات
حامية, أنزلوني من السيارة بقوة السلاح وذهبوا بها, ولم يعيدوها إلي، وعندما راجعت
الضابط المسؤول عن المنطقة أجانبني: (السيارة فدا الوطن…عم نضحي برواحنا كرمالكن
ما بتضحي بسيارتك),وأعمل الآن معاوناً في باص نقل داخلي من أجل أن أؤمن خبز يومي”.
صدى الشام موقع يهتم بما وراء الحدث