صدى الشام - مثنى الأحمد/
يُصنف ناديا ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيّان في نظر أغلب متابعي كرة القدم على أنهما الأكبر والأشهر والأقوى على مستوى أندية أوروبا والعالم أجمع، حيث تجتمع البطولات والألقاب والأمجاد الكروية التي تجعل من اللعب لأحد الناديين حلماً يسعى كل لاعب إلى بلوغه.
وتكثر التفاصيل والمغريات التي تجعل من الريال والبرسا الوجهة المفضلة للاعبين، حيث المنافسة الدائمة على أعلى مستويات، والرواتب المرتفعة والأضواء والشهرة التي تُقصّر المسافات نحو الألقاب الفردية ولعل أهمها الحصول على الكرة الذهبية، فضلاً عن فرصة خوض موقعة الكلاسيكو بالتحديد والتي تمثل المشاركة بها شرفاً يحلم أي لاعب أن يناله.
ويسعى كثير من لاعبي كرة القدم في العالم وفق هذا المنظور بالحصول على فرصة الانضمام لعملاقي الكرة الإسبانية اللذين يعتبران الأكثر استقطاباً لنجوم الساحرة المستديرة وأبرزهم.
لكن وبالمقابل يكشف التاريخ من جهة أخرى عن لاعبين رفضوا ارتداء قميصَ أيّ من الناديين رغم جميع الميزات التي يُقدمانها، فمن هم هؤلاء اللاعبون؟ وما هي دوافعهم لاتخاذ هكذا قرار؟
عاد إلى بيته
يُعتبر الفرنسي بول بوغبا أحد أبرز لاعبي خط الوسط بالعالم خصوصاً خلال السنوات التي أمضاها مع نادي يوفنتوس الإيطالي، وهذا التألق حينها كان كفيلاً بتوجيه أنظار عدة أندية نحو اللاعب وفي مقدمة هؤلاء ريال مدريد.
بعد نهاية يورو 2016 عرف الميركاتو في ذلك الصيف رغبة قوية من زين الدين زيدان بضم مواطنه إلى صفوف الملكي كأول صفقة يُجريها منذ توليه مهمة الإشراف الفني على النادي الذي لم تكن إدارته لترفض أي طلب لمدربها بعد أن أعاد لقب دوري أبطال أوروبا إلى خزائنها.
وأكد مينو رايولا، وكيل اللاعب في تصريحات سابقة رغبة زيدان بلعب مواطنه في مدريد، لكنه صُدم باشتياق بوغبا إلى أجواء ملعب “أولد ترافورد” وناديه السابق مانشستر يونايتد الذي تكوّن بين جدرانه قبل أن يرحل إلى يوفنتوس بصفقة انتقال حر بعد أن ملّ الجلوس على مقاعد البدلاء في عصر “السير” أليكس فيرغسون؛ المدرب الأشهر للشياطين الحمر.
ورغم أن ريال مدريد كان قد قام بوضع 120 مليون يورو على طاولة يوفنتوس مقابل التعاقد مع بوغبا (بحسب لاغازيتا ديلو سبورت الإيطالية)، إلا أن مسؤولي مانشستر هم من نجحوا في حسم الصفقة وبمبلغ يقلّ عن ذلك المقدم من الريال، مستغلين في ذلك رغبة اللاعب الذي صرح فور وصوله لإنجلترا بأنه كان في رحلة والآن عاد إلى منزله.
لا لتغيير الأجواء
شهد موسم 14-2013 تألقاً لافتاً للاعبي أتلتيكو مدريد أدى في نهايته إلى تتويج ناديهم بلقب الدوري الإسباني بعد غياب 18 عاماً، ومن بين هؤلاء اللاعبين الذين كان لهم فضل في تحقيق هذا الإنجاز نجم خط الوسط خورخي كوكي الذي بات حينها مطلباً لكبرى الأندية الأوروبية.
حاول برشلونة في ذلك الوقت استغلال العلاقة الطيبة التي تربطه مع الأتلتي للظفر بخدمات كوكي الذي كان الخيار الفني الأول بالنسبة للنادي الكتالوني الباحث عمّن يعوّض رحيل تشافي هيرنانديز، حيث تحدثت وسائل الإعلام في إسبانيا عن استعداد برشلونة لدفع 60 مليون يورو آنذاك، وهي قيمة فسخ عقد اللاعب في سبيل ضمه لكتيبة المدرب لويس إنريكي مدرب البرسا وقتها.
وكان من شأن توقيع كوكي على عقد انتقاله لبرشلونة أن يجعله أغلى لاعب إسباني في التاريخ حتى ذلك الوقت، لكن هذا الأمر لم يُغرِ اللاعب الذي رفض ارتداء قميص البرسا مفضلاً عدم تغيير الأجواء والبقاء مع ناديه على اللعب بجوار نجوم كبار مثل ليونيل ميسي وأندريس إنيستا.
عشقه منعه
سعى ريال مدريد في موسم 2003/2004 إلى التوقيع مع الإيطالي فرانشيسكو توتي ليكون جوهرة أخرى من بين الجواهر التي جمعها النادي الملكي في تلك الفترة، حيث كان الفريق حينها يضم لاعبين كبار بقيمة زين الدين زيدان والظاهر البرازيلية رونالدو مع لويس فيغو وغيرهم، إلا أن تعلّق توتي بنادي العاصمة الإيطالية حال دون تحقيق فلورنتينو بيريز لمسعاه رغم المغريات الماليّة الكبيرة التي قدمها للاعب.
رفض الانضمام لريال مدريد كشف عنه قائد روما وأسطورته الخالدة في أكثر من مناسبة عبّر من خلالها عن فخره بأنه لم يرتدِ غير قميص ذئاب العاصمة الإيطالية طوال مسيرته الكروية، ومما قاله “لا أشعر بأي ندم بعد رفضي الانتقال لريال مدريد في 2004، لقد كانت هناك مشاكل في روما وقتها ولكن تم حلها فقررت البقاء”.
ورغم رفضه ارتداء القميص الأبيض، حظي توتي بحفاوة بالغة من قبل الجمهور المحتشد في مدرجات “سانتياغو برنابيو” معقل الفريق الملكي لدى نزوله أرض الملعب محل ستيفان الشعراوي، في المباراة التي جرت في شهر آذار من عام 2016، ضمن إياب دور 16 من دوري الأبطال، الأمر الذي جعل مشاعر اللاعب تختلط مع بعضها في تلك اللحظة ليخرج في تصريح يصف فيه عدم انتقاله للريال بالخطأ الوحيد الذي ارتكبته في مسيرته الاحترافية.
وقال توتي في تصريحات لشبكة “ميدياست” الإيطالية “كان ذلك مؤثراً جداً، ربما يمكنني فقط أن أتأسف لعدم إتاحة الفرصة لي للعب في صفوف ريال مدريد، ولكن ذلك التصفيق الحاد، دليل على أنني فعلت الكثير من أجل كرة القدم”.
نصيحة أب
زار حارس المرمى الإيطالي جيانلويجي بوفون ملعب “كامب نو” الخاص بنادي برشلونة في أكثر من مناسبة بحكم مشاركاته القاريّة مع ناديه يوفنتوس، لكنه كان على وشك القيام برحلة دائمة إلى كاتالونيا قبل التوجه إلى تورينو من بارما.
في صيف 2001 كان نادي برشلونة ينتظر بفارغ الصبر اختيار بوفون لناديه الجديد بعد أن قرر الرحيل عن بارما، حيث كان مسؤولو النادي الكتالوني على اتصال مباشر مع عائلة الحارس الصاعد حينها بقوة في سماء الكرة الأوروبية على أمل إقناعهم بمجيء ابنهم إلى إسبانيا، لكن محاولة الكتلان باءت بالفشل بعد استقرار بوفون وعائلته على خيار الانضمام ليوفنتوس.
وأكد سيلفانو مارتينا؛ وكيل أعمال بوفون أن موكله كان قريباً من التوقيع مع برشلونة عندما غادر بارما، قبل أن يتخذ قراره في نهاية المطاف بالتوجه إلى مدينة تورينو، حيث كان هناك اتفاق بين بارما والبرسا، لكن الحارس في النهاية اختار يوفنتوس.
وسبق لـ بوفون أن تحدث عن اهتمام برشلونة به مشيراً إلى دور والده الذي نصحه بالانضمام ليوفنتوس، معللاً ذلك بأن برشلونة لم يكن بنفس قوة هذه الأيام.
الوفاء لـ أنفيلد
سعى ريال مدريد بكل قوة للتعاقد مع اللاعب الإنجليزي ستيفن جيرارد في أكثر من مناسبة كان أولها موسم 2006/2005، بعد فوزه مع ناديه ليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا أمام ميلان.
وتقدّم الريال بعرض جدي لقائد ليفربول تحدثت عنه صحيفة “ماركا” المقربة من النادي الإسباني حين أكدت وقتها أن جيرارد أعطى الموافقة من أجل الانتقال إلى مدريد، حيث كان لاعب خط الوسط ضمن مخططات فلورنتينو بيريز.
ومع موافقة اللاعب التي حصل عليه ريال مدريد توصل بيريز إلى اتفاق مع الفريق الانكليزي، لكن عندما كانت المفاوضات تسير في مراحلها الأخيرة، تراجع اللاعب وغيّر رأيه مخيباً آمال جماهير “سانتياغو برنابيو” رافضاً ترك ليفربول.
وحاول ريال مدريد التعاقد مع جيرارد مرة أخرى، في الفترة التي كان فيها جوزيه مورينيو مدرباً للملكي، في محاولة من البرتغالي لسد الضعف الذي كان فريقه يعاني منه على مستوى خط الوسط في تلك الأيام، قبل مجيء الألماني توني كروس، لكن ستيفن رفض مغادرة ملعب “أنفيلد رود” مرة أخرى.
آخرون
تطول قائمة الرافضين لفكرة الانتقال إلى العملاقين ريال مدريد وبرشلونة ولا تقتصر على النجوم السابق ذكرهم، إذ سبق وأن صرح كلاوديو باسكوالين؛ وكيل أعمال النجم الإيطالي أليساندرو دل بييرو أن موكله رفض خلال فترة تواجده مع يوفنتوس الانتقال إلى مانشستر يونايتد وبرشلونة، بسبب عشقه الذي لا يوصف “للسيدة العجوز” على حد تعبيره.
كما فشل الريال في إقناع الإسباني فرناندو توريس بالانضمام لصفوفه، رغم أن اللاعب كان أحد الخيارات الهجومية التي يسعى خلفها الملكي، لكن تعلق “النينو” بفريقه أتلتيكو مدريد جعله يرفض الانتقال للغريم مفضلاً الابتعاد عن الـ “ليغا” والرحيل إلى ليفربول.
وهناك أيضاً الإسباني الآخر دافيد سيلفا الذي رفض النادي الملكي ولم يندم أبداً على هذا القرار كما أشار هو بنفسه وفضّل الانتقال إلى مانشستر سيتي الإنجليزي.
وفعل الفرنسي باتريك فييرا الشيء ذاته عندما قرر مغادرة أرسنال في 2005، حينها كان ريال مدريد بأمس الحاجة لخدماته بمركز المحور لتعويض رحيل ماكليلي، لكن الفرنسي فضل الانتقال إلى يوفنتوس.