أحمد حمزة
احتدمت وتيرة المعارك في جبهات عديدة بسورية خلال الأيام القليلة الماضية، إذ يبدو وكأن مختلف الأطراف تسعى لتحسين موقعها الميداني، قبيل لقاءاتٍ سياسية هامة، تشهدها (وستشهدها) مختلف عواصم الدول المعنية بالقضية السورية، تحضيراً لنسخةٍ رابعة من اجتماعات فيينا، فيما يبقى التطور الأبرز إسقاط طائرة روسية من قبل تركيا في جبال التركمان
بريف اللاذقية.
وكثفت الغارات الروسية غاراتها في مناطق سيطرة المعارضة السورية جنوب البلاد وشمالها، بالتزامن مع شن قوات النظام لمحاولات تقدم في ريفي درعا واللاذقية خصوصاً، وفيما استغلت روسيا التراخي التركي على الحدود السورية التركية فوجئت بإسقاط إحدى طائراتها في الخرق الجديد للحدود.
حدث هذا في وقت وسط سيطرت فصائل المعارضة بريف حلب الشمالي، على قريتين من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية (دحلة وحرجلة) في حين يعيش هذا التنظيم أسوء أيامه على الأطلاق، إذ تتقلص مساحات سيطرته في سورية بصورة غير مسبوقة.
سياسياً، يبدو أن المشهد آخذٌ بالتسارع، إذ تُجهز مختلف الدول أوراقاً لزجها في اجتماع فيينا القادم (يُوصف بالمفصلي) ويسبقه -غالباً منتصف الشهر المقبل-مؤتمر الرياض، الذي تعكف المملكة العربية السعودية على تنظيمه، بهدف تشكيل جبهةٍ موحدة للمعارضة السورية، قبيل “فيينا 4”.
تُجهز مختلف الدول أوراقاً لزجها في اجتماع فيينا القادم ويسبقه مؤتمر الرياض، بهدف تشكيل جبهةٍ موحدة للمعارضة السورية، قبيل “فيينا 4”.
ورحب “الائتلاف الوطني” أمس الإثنين، بالمؤتمر المتوقع عقده منتصف الشهر المقبل، مؤكداً على لسان رئيسه خالد خوجة:” نرحب بمؤتمر الرياض الذي تنظمه دولة شقيقة، وستكون هنالك مشاركة للائتلاف، وسنعمل على إنجاح المؤتمر، ونتواصل مع باقي مؤسسات الثورة لإنجاحه”، وسط تأكيده، على “أن لا حل في ظل تواجد بشار الأسد”.
وجاء كلام خوجة، خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة إسطنبول التركية، اتهم فيه “الروس” بالحديث عن “مقاربات سياسية للتغطية على جرائم الحرب التي يرتكبونها من قصف وإطلاق صواريخ فوسفورية وعنقودية وآخرها الصواريخ البالستية”، مؤكداَ أنه و”منذ بدأ العدوان الروسي على سورية سقط نحو 2977 شهيداً، في مختلف المحافظات من بينهم 550 نتيجة الضربات الروسية”.
تزامن ذلك مع اجتماعٍ ثلاثي (الاثنين) بين وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري، والامارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد آل نهيان، والمملكة العربية السعودية عادل الجبير، في أبو ظبي، حيث بحث المجتمعون، في صيغةٍ لتشكيل جبهة موحدة للمعارضة السورية قبيل مؤتمر فيينا الرابع.
على المحور الآخر، وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين(الاثنين)، إلى العاصمة الإيرانية طهران، إذ من المتوقع أن يكون الملف السوري، على راس قائمة جدول أعمال بوتين، الذي من المقرر أن يلتقي الثلاثاء، بالعاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين، في مدينة سوتشي الروسية.
وتشير كل هذه التحركات التي ازدادت وتيرتها، منذ اختتام اجتماعات “فيينا 3” وما رشح عنها، إلى أن الفترة المقبلة، قد تشهد تحولات، وإن لم تكن جذرية (لإحداث خرق أو حل سياسي) لكنها ستكون غير مسبوقة منذ اندلاع الثورة السورية، خاصة إذا ما أُخذَ بالحسبان بعض التطورات الميدانية.
الفترة المقبلة قد تشهد تحولات غير مسبوقة منذ اندلاع الثورة خاصة إذا ما أُخذَ بالحسبان بعض التطورات الميدانية
أول تلك التطورات، هو الحديث المتزايد خلال الأيام الماضية، عن اقتراب موعد بدء هدنةٍ في الغوطة الشرقية (أهم الجبهات المتاخمة لدمشق) وهذا إن حدث، سيكون دون شك، تطور غير مسبوق، لكن صورة المحادثات الجارية حول وقف إطلاق النار لم تتبلور بشكل كامل حتى الساعة.
لكن المؤكد وعلى لسان المتحدث باسم “جيش الإسلام” إسلام علوش، إنه “عُرضت مبادرة وقف إطلاق النار من قبل أحد الوسطاء الدوليين على الرئيس السابق للهيئة الشرعية لدمشق وريفها الشيخ سعيد درويش، والأخير وضع الموضوع بين يدي الفصائل العسكرية والفعاليات المدنية”.
وكانت وكالة “فرانس برس”، نقلت السبت عن “مسؤول أمني سوري كبير” تأكيده أن “محادثات تجري بين الحكومة وبين مجموعات مسلحة في الغوطة الشرقية لوضع حد للعمليات العسكرية”، قائلاً:” يقوم حلفاؤنا الروس بدور مباشر في الاتصال مع الذين يدعمون المجموعات المسلحة”.
وعلى الرغم من حذرِ كل من النظام والمعارضة بالإدلاء بتصريحات محددة حول الهدنة المزمعة، فإن الجانبين، حاولا من خلال قنوات رسمية أو شبه رسمية، التقليل من قيمة الحديث عن وقفٍ لإطلاق النار، وإن لم يبديا رفضاً قاطعاً في الموضوع.
على صعيد موازٍ، وفي حين وصلت حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول إلى شرق المتوسط، وبدأت الإثنين، اول ضرباتها ضد معاقل تنظيم “الدولة الإسلامية(داعش) في سورية، فإن المقاتلات الحربية الروسية، كثفت غاراتها على مواقع المعارضة السورية شمال البلاد وجنوبها، في وقت أعلنت تركيا عن نفسها بقوة عبر إسقاط طائرة لروسيا في جبال التركمان بريف اللاذقية.
وشهدت عدة بلدات ومدن بريف درعا هذا الاسبوع، غارات روسية كثيفة، وشملت بلدات الحراك، المليحة الغربية، نوى، الشيخ مسكين، ابطع، الحارة، الغارية الغربية وغيرها، وأدت لسقوط 8 قتلى من المدنيين على الأقل، في حي طريق السد بدرعا المدينة.
وجاء ذلك بالتزامن، مع استمرار محاولات قوات النظام، للتقدم نحو مدينة الشيخ مسكين ذات الموقع الاستراتيجي الهام، أذ كان النظام بدأ منذ نحو أسبوع، حملة برية مدعومة من الطيران الحربي والمروحي، في محاولة لاقتحام المدينة الواقعة بريف درعا الشمالي، والتي تسيطر عليها المعارضة السورية، إذ تعتبر ذات موقع استراتيجي هام، كونها عقدة مواصلات، على طريق دمشق-درعا القديم، وتتفرع منها طرقات تصل لبلدتي نوى غربا، وازرع شرقاً، ومدينة درعا جنوباً ودمشق شمالاً.
كما تواصلت الغارات الروسية، على مناطق أخرى شمالي البلاد، إذ شملت الغارات مناطق واسعة بريفي إدلب حماه، خاصة بلدات مورك، اللطامنة، كفرنبودة، عطشان، لطمين وغيرها، بريف حماه الشمالي، الذي تسيطر المعارضة السورية على معظم مساحاته.
ويأتي كل هذه بالتزامن مع حملة عسكرية ضخمة، تشنها قوات النظام وميليشياته في ريف اللاذقية، والمدعومة بعشرات الغارات الروسية على مناطق المواجهات، إذ يسعى النظام خلالها، لتحقيقٍ “نصرٍ” في مناطق الساحل، أهم معاقله الشعبية في عموم البلاد، فيما قد يغيّر خبر إسقاط الطائرة الروسية أخيراً من ملامح الوضع العسكري لصالح قوات المعارضة.
الحملة الشرسة التي تهدف بداية لتقطيع اوصال مناطق سيطرة فصائل الثورة، ولقطع طرق التواصل بين جبلي الاكراد والتركمان، استدعت مختلف أطراف المعارضة، لإعلان “نفيرٍ عام” يكون من شأنه صد واحدة من أشرس الحملات العسكرية بريف اللاذقية الشمالي.
وسيطر النظام خلال الأيام القليلة الماضية، على بعض القرى، لكن “صدى الشام” علمت من مصادر في المعارضة السورية، إن “مؤازرات كبيرة وصلت للثوار في ريف اللاذقية(الأحد)، وهناك عمل عسكري كبير ستستعيد من خلاله قوات المعارضة السورية المناطق التي خسرتها لصالح قوات النظام والتقدّم بعد ذلك”.
علمت “صدى الشام” أن “مؤازرات كبيرة وصلت للثوار في ريف اللاذقية، وهناك عمل عسكري كبير ستستعيد من خلاله قوات المعارضة السورية المناطق التي خسرتها لصالح قوات النظام وتتقدّم بعد ذلك
في جبهة أخرى، وعلى صعيد المواجهات مع تنظيم “الدولة الإسلامية”(داعش)، تمكنت المعارضة السورية المسلحة الجمعة، من استعادة سيطرتها على قريتي دلحة وحرجلة بريف حماه الشمالي، بعد اشتباكات قتلت وأسرت خلالها عدداً من مقاتلي التنظيم.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية، عن “مصادر أمنية”، أن “6 مقاتلات تركية و5 مقاتلات و3 طائرات استطلاع أمريكية، دعمت لواء السلطان مراد والجبهة الشامية في معاركها بقريتي حرجلة و دلحة” بريف حلب الشمالي.
صدى الشام موقع يهتم بما وراء الحدث