عبر العقيد محمد الأحمد، الناطق
الرسمي باسم الجبهة الشامية، عن خشيته من استخدام الروس لمطار “كويرس”
العسكري كقاعدة عسكرية، مشدداً خلال حديث مطول لـ”صدى الشام”، على ضرورة
الوقوف ضد قوات النظام في ريف حلب الجنوبي من كافة الفصائل، حيث قال إن الوصول إلى
طريق حلب-حمص الدولي يعني أن حلب وحماة وإدلب في خطر. وبعد أن تطرق إلى حادثة منع
دخول الجبهة الشامية لوفد الحكومة المؤقتة إلى الداخل السوري، ختم حديثه داعياً
فصائل سوريا إلى التوحد. وفيما يلي نص الحوار.
حاوره- مصطفى محمد
– البداية
بالشأن الميداني، لماذا حدث كل هذا التقدم لقوات النظام في ريف حلب الجنوبي؟
ما جرى يعزى لكثافة القصف الجوي والمدفعي؛
الطائرات الروسية مهدت بشكل لم نشهده في كل المعارك السابقة، بالإضافة إلى ضعف
المؤازرات من قبل الفصائل. فصائل حلب لديها جبهات كبيرة مع النظام والتنظيم،
والريف الجنوبي وحده صار جبهة بمساحات شاسعة، ناهيك عن قلة السلاح النوعي الذي
بحوزتنا.
هذا الأمر ليس بجديد، فنحن في الجبهة الشامية في
الهجوم الذي شنه التنظيم على الريف الشمالي، استنفرنا كل الفصائل.
– لكن
الدور الإيراني ليس جديدا، والدور الروسي مكمل للدور الذي كانت تقوم به طائرات
النظام، إذن ما هو المبرر لكل هذه الخسائر؟
إيران تضع ثقلها، وكثافة القصف غير مسبوقة،
النظام والروس خسروا في حماة وفي دمشق، ولم يجدوا غير هذه الخاصرة الرخوة للهجوم،
ولتحقيق انتصار على الأرض.
– ماهي أهم
الفصائل المتواجدة في الريف الجنوبي في الوقت الحالي؟
أحرار الشام، الجبهة الشامية، ثوار الشام، صقور
الجبل، وأغلب الفصائل متواجدة أيضاً.
– تحدثت عن
وجود لأهم الفصائل في المدينة، ومع ذلك تقول إن هناك ضعفا في المؤازرات!
كل الفصائل التي تحدثت عنها متواجدة، لكنها ليست
بأعداد كافية. الذراع الطويل اليوم للمعارك هو الطيران الروسي الذي يحرق المنطقة
قبل التقدم، والكل يعرف أن طبيعة الريف الجنوبي طبيعة فقيرة، ولا يوجد بناء طابقي
فيها يمنح المقاتلين مناطق محمية نسبياً. المعارك في الريف الجنوبي حالياً تحتاج
إلى قدرات جيش مدجج بالسلاح الثقيل.
– ما هي
أهمية الدور الذي قام به الموالون للنظام من أبناء المنطقة؟
عندما نتحدث عن مناطق محررة فمن الطبيعي التحدث
عن مواليين من أبناء المنطقة، وهذا ليس حكراً على الريف الجنوبي فقط، للأسف نحن
الثوار نعاني من اختراقات أمنية.
– تعترفون
بوجود اختراقات أمنية، لكن ما حجمها؟
لا يخلو الأمر من ذلك، نحن فصائل مبعثرة وكثيرة.
اليوم هنالك دول بأكملها مخترقة، فمن نحن مقابل دول ذات سيادة وذات حدود مغلقة.
– لنعود
إلى الفصائل المشاركة أو المتواجدة. جيش الفتح، ألم يكن متواجداً قبل خسارة
“الحاضر والعيس”، وخصوصاً أن هنالك أحاديث تم تناقلها تفيد بوصول 5000
مقاتل من جيش الفتح، وإن كانت غير رسمية؟
لو كان هنالك فعلاً 5000 مقاتل لما كان كل ما
جرى. لو جاء 1000 مقاتل فقط لكانت المعادلة متغيرة. لكن للأسف هنالك ضخ إعلامي غير
مسؤول.
– اذن لم
يكن هنالك تواجد لجيش الفتح على أرض الريف الجنوبي في حلب قبل خسارة الحاضر؟
الجميع متواجد، وفصائل جيش الفتح متواجدة، لكن
ليس بالعدد المطلوب. كان هنالك اتفاق على دخول قوات من جيش الفتح إلى الريف
الجنوبي، وتحليلي الشخصي أن النظام استبق هذه التحركات.
– شهدنا سجالاً
في الآونة الأخيرة، كان مسرحه غرف ” الواتس اب” الإخبارية، بين من يلقون
اللوم على فصائل حلب وبين المدافعين عنها، وخصوصاً بين فصائل إدلب وحلب، ما تعليقك
هنا؟
السجالات موجودة ضمن فصائل حلب فيما بينها، وفي المحافظات
الأخرى أيضاً. إن لم تتم مؤازرة فصائل حلب من فصائل إدلب وحماة، فالثورة كلها في خطر.
الثورة السورية ثورة متكاملة، وليست خاصة بمحافظة دون أخرى.
وأبعد من ذلك، أقولها وأنا في غاية الألم،
“الثوار لم يخرجوا عن مناطقيتهم المنفرة”.
– برأيك
العسكري أيهما أهم، معركة حماة أم صد هجوم قوات النظام في الريف الجنوبي لحلب؟
من يخطط لعملية حماة يرى أنها الأهم. لكن ومن
وجهة نظري العسكرية، فإن معركة الريف الجنوبي هي الأهم على الساحة السورية؛ قاسم
سليماني لم يعد له عمل إلا التقاط صور له على هذه الجبهة.
خسارة الريف الجنوبي لحلب تعني نسف إنجازات
الثوار في إدلب وحماة وغيرها. الجيش يتقدم بسرعة عبر نقطة ضعف في حلب، وبذلك هو
يحاول أن يسجل إنجازا.
– من
منظورك العسكري أيضاً، ما هي وجهة قوات النظام القادمة، وما هو هدف النظام الرئيسي
من شن حملة على الريف الجنوبي لحلب؟
النظام يسير على خطة دقيقة، قد يكون الوصول إلى
كفريا والفوعة هو هدف تمويهي. الهدف الرئيسي برأيي، هو محاصرة حلب. النظام حاول
محاصرة حلب من الشمال ففشل. أهمية السيطرة على حلب تنبع من عدة عوامل، أولها كبر
هذه المحافظة، والثاني وهو الأهم، أن السيطرة على حلب تعني توجيه ضربة قاسية
للجارة “تركيا”.
– إلى أي
مدى سيؤثر كسر طوق الحصار على مطار “كويرس” العسكري، على مجريات المعارك
في حلب؟
قد يكون مطار كويرس من أكبر المطارات العسكرية
مساحة في سوريا، ويعتبر قاعدة جوية جاهزة تضم أربعة أسراب. الخشية الآن من تأهيلها
من قبل الروس واستخدامها.
– هل تميل
إلى أن تفسير ما جرى في “كويرس” بالصفقة بين النظام والتنظيم، أم أن هذا
الرأي مستبعداً؟
لدى المقارنة بين معاركنا التي نخوضها مع تنظيم
داعش في الريف الشمالي وبين ما جرى، لا تستطيع إلا أن تضع ما جرى في خانة الاستلام
والتسليم.
لو ذهبنا على سبيل المثال، إلى قرى الريف
الشمالي، الفصائل تضع كامل ثقلها لاستعادة قرية صغيرة، ويكون ذلك صعباً، وقد
نستعيدها لساعات قليلة قبل أن نضطر للانسحاب منها.
خسارة مطار كويرس فيها شبهة. لا أقول أنها صفقة، ولكن
انسحاب داعش من عشرات الحواجز على طريق اثريا-خناصر بشكل سريع، يدعو إلى إعادة
التفكير بما جرى.
– جرت
العادة أن يتم تفسير أي خسارة للتنظيم على أنه صفقة، بالمقابل كل المساحات الكبيرة
التي خسرتها المعارضة في الريف الجنوبي، ألا تستحق الوقوف عندها؟
نحن لا نتهم داعش، نحن نشاهد أفعالهم على الأرض؛
هم ساندوا قوات النظام، والعكس صحيح، في أكثر من مرة، وخصوصاً في ريف حلب الشمالي.
– إلى أي
مدى يمكننا الربط بين ما يجري من تطورات عسكرية، وبين الحديث خارجياً عن فرض حل
سياسي تقبل به المعارضة مرغمة؟
الخط السياسي الدولي الضاغط على المعارضة بدأ من
كوفي عنان إلى دي مستورا و”فيينا” في الوقت الراهن. بمعنى أوضح، كل تلك
التحركات كانت بهدف الضغط على المعارضة، بالمقابل لم تستطيع مجتمعة وقف قصف
المدنيين.
كجبهة شامية، ما يجري خارجياً لا يعنينا مطلقاً.
عندما تتم دعوتنا إلى هذه الاجتماعات، لا نجد نحن ولا الشعب صدى لهذا الأمر.
وحديثي يخص كافة أطراف المعارضة الموجودة في الداخل.
– على ذكر
معارضة الداخل والخارج، ما حقيقة ما جرى في معبر باب السلامة الحدودي، ولماذا
منعتم وفد الحكومة المؤقتة من الدخول؟
لقد أصدرنا بيانا مفصلا بخصوص ما جرى. عموماً،
كانوا وفداً رسمياً حكومياً يريد الدخول ولم ينسق مع الجهة التي تدير شؤون المعبر (الجبهة
الشامية).
قبل أن يفكروا في الدخول كان عليهم التنسيق معنا
على الأقل. هم يريدون عقد مؤتمر على أرض تسيطر عليها فصائل عسكرية متنوعة، ألا يجب
التنسيق مع هذه الفصائل؟
الجبهة الشامية ليست ضد الحكومة المؤقتة ولا ضد
الائتلاف، ونقطة الخلاف بيننا وبينهم هي عدم التواصل. وأبعد من ذلك، هو وصفنا
بأننا “منظمة متطرفة”. ولذلك للفصائل في الداخل الحق في الرد، وهذا
الشيء لمسناه من خلال البيان الذي أصدرته فصائل عسكرية مجتمعة تطالب بعزل
“أحمد طعمة”، ويجب على طعمة أن يستقيل.
– كجبهة
شامية تطالبون الدكتور أحمد طعمة، رئيس الحكومة المؤقتة السورية، بالاستقالة؟
من طالب باستقالته هم الفصائل على الأرض.
– أحد
التفسيرات المتناقلة لما جرى، تفسير يضع الحادثة في خانة التوريط للطرفين، أنتم
والحكومة. هذا التفسير يذهب إلى أن الجهة التي أوعزت لـ”طعمة” بالزيارة،
هي نفسها الجهة التي أوعزت لكم أن تمنعوا الحكومة من الدخول؟
لا نوافق على هذا التفسير. الدخول إلى سوريا صعب
جداً، وهذا الأمر لا يخفى على أحد. نحن على المعبر، وما بعد المعبر هنالك فصائل
غير الشامية، وأغلب الفصائل لا تنظر بارتياح إلى الحكومة، كان هدفنا من منعهم هو حمايتهم،
لأنهم لم ينسقوا معنا، على اعتبار أننا الجهة المسؤولة عن حمايتهم.
– الحكومة
قدمت رواية مخالفة، وأسماء كانت حاضرة روت الحادثة بطريقة مغايرة، ووفق رواية
أحدهم فإن قوات تابعة لكم اتهمت الوفد الحكومي بالكفر، وتم منعه من التصوير أيضاً؟
فليقولوا مع من نسقوا ونحن جاهزون للمساءلة. أما
عن الرواية التي نقلها شخص إعلامي مرافق للحكومة، فلا أدري مدى صحتها. الجبهة
الشامية توجهها واضح، نحن لا نتهم أحدا بالردة والتطرف، لأننا متهمون بهذه التهم. وحول
ما جاء في رواية هذا الشخص، إن كان صادقاً، فالعناصر التي أطلقت هذه الشعارات
والتهم لا تمثل الجبهة الشامية بالتأكيد.
– بغض
النظر عن أسباب المنع، ألا يعتبر ما جرى خسارة للثورة السورية؟
لا ليس خسارة. بالنسبة للحكومة ومنذ تشكيلها،
كان لدى الجميع اعتراض على طريقة تشكيلها، وماذا قدمت هذه الحكومة أصلاً؟
على سبيل المثال، ماذا قدمت وزارة الدفاع
للفصائل على الأرض؟ لذلك لا نعتبر ما جرى خسارة لأنهم لا يمثلون الداخل السوري.
– في حال
نسقت معكم الحكومة المؤقتة للدخول مجدداً، هل ستوافقون؟
للجبهة الشامية مكتب سياسي، والتنسيق يكون معه.
الشامية ليست موجودة وحدها، هنالك أطراف أخرى يجب التنسيق معها، وأعني هنا الفصائل
الأخرى.
– ختاماً،
حلب إلى أين برأيك؟
وحماة وإدلب في خطر، وأنا أدعوا فصائل سوريا إلى التوحد، لا فصائل حلب فقط. نحن
نواجه جيشا مدججا بالسلاح، لذلك إن لم نتوحد فلا قدرة لنا على المواجهة.