ريان محمد
“المائة ألف ليرة سورية، تعود لك مائتي ألف”، قال عهد، أحد عناصر مليشيا “قوات الدفاع الوطني” المنتشرين جنوب دمشق، مبيناً أن “هذه الأرباح تأتي من تجارة الحشيش والحبوب المخدرة، وهي رائجة بشكل كبير بين العناصر”.
وأضاف أن “العنصر بحاجة إلى وزنة كلّ يومين، ثمنها 1500 ليرة، ومنهم من يستهلك وزنة كل يوم، وهي تكفي لنحو 10 سجائر، وتأتي في المرحلة الثانية تجارة الحبوب المخدّرة، وخاصة حبوب البالتان”، لافتاً إلى أن “هناك إقبالاً على هذه الأنواع من المخدرات، ما يجعلها تجارة رابحة، تجني أرباحها بسرعة”.
من جانبه، قال عدي، عنصر في “الدفاع الوطني” جنوب دمشق، “أدخن الحشيش منذ أشهر، لكني غير مدمن”، موضحاً أن “تدخين الحشيش يجعله قادراً على حل أية مشكلة تواجهه، وتمنحه صفاء ذهنياً كبيراً، كما تريحه من أعباء الحياة، أمّا الحبوب فإنها جيدة أثناء المعارك، تجعلك تقبل على الموت دون خوف”.
وعن مصدر حصوله على تلك المواد، قال إن “هناك أشخاصاً متنفذين يؤمنون وصول هذه المواد للمنطقة، وهي متوفرة بشكل دائم”، معتبراً أن “أسعارها جيدة، وفي متناول اليد لمعظم العناصر”.
لم يقتصر تعاطي المواد المخدّرة وعلى رأسها الحشيش، على عناصر المليشيات الموالية للنظام، بل طال المدنيين، يقول مهند، طالب ثالث ثانوي، “نحن مجموعة من الأصدقاء في الحي، عدد من أصدقائي انتسب إلى الدفاع الوطني، وهم اليوم يعيشون في رخاء كبير يمتلكون أحدث الأجهزة الخلوية، ويأكلون أحسن أكل، ومنهم من أصبح لديه سيارة بعد سنة واحدة من التحاقهم بالدفاع الوطني، بعض الأحيان يرسلون في طلبي لأساعدهم في نقل بعض الأغراض، يعطوني ثلاثة آلاف ليرة، ويقولون لي لو تنضم للدفاع الوطني كنت حصلت على مبلغ أكبر من ذلك بكثير، لكن عائلتي لا توافق على انضمامي إليهم، قائلة لي البلد ليست بحاجة إلى حرامي جديد”.
ويتابع “في بعض الأيام يدعون أصدقاءهم من الحي إلى سهرة “كيف”، تحتوي على حشيش ومشروبات كحولية”، يستطرد قائلاً إن “سيجارة الحشيش عالم آخر تنقلك من هذا العالم إلى عالم جميل وهادئ، لكن هذا كله ثمنه نقود، والكثير من النقود، إن ما يدفعه صديقي في جلسة كهذه، تساوي راتب أبي طوال الشهر، إضافة إلى أن الناس تخاف منهم، ويفعل ما يريده، ولا أحد يسأله لماذا فعلت هذا أو ذلك؟ عندما أذهب معه إلى فرن الخبز نأخذ خبزنا فوراً، وعندما أذهب وحدي أنتظر نحو ساعتين لأحصل على الخبز، إن الانتساب إلى الدفاع الوطني، تيسّر أموراً كثيرة لك”.
وأوضح أن “معظم شباب الحي انتسبوا إلى قوات الدفاع الوطني من أجل المال والسلطة، واليوم الكثير من أصدقائي التحقوا فيها لكي يستطيعوا أن يقيموا سهرات الكيف، وأن يتوقفوا عن شحاذة سيجارة الحشيش من فلان أو فلان”.
بالمقابل، اعتبر فادي، ناشط معارض، إن “انتشار الحشيش والمواد المخدّرة بين الشباب السوري، بشكل منظم وسهل، عبر عناصر مليشيا الدفاع الوطني، يهدف إلى تجنيد أكبر عدد منهم، داخل مليشيات النظام، حيث يرهن الشباب المدمن للأعمال غير الشرعية، ومنها حمل السلاح والنهب والسلب، بهدف الحصول على هذه المواد”.
وبيّن أن “الواقع الاقتصادي المرير لمعظم السوريين، يدفع بعضهم في مناطق محددة إلى الالتحاق بالمليشيات الموالية، وخاصة الشباب في مقتبل العمر، طمعاً بما سيؤمنه من دخل يرفع عنه العوز، في حين تزيد الأعباء المعيشية يوماً بعد يوم، إضافة إلى ما يبث لهم من أن مسلّحي المعارضة، هم تكفيريون قتلى، يريدون قتل كل من يخالفهم في المعتقد”.
واعتبر أن “النظام يدفع بفئة مهمّة من الشباب، ليصبحوا قتلة مأجورين، مقابل أن يحافظ على استئثاره بالسلطة، فبعد أن دمّر الكثير من مناطق البلاد، وهدر اقتصادها، وسقط مئات آلاف السوريين في حرب أساسها تعنته في عدم إقراره بحق الشعب في الحرية والكرامة، لن يتوانى عن دفع جيل كامل إلى الدمار خدمة لغاياته”.
وعن الجانب الصحي لتعاطي الحشيش، قال، ماهر، طبيب، إن “الحشيش عبارة عن تجفيف السائل الصمغي، الذي تفرزه نبتة القنب، التي يتم جمعها وبيعها في صورة تشبه الشوكولا أو العجينة لكن قد تختلف في صلابة قوامها ولونها”، موضحاً أن “الحشيش يحوي نحو 400 مادة كيميائية، تؤثر على الجهاز العصبي عبر تنبيهه, تعقبه هلوسة ثم خمول، فنوم، ومع زيادة الجرعة يفقد الإحساس بالنشوة، ويستبدل بإحساس يتدرج من الحزن إلى الغضب حتى جنون العظمة ونوبات الغضب الشديدة”.
وعن الأعراض الظاهرة على متعاطي الحشيش قال إن “الأعراض الأكثر شيوعاً هي توسُّع الأوعية الدموية في ملتحمة العين مما يؤدي إلى احمرارها، وزيادة في ضربات القلب، وزيادة الشهية للطعام، وجفاف الفم، ارتعاشات عضلية، دوار، شعور بسخونة الرأس، برودة في اليدين والقدمين، شعور بضغط وانقباض في الصدر، عدم التوازن الحركي، اصفرار في الوجه، قيء في بعض الحالات”.
وبيّن أن تأثير “مادة الحشيش تظهر بسرعة على متعاطيه وتصل للذروة خلال 30 دقيقة، وتستمر حتى أربع ساعات، يشعر خلالها المتعاطي بالنشوة والبهجة والاسترخاء والإحساس بالاستمتاع بكلِّ شيء حوله، لكن مع مضي الوقت سيتسبب في مشاكل تتعلق بالصحة العقلية في المستقبل، وخاصة حالات الشيزوفرينيا (الفصام النفسي) والاكتئاب”.
وأضاف “كما يتسبب تعاطي الحشيش في الإصابة بسرطان وانتفاخ الرئة، والسعال المزمن والربو والالتهاب الرئوي وقرحة الحلق المزمنة والتهاب البلعوم والسل واضطرابات النوم والاضطرابات في القدرة الجنسية”، لافتاً إلى أن “الكثير من الشباب يقعون، وخصوصاً في وهم كبير يروجه تجار المخدرات عموماً والحشيش على وجه الخصوص وهو أن الحشيش يضاعف من المتعة الجنسية عن طريق إطالة فترة وعملية الجماع، ولا صحة لهذا، حيث تؤكد الدراسات العلمية المتخصصة أن الحشيش يؤدى إلى انخفاض مستوى هرمون الذكورة في الدم ممّا يؤدي إلى تأنث الجسم وتضخم الثديين والضعف الجنسي”.
يشار إلى أن تعاطي المخدرات من أخطر الآفات، التي تهدد المجتمع اجتماعياً واقتصادياً، وهو ذو تبعات مدمّرة على الشباب، ما يستدعي الجهات والأهالي كافة إلى التنبه إلى هذه الظاهرة الخطرة، ودفعها عن أبنائهم.