سوريا تواجه احتمال المجاعة…و18 مليون سوري تحت خط الفقر بسبب الحرب

“ازدياد عدد الفقراء سينعكس على تشوه النسيج الاجتماعي وسيتطلب
عدة سنوات لإصلاحه”

ريان محمد

تواجه سوريا بعد نحو عامين من
الحرب احتمالات المجاعة لأول مرة في التاريخ الحديث، في وقت وصل به عدد الفقراء
إلى 18 مليون شخص يرزحون تحت خط الفقر الأعلى، من نحو 24 مليون سوري.

ويعرف برنامج الأمم المتحدة
الإنمائي الفقر بأنه الحرمان من الخيارات والفرص المتاحة في مجالات رئيسية
كالتعليم، والصحة، وتوليد الدخل، وهو ما يعني نقصاً في القدرة الأساسية
على المشاركة الفعالة في المجتمع.

كشفت دراسة حديثة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي
آسيا “الأسكوا” ، أن ” نحو 4 ملايين سوري يعيشون حالياً تحت خط الفقر
الغذائي مقارنة بـ200 ألف سوري في عام 2010″، مبينة “ازدياد عدد السوريين
الذين يزرحون تحت خط الفقر الأدنى إلى 8 مليون سوري، وتحت خط الفقر الأعلى إلى 18 مليون
سوري”.

ولفتت الدراسة إلى أنه “لأول مرة
سيكون 300 ألف موظف في القطاع العام في عداد من هم تحت خط الفقر الغذائي، الأمر الذي
سيفوق قدرة مؤسسات الأمم المتحدة والجهات المانحة”, موضحةً أن “هذا الأمر
سيفاقم المأساة في سوريا بزيادة عدد السوريين الذي يرزحون تحت خط الفقر الأدنى، ما
يعادل 2 دولار (310 ليرات سورية) في اليوم، من 2 مليون إلى 8 مليون سوري”.

وكانت دراسة للأمم المتحدة نشرت في
2010 قالت إن “5.3 مليون شخص في سوريا كانوا يعانون من الفقر”.

وتابعت دراسة الأسكوا أن “عدد
السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى ازداد من 5 إلى 18 مليون خلال العامين الماضيين،
الأمر الذي سينعكس على تشوه النسيج الاجتماعي وسيتطلب عدة سنوات لإصلاحه”.

وتعاني الأسر السورية من أمراض
اجتماعية عدة جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث ازدادت نسب الطلاق والتشرد
والتسول والجريمة.

ووضحت الدراسة أن “اللجوء والنزوح
أثرا على تشكل خارطة الفقر في سوريا، إذ أن ما يزيد عن 7 مليون سوري هربوا من أماكن
إقامتهم الأصلية إلى المدن الرئيسية خصوصا دمشق، وللعيش كلاجئين في دول الجوار”.

وتقدر الأمم المتحدة أعداد اللاجئين
السوريين في دول الجوار بأكثر من مليوني شخص، فيما قدرت أعداد النازحين داخلياً بأكثر
من 4.25 مليون شخص، معلنة مراراً أن الأعداد تتزايد يومياً، وتتوقع أن يخرج من سوريا
مليوني شخص جدد، وأن ينزح داخل البلاد نحو 2.25 مليون آخرين في العام المقبل، جراء
الحرب الدائرة في البلاد.

وكانت المتحدثة باسم برنامج الأغذية
العالمي التابع للأمم المتحدة, لور شبراوي، حذرت، في وقت سابق من الشهر الجاري، من
حدوث مجاعة إنسانية في سوريا، مبينة أن هناك أزمة حادة في المحصول الزراعي لهذا العام،
وأسعار المواد الغذائية في ارتفاع وصل إلى 300% .

من جانبها، قالت نائبة المدير
القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دمشق أليسار شاكر، إن سبب ارتفاع عدد الفقراء
يعود إلى أن “معظم النازحين داخل سوريا، والبالغ عددهم 3.6 مليون شخص وبقية
السكان استنفذوا مدخراتهم، ولم يعد بإمكانهم التأقلم مع الأزمة والصعوبات
الاقتصادية الناجمة عنها”، معتبرة أن “ذلك يحمل أعباء من حيث الوصول
للخدمات الأساسية ليس فقط على النازحين، وإنما على المستضيفين، لأن الفترة طالت وأصبح
من الصعوبة بمكان التكيف مع هذا الوضع”.

ولفتت المسؤولة الأممية إلى أن “96%
من النازحين يعيشون في المجتمعات التي نزحوا إليها، و4% في مراكز للإيواء”.

يشار إلى أن معظم سكان المناطق،
التي شهدت أعمالاً عسكرية وقصف بالأسلحة الثقيلة، نزحوا إلى مناطق أكثر أماناً، في
ظل العنف المفرط.

وفي سيق ذا صلة، قالت “شاكر”
إن نسبة البطالة ارتفعت “إلى 48.6% من اليد العاملة”، موضحة أن
“فقدان ما يقارب مليوني فرصة عمل يعرض عشرة ملايين شخص للخطر”، مقدرة خسائر
القطاع الصناعي “بنحو 103 مليار دولار لغاية حزيران 2013”.

وحذرت “شاكر” من أن
“هذا التقهقر بالتنمية البشرية والاقتصاد غير المنظم، من شأنه التأثير
مستقبلا على تنظيم عمل الاقتصاد وعودته إلى النهوض بعد الأزمة على المدى
الطويل”.

ويعاني السوريون من أوضاع اقتصادية
سيئة مع فقدان العديد منهم عملهم بسبب شبه شلل للقطاعات الاقتصادية جراء أعمال العنف
والعمليات العسكرية، ترافق ذلك مع ارتفاع جنوني للأسعار وتدهور لسعر صرف الليرة أمام
الدولار, و نقص في مواد المحروقات، ما زاد من أعباء المعيشة، إضافة إلى عقوبات دبلوماسية
واقتصادية دولية أحادية الجانب.