عبد
	القادر عبد اللي
فتح
	تصويت ما يسمى مجلس الشعب في سورية على قانون يمنع دبلجة المسلسلات التركية تحت
	طائلة العقوبة باب السخرية من هذا القرار وتذمر المستفيدين منه. وما زاد الطين
	بِلة، أو الطنبور نغماً، إعلان “الشيخ” أحمد شلاش على صفحته في الفيس
	بوك أن هناك مسلسلات إيرانية في طريقها إلى الدبلجة، وكأن المسلسلات الإيرانية لم
	تكن تُدبلج، والأمر جديد جداً.
بما
	أنني كنت واحداً من الذين يعملون في هذا القطاع، ثمة أمور لعل كثيرين لا يعرفونها
	أريد أن أبينها. بداية لا يوجد شركات إنتاج تلفزيوني في تركيا بالمعنى الذي نعرفه
	في البلاد العربية، وشركات الإنتاج التركية تقابل ما كان في سورية يسمى
	“شركات إنتاج منفذة”، أي أن الشركة تطرح قصة المسلسل على إحدى القنوات
	التلفزيونية (أو العكس)، وإذا تم التوافق على المشروع، تبدأ الشركة “المنتجة
	المنفذة” بالتصوير بتمويل كامل من القناة. وغالباً ما يكون قسم التوزيع هو
	جزء من إدارة التسويق للقناة نفسها. وإذا استعرضنا القنوات التلفزيونية فنجد أن
	غالبيتها ملك إمبراطور الإعلام التركي “آيضن ضوغان”، عدو رجب طيب
	أرضوغان اللدود، وهناك شركة إعلامية ضخمة يمتلكها “فتح الله غولان”،
	وغالباً هذه الشركة لا تحظى مسلسلاتها بالرواج.
نادرة
	هي المسلسلات التي تنتج لصالح قنوات قريبة من الحكومة، ولعل أشهرها على الإطلاق هو
	مسلسل “وادي الذئاب” الذي تبثه منذ عدة سنوات قناة قريبة من حزب العدالة
	والتنمية، وقد توقف المسلسل في البلاد العربية لأسباب مالية قبل الثورة السورية، وما
	يبث منه الآن هو عملية قرصنة.
آيضن
	ضوغان بصحفه وتلفزيوناته كلها يدعم نظام الأسد، ويخاطب الحكومة التركية بلغة
	الخطاب نفسها التي تستخدمها وسائل إعلام النظام، ولا يفوّت خبراً تنقله سانا أو
	فارس أو وكالات الأنباء الروسية، إلا ويحظى بأهمية في وسائل إعلامه. من جهة أخرى،
	يعنى بنقل أخبار سيئة عن اللاجئين السوريين، فعندما تنقطع أخبار السرقات أو
	الجرائم أو الاحتيال التي يكون أحد أفرادها سوري، يستعيد خبراً مضى عليه عدة أشهر،
	ليعيد نشره من جديد وكأنه عاجل، وقد حدث في اليوم نفسه.
من
	جهة أخرى كان تلفزيون “TRT” الذي يبث باللغة
	العربية يدبلج لدى الشركات السورية قبل انقطاع العلاقات، ولكن السعر الذي عرضه هذا
	التلفزيون جعل أكثر الشركات ترفض العمل معه لتدنيه، وهذا توقف عن العمل في سورية
	منذ فترة طويلة.
غالبية
	المسلسلات التركية كانت تُدبلج لصالح تلفزيون أبو ظبي أو “MBC“، وتقوم الشركات السورية بدور المنتج المنفذ فقط، فالقناة
	العربية تشتري المسلسلات التركية، وتدفع ثمنها، وتوقع العقود باسمها، ثم تعطيها
	لإحدى شركات الدبلجة السورية، وتدفع لها مقدماً مبلغاً من المال يكفي لدبلجة عدة
	حلقات، ومع التسليم، تتوالى الدفعات. بمعنى آخر أننا يمكن أن نعتبر قطاع دبلجة
	المسلسلات التركية قطاعاً لا يدفع فيه السوريون أي قرش، ويتقاضون أجوراً كبيرة
	لقاء عمله.
هناك
	أمر آخر، وهو أن “MBC” تشتري غالبية
	المسلسلات التركية التي تحظى بجماهيرية، وتحتفظ بحقوق الدبلجة العربية دون أن
	تدبلجها أو تترجمها حتى سبتايتل (كتابة أسفل الصورة)، وهذا ما واجهتُه لدى أكثر من
	قناة عندما طلبتُ شراء بعض مسلسلاتها لصالح بعض القنوات التلفزيونية العربية، وليس
	لدي تفسير واضح عن سبب دفع هذه المبالغ الكبيرة لعمل يوضع على الرف ولا يعرض، وأتوقع
	أنها المنافسة، أو تقديم الدعم لتلك القنوات بشكل غير مباشر، وهذا يعني أن
	التلفزيون التركي حصل على حقوقه سلفاً، عرض مسلسله أم لم يعرض.
طرح
	البديل الإيراني في المسلسلات طرح ساذج، فما هي القناة التي ستدفع ثمن المسلسل،
	وسلفة الدوبلاج لتعرضه على شاشتها؟ المنار، والعالم، والقنوات العراقية؟ هذه
	القنوات ليست زبائن، وهي التي تقبض من إيران، بمعنى آخر ستنتج إيران مسلسلاتها
	بنفسها في محافظتها المسماة سورية، ولكن هذه المسلسلات لن تجد مشاهداً، ولن تستمر
	طويلاً، وهي موجودة، ومن منا لا يذكر المسلسل الذي يحكي قصة سيدنا يوسف؟
قديماً
	كان لدى حزب البعث والأحزاب التابعة له مقولة شهيرة: “نحن لسنا ضد اليهود،
	ولكننا ضد الصهيونية”، ونسجوا اليوم على منوالها مقولة أخرى: “نحن لسنا
	ضد تركيا، بل ضد الأرضوغانية”. ولكن قرار مجلس الشعب السوري يعلن أنه ضد
	تركيا، وليس ضد أرضوغان وحزب العدالة والتنمية. والأنكى من ذلك، سيتذوق
	“شبيحة” الأسد الأتراك مريدو الإمام الفقيه “أدعياء
	العلمانية”، أنهم ليسوا موضع ثقة طالما أنهم لا يدعون صراحة إلى نظام ولاية
	الفقيه، وأن مرحلة التقية لم تعد مقبولة. فمن السذاجة القول إن قرار مجلس الشعب
	صدر عن أولئك المصفقين، إنه أمر من سلطات الاحتلال الفارسي.
قرار
	سلطات الاحتلال الفارسي في سورية مفيد جداً، سنرى هل سيبقى أباطرة الإعلام التركي يدافعون
	عن الولي الفقيه، ومحافظه في دمشق، أم أن إيران ستضطر لتعويضهم من باب آخر؟ 
 صدى الشام موقع يهتم بما وراء الحدث
صدى الشام موقع يهتم بما وراء الحدث
				 
			 
		
		 
					
				