الرئيسية / Uncategorized / الفنانون الموالون ..قوّة الأسد الناعمة

الفنانون الموالون ..قوّة الأسد الناعمة

صدى الشام _ عدنان عبد الله/

عرفَ الوسط الدرامي السوري خلال سنوات الثورة أسماءً عديدة لفنانين تراوحت مواقفهم وتدرّجت في إظهار الولاء لنظام الأسد. وكان أن ظهر بين هؤلاء من أعلن عن موقفه منذ البداية وساق لأجل ذلك المبررّات والدوافع، فيما ذهب آخرون إلى “التشبيح” في أقصى حالاته كما هو الحال مع الفنان عارف الطويل.

ومن نافل الحديث خوضنا هنا في الدوافع العامة والشخصية لهؤلاء والتي جعلتهم يقفون إلى جانب القاتل بهذا الشكل أو ذلك، فعلى الرغم من وجود عامل مشترك ومظلة واحدة تجمعهم فإن لكلّ واحد منهم تصوّره وحضوره، وتالياً أهدافه التي ترسم خطوطاً لهذا الحضور المنكفىء أو الاستعراضي.

لكنّ ما يستدعي التوقف في الوقت الحالي هو الدور الذي تنطّع البعض من الفنانين إلى القيام به والذي يتجاوز مسألة التأييد في إطاره العام إلى جانب ذو طابع مرحلي كما يبدو.  فمنذ أشهر والأعمال الدرامية التلفزيونية منها والسينمائية تتوالى في سوريا تحت السقف الذي صنعه النظام للفن. والمقصود هنا أعمال تتنوع شكلياً في طروحاتها وسيناريوهاتها لكنها تشترك في أمر واحد ألا وهو رصد محطات وأحداث في فترة الثورة السورية. وقد يكون من المستغرب- لمن لا يعرف المؤسسة العامة للسينما مثلاُ ودورها الدعائي- أن يفتح النظام بمختلف مؤسساته الثقافية والفنية خزائنه ليموّل مشاريع من هذا النوع وهو الذي سخّر ولا يزال يسخّر جلّ ما لديه للإنفاق على الآلة العسكرية. لكن الاستغراب يزول عندما نعلم أن التمويلات تذهب إلى أعمال لا تقلّ أهميّة بالنسبة للنظام عن أي حملة أو عمل عسكري يستهدف دفن الثورة السورية.

ولو تتبعنا مثلاُ مضامين ما يجري التحضير له من أعمال سنكتشف ببساطة كيف يقوم النظام بتجنيد “مقاتليه” في عالم الفن لمحو الذاكرة الثورية وتزييف الواقع والتاريخ وإعادة صياغته وفق الرؤية التي يريدها والقائمة على فكرة أساسيّة تتلخّص في محاربة الإرهاب. وعلى هذا الأساس تحوّلت مدن مثل حمص وحلب وغيرها إلى استدويوهات مفتوحة لإنتاج مسلسلات وأفلام بطعم الكذب وطمس الحقائق باستخدم السلاح الأخطر ألا وهو الخيال. هكذا أدرك النظام أن الدراما حالها كحال الرواية والقصة ومختلف الإنتاجات الأدبية والفنية يمكن أن تصبح وثيقة مرجعية مرادفة لعمل الإعلام عبر إعادة صوغ مقولاته بقوالب سرديّة مشوّقة وترفيهية مما يسّهل عليه اختراق العقول بطريقة القوة الناعمة التي تجيدها الأنظمة الشموليّة.

ومن الملفت أنه خلال هذه الفترة لم يعد يمضي أسبوع إلا ونسمع عن تحضيرات بعمل جديد، والأمثلة على ذلك كثيرة فمن عارف الطويل إلى نجدت أنزور وسواهم من الشخصيات المعروفة بإتقانها لأدوارها في الدفاع عن النظام ومقولاته. ويبقى الأكثر لفتاً للانتباه أن فناناً كسيف الدين سبيعي انتقل في فترة قصيرة من الإيحاء والتلويح باعتزال الفن إلى خوض تجربتين فنيّتين: الأولى هل قيامه بدور البطولة في فيلم “رجل الثورة” الذي يحكي قصة صحفي أجنبي دخل سوريا بطريقة غير شرعية، يبحث عن الشهرة، لكنه يصطدم بالواقع المغاير تماما لما تنقله وسائل الإعلام الغربية عن سوريا.

أما التجربة الثانية فقد أعلن عنها مؤخراً -وقبل أن يجف حبر الحديث عن الأولى- وتتمثل بتحضيرات سبيعي لعمله الإخراجي السينمائي الاول، وذلك في فيلم يحمل اسم “يحدث في غيابك” عن نص لسامر إسماعيل ومن إنتاج “المؤسسة العامة للسينما”.

ونقلت وسائل إعلامية عن سبيعي أن أحداث الفيلم تجري في مدينة حمص خلال فترة “الأزمة” السوريّة، لينضم الفيلم بذلك إلى سلسلة من الأفلام التي أنتجها النظام بهدف تقديم وجهة نظره سينمائياً.

ومن المفيد القول هنا أن مسألة إنتاج محتوى يدعم موقف نظام الأسد ويهاجم معارضيه ليس أمراً جديداً، وأبرز مثال على ذلك فيلم “مملكة الرمال” لنجدت أنزور والذي يستهدف المملكة العربية السعودية وتاريخها. لكن ما يحدث اليوم من نشاط “فني” يبدو وأنه يتحرّك بأمر عمليات من قبل دوائر النظام. وهذاما لا يحتاج ضرباً بالرمل لاكتشافه، فإن كانت الجهود السابقة المبعثرة في هذا السياق لا تزال ماثلة، فإن “الفورة” الدرامية الحاليّة أخطر بكثير، وهي أكبر من مجرد مبادرات شخصيّة التقت مع رغبة النظام، فالأسد في هذه المرحلة لم يعد يعنيه الوقت الذي ستتطلبه المعارك على الأرض كي يزعم انتصاره، فهو يتصرف بمنطق “انتهاء الحرب” والبدء بكتابة تاريخ الثورة السورية ووقائعها على هواه. وفي هذا الظرف لن يجد النظام أفضل من فنانين موالين له لكي يستخدمهم كخرقة يمسح بها الدماء عن يديه.

شاهد أيضاً

بعد “أوميت أوزداغ” النظام السوري يمنع دخول أعضاء من حزب النصر

منع النظام السوري مجدداً دخول أعضاء من حزب النصر التركي من الدخول لسوريا بعد أيام …

الطائرات المسيّرة التركية تفتك بقوات الأسد في إدلب.. والطيران الروسي يغيب عن سماء المدينة

صدى الشام – فادية سميسم واصلت الطائرات التركية المسيّرة، عمليات استهداف مواقع قوات النظام السوري …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *