صدى الشام-حسام الجبلاوي/
شغلت مواقع إعلامية ألمانية أوساط اللاجئين في الآونة الأخيرة بعد أن نشرت تفاصيل اتفاق بين الأحزاب الألمانية يقضي بتأجيل قبول لم شمل العائلات التي حصلت على الإقامة الثانوية حتى الشهر السابع من العام الحالي بعد أن كان مقرراً له سابقاً أن يبدأ في شهر آذار الجاري، كما شمل الاتفاق وفق ما نُشر أن لا يتجاوز عدد المسموح لهم بلم الشمل من هذه الحالات سوى 1000 شخص شهرياً.
وذكر تلفزيون WDRforyou أنّ اتفاقاً حصل بين الأحزاب الرئيسية في البلاد يقضي بتمديد الحظر على طلبات اللجوء للحاصلين على الإقامة الثانوية إلى ما بعد منتصف العام الجاري، بسبب ضغوط كبيرة مارستها الأحزاب اليمينية التي تحاول إيقاف القرار كلياً وليس تأجيله.
وبحسب تقرير صحفية لصحيفة “بيلد” فإن حوالي 390 ألف لاجئ سوري ينتظرون إلغاء الحظر لتقديم طلبات لجوء لعوائلهم بعد حرمانهم من ذلك طيلة ثلاثة أعوام بسبب حصولهم على الإقامة الثانوية.
تمييز في المعاملة
يرى الناشط الحقوقي المقيم في ألمانيا عروة السوسي، أنّ هذا القرار شكّل صدمة كبيرة في أوساط اللاجئين لاسيما السوريين، بعد حالة ترقب دامت لفترة طويلة.
ويوضح السوسي أنّ “ألمانيا قسمت اللاجئين القادمين إليها إلى قسمين الأول: أعطته حق اللجوء الكامل لمدة ثلاث سنوات لاقتناعها بأهمية الأسباب الإنسانية التي دعتهم للقدوم إليها، وهؤلاء يحق لهم منذ منحهم الإقامة تقديم طلبات لجوء لعائلاتهم (لم شمل).
والفئة الثانية وهي المعنية بهذا القرار هم أصحاب “الإقامة الثانوية” وهم فئة من اللاجئين لم تُرفض طلبات لجوئهم، ولكن وبسبب زيادة الضغط في أواخر عامي 2015 و2016 قامت السلطات بمنحهم الإقامة الثانوية لمدة سنة واحدة والتجديد لهم كل عام مع الاشتراط عليهم عدم التقدم بطلبات لم الشمل قبل عام 2018.
وأضاف السوسي لـ ” صدى الشام” :”كان مقرراً أن ينتهي الحظر على هذه الفئة في آذار، ليتمكن هؤلاء من استقدام ذويهم، ولكن تم تأجيل هذا الأمر إلى ما بعد منتصف العام الحالي وبأعداد محدودة جداً لا تتعدى 1000 شخص شهرياً”.
وتابع :” من غير المعلوم حتى الآن إذا كان القرار سيشمل 1000 شخص شهرياً أو 1000 عائلة، لأن هذا الرقم قليل جداً مقارنة بالأعداد الكبيرة من اللاجئين التي تنتظر لم شمل عائلاتها”.
وبحسب السوسي فإنّ هذا الملف تحديداً شهد صراعاً كبيراً بين الأحزاب السياسية الألمانية التي يعتبر اليمين المتطرف أنها “ستؤدي لزيادة كبيرة في أرقام الأجانب، وإلى تغير ديمغرافي كبير في البلاد” بحسب زعمهم.
وكان رئيس وزراء ولاية بافاريا، طالب بإيقاف لمّ شمل عائلات أصحاب “الحماية الثانوية”. وقال إنه “من الخطأ لم شمل عائلات اللاجئين غير المسموح لهم بالإقامة بشكل دائم في ألمانيا”.
خيبة أمل
وفق أرقام وزارة الداخلية الألمانية بلغ عدد طلبات اللجوء في ألمانيا في عام 2015 نحو 476649 طلب لجوء، منها 162510 من سوريين. وقد تم منح 1707 طالب لجوء “الحماية الثانوية” (0.6 بالمئة).
أما في عام 2016 فقد تلقت سلطات اللجوء الألمانية قرابة 750 ألف طلب، منها نحو 269 ألف لطالبي لجوء سوريين. وقد تم منح 153.700 طالب لجوء “الحماية الثانوية”، أي بنسبة 22.1 بالمئة، وحصل 41.2 بالمئة من طالبي اللجوء السوريين على “الحماية الثانوية”.
أما في النصف الأول من عام 2017 فقد تم منح 69.921 حق “الحماية الثانوية”، أي بنسبة 17.1 بالمئة.
وتوضح هذه الأرقام الارتفاع الكبير في أعداد اللاجئين الحاصلين على الإقامة الثانوية في البلاد ما بعد عام 2015، وبالتالي فإنّ هناك ما يقدر بربع مليون لاجئ محرومون حتى اليوم من لم الشمل.
وائل حجازي، لاجئ سوري وصل إلى ألمانيا لوحده في عام 2016، يروي لـ “صدى الشام” ما يعتبره “تمييزاً في المعاملة وتضييقاً كبيراً من قبل السلطات الألمانية في معاملات لم الشمل”.
ويقول حجازي إنه وصل هو ومجموعة من أصدقائه في التاريخ ذاته، وتم فرزهم إلى ولايات مختلفة، ورغم تشابه الظروف حصل بعض أصدقائه على حق الاقامة واستقدموا عائلاتهم بعد فترة قصيرة، في حين تم منحه هو “حماية ثانوية” مقابل عدم لم شمل أسرته قبل آذار 2018.
ويضيف حجازي : ” أصبت بخيبة أمل كبيرة جراء القرار الأخير، كنت أنتظر بفارغ الصبر الموعد المحدد لاستقدام زوجتي وأطفالي الذين يقيمون في سوريا في ظروف صعبة، والآن لا أدري متى سيفتح لي المجال لاستقدامهم ومتى سيحين دوري “.
وتساءل حجازي “إذا كان سيمسح بلم الشمل بحدود 1000 شخص شهرياً وهناك أكثر من 250 ألف حالة فهل من الممكن أن يأتي دوري بعد 50 شهر مثلاً؟ هذا القرار غير واقعي بالمطلق ولا يوجد أي مراعاة إنسانية للظروف التي نعيش بها بعيدين عن عوائلنا”.
ويؤكد اللاجئ السوري الذي يعاني ظروفاً صعبة بحسب قوله أنه لا يوجد أي سبيل لديه سوى انتظار القرارات الجديدة، مضيفاً: ” سأعود إلى تركيا إذا شعرت أنه لا سبيل لدي للاجتماع بأسرتي في هذا البلد قريباً”.
شروط صعبة
تنص قوانين لم الشمل في ألمانيا على توفر مجموعة من الشروط لصاحب الطلب وهي الحصول على حق الإقامة سواء الانسانية أو العمل، وتقديم ما يثبت أنه يستطيع إعالة نفسه وإعالة من يرغب في جلبهم للعيش معه في المانيا، وأن يقدم الشخص أيضاً ما يثبت أن لديه منزل يكفيه ويكفي من يرغب في لم شمله من عائلته.
ورغم تساهل السلطات الألمانية في هذه الشروط مع اللاجئين من المناطق التي تشهد حروباً مثل سوريا والعراق، إلا أنّ ذلك يكون فقط في الأشهر الثلاثة الأولى فقط لوصول اللاجئ، ولذلك يُنصح الواصلون حديثاً إلى البلاد بتسريع طلبات لم الشمل لمن حصل منهم على حق الاقامة الكاملة في الفترة التي تسمى بألمانيا “صيانة المهلة” لأنه سيتوجب بعدها توفير كافة الشروط السابقة.
ويمنع القانون الألماني لم شمل الزوج أو الزوجة دون 18 من عمرهم، وأبناء المطلقين الذين لم يحصلوا على الموافقة من الشريك المقيم خارج البلاد، فيما يسمح القانون باستقدام الزوج أوالزوجة لشريكهم وأبنائهم دون 18 عاماً، كما يسمح لمن لجأ إلى ألمانيا وهو في عمر دون 18 عاماً التقدم بطلب لم شمله مع أبيه أو أمه أو كليهما.
جدير بالذكر أنّ قوانين لم الشمل واللجوء في ألمانيا تخضع لتغيرات كبيرة بين فترة وأخرى بسبب تغير الأوضاع السياسية في البلاد، وفي آخر التطورات حددت الحكومة الألمانية مؤخراً عدد من تود استقبالهم سنوياً من طالبي اللجوء بما لا يزيد من 200 ألف لاجئ.