الرئيسية / مجتمع واقتصاد / اقتصاد / غذاء السوريين مُهدّد…بين الجفاف والصراع

غذاء السوريين مُهدّد…بين الجفاف والصراع

ريان محمد
“ليس لدي محصول هذا العام، فالأرض لم ترتوِ”، قال أبو أحمد”، مزارع من السويداء، مضيفاً “هذه السنة ستكون قاسية علينا، فلا محصول نجنيه هذا الموسم, ولا عمل لدينا”.
وأضاف “لقد تكلفنا على الأرض الكثير هذه السنة، فأسعار الحراثة والأسمدة وأجرة اليد العاملة تضاعفت عدة مرات خلال الفترة الماضية”.
وقال “كنا ننتظر الموسم عله يقينا الجوع، ولكن اليوم لا أمل بوجود محصول، كنا في سنين المَحَل الماضية ننزل إلى دمشق أو حلب أو لبنان أو الأردن، نعمل فيها لنؤمّن قوت عائلاتنا، لكن هذه السنة لا يوجد حتى عمل هناك”.
من جهته، قال أبو عبدو، مزارع من درعا، “لن تطرح أرضنا هذا الموسم ذلك الخير الذي لم يغب عنا طوال السنوات الماضية، مبيناً “المعارك الدائرة في محيط القرية والقصف المتواصل، لم يسمح لنا أن نزرع الأرض، ولو زرعناها لا أتوقع أن نكون قادرين على أن نجنيها”.
ولفت إلى أن “الأراضي التي زرعت في بعض مناطق درعا، هذا الموسم قليلة جداً، ولن يكون مردودها كافياً لإشباع احتياجات أصحابها”.
بدوره، قال سروان، محلل اقتصادي، إن “قلة الأمطار وارتفاع أسعار الوقود، التي شهدت معظم المحافظات انقطاعها لفترات طويلة، وانخفاض منسوب المياه في الآبار، أدّى إلى عجز الكثير من الفلاحين عن ريِّ أراضيهم، وهذا انعكس سلباً على إنتاجية الأراضي، أضف على ذلك ارتفاع أسعار الأسمدة والخدمات الزراعية كافة”.
وتابع “كما ساهم تدهور الأوضاع الأمنية في العديد من مناطق البلاد، إلى حرمان عشرات آلاف الفلاحين، من استثمار أراضيهم، وبالتالي فقدانهم مصدر رزقهم”.
وكانت وزارة الزراعة في حكومة النظام أقرت أن مساحات الأراضي المزروعة انخفضت بشكل كبير وصلت في بعض المحاصيل إلى أكثر من 83%, كما قُدِّرت قيمةُ الخسائر غير المباشرة للموسم الزراعي الاستراتيجي الماضي بـ31 مليار ليرة.
وأعرب سروان عن اعتقاده، بأن “أسعار المواد الغذائية، ستشهد قفزاتٍ خلال العام الجاري لشحِّها في الأسواق، ما قد يدفع إلى تعويض هذا النقص، عبر استيراد مواد غذائية، هذا سيحمل النظام أعباء مالية كبيرة، ما سينعكس سلباً على المواطن، الذي أرهق من أعباء الحياة المعيشية”. 
وكان تقرير دوري لوحدة المعلومات الاقتصادية، وهي مؤسسة مستقلة ضمن (مجموعة إيكونوميست) ومقرها لندن، صدر مؤخراً، قال إن أسعار المواد الغذائية في سوريا تضخّمت نحو 322% بين أعوام 2000 و2013, وبلغ استهلاك الغذاء 45.6% كنسبة من الإنفاق الأسري.
كما قال خبراء لدى الأمم المتحدة ومتخصصون في المناخ في تقرير نشر قبل أيام، إن “من المتوقّع أن يزداد تقلص إنتاج المحاصيل في سوريا”، مبيّناً أن “الجفاف والصراع الدائر في سوريا وعدم توافر منشآت كافية لتخزين المياه سيزيد من الصعوبات التي تواجهها المجتمعات الريفية المعتمدة على زراعة المحاصيل وتربية الماشية، كما سيقلص محصول القمح هناك إلى أقل من ثلث المحصول قبل الأزمة”.
وكان إنتاج سوريا من محصول القمح، شهد تراجعاً كبيراً خلال الأزمة، فبعد أن كان يفوق 3 ملايين طن، لم يصل العام الماضي إلى مليوني طن، فيما بين تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (الفاو)، إلى أن القطاع الزراعي في سوريا قد خسر في عام 2012، نحو 1.8 مليار دولار جراء الأزمة المستمرة.
وأوضح الخبراء أن منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ومنها سوريا، تشهد حالياً أجف شتاء منذ بضعة عقود، حيث أصاب الجفاف بدرجات متفاوتة نحو ثلثي الأرض الصالحة للزراعة والمحدودة أصلاً في سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية والعراق، ما أضرّ بمحاصيل الحبوب في هذه المناطق.
وقال خبراء إن السلطات المسؤولة عن المياه والزراعة إضافة إلى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة بدأت إعداد خطط للإعلان رسمياً عن حالة جفاف في الشرق الأوسط تمتد حتى المغرب وجنوباً حتى اليمن، حيث يظهر مؤشّر المطر أن المنطقة لم تشهد نقصاً في مياه الأمطار على هذا النحو منذ عام 1970 على الأقل.
يشار إلى أن معاناة المزارعين في سوريا بدأت منذ عام 2005، عندما أقر “حزب البعث العربي الاشتراكي”، في مؤتمره العاشر اقتصاد السوق الاجتماعي، والتي أعقبته إجراءات عدّة تهدف لتحييد دور الدولة عن دورها الاجتماعي، ورفع أسعار الوقود والأسمدة، إضافة إلى فتح الأسواق المحلية أمام منتجات دول الجوار ذات التكلفة الإنتاجية الأقل والدعم الأكبر من حكوماتها، دون أية ميزات تفضيلية للمنتجات السورية.
وأتت الأحداث التي تشهدها البلاد لترفع أسعار السلع والمواد الغذائية في سوريا خلال الأزمة بشكل جنوني، بحسب مستهلكين, مع فقدان أصناف أخرى من الأسواق.

شاهد أيضاً

إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية: خطوة استراتيجية نحو تعزيز الاقتصاد السوري

أكد وزير المالية السوري في تصريح صحفي أن إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية تمثل …

الخزانة الأمريكية تفتح أبواب الاستثمار في سوريا.

أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عن إصدار قرار فوري بتخفيف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *