أنس عوض – دمشق
نظمت رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية، بالتنسيق مع “رابطة أحرار زملكا” والمجلس المحلي لحي جوبر الدمشقي، وناشطون من مدينة معضمية الشام، وقفة من أجل التذكير بضحايا الهجمات الكيميائية في سوريا، في ساحة الأمويين في العاصمة دمشق، التي تبعد حوالي 8 كم عن مسرح الجريمة لمجازر “الكيماوي” في غوطتي دمشق الشرقية والغربية، التي ارتكبها نظام الأسد البائد، وجاءت هذه الوقفة بهدف المطالبة بالعدالة لضحايا مجازر “الكيماوي”(غاز السارين) ومحاسبة رأس النظام السابق “بشار الأسد” المخلوع، والمسؤولين عن الجرائم الكيميائية.
وشارك في الوقفة ناشطين سياسيين وإعلاميين وأطباء، أمس الثلاثاء 14 من كانون الثاني، وشارك فيها أيضا ناجون وذوي ضحايا مجازر “الكيماوي”، التي ارتكبها نظام “بشار الأسد” المخلوع، في عدة مناطق في سوريا ولا سيما أبرزها في غوطتي دمشق الشرقية في (مدينة زملكا) والغربية في مدينة (معضمية الشام)، في 21 آب 2013 خلال السنوات السابقة من الثورة السورية، والتي راح ضحيتها 1144 شخصًا اختناقًا، منهم 1119 مدنيًا بينهم 99 طفلًا و194 سيدة (أنثى بالغة)، و25 من مقاتلي فصائل المعارضة، بالإضافة إلى إصابة 5935 شخصًا بأعراض تنفسية وحالات اختناق، وذلك باستخدام ما لا يقل عن عشرة صواريخ محملة بغازات سامة، “وفقاً لتقرير سابق “للشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
المطالبة بمحاسبة نظام الأسد و”وصوله إلى حبل العدالة”
قال الطبيب أحمد الحر، وهو عضو في “رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية“، وكان من أحد المشاركين في الوقفة في دمشق، لجريدة صدى الشام، إن الوقفة كانت ضرورية وخاصة في هذا الوقت الراهن بعد سقوط نظام الأسد حتى نذكر العالم والمجتمع الدولي بجرائم هذا النظام البائد ولنمنع من لجوئه السياسي في أي دولة كانت، وأشار إلى أن سقوطه عن سدة الحكم لا يعني تنصله من جرائمه ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية على سوريا، مؤكدًا أننا سنلاحقه في المحاكم الدولية والوطنية حتى نُصلُه إلى حبل العدالة، بحسب وصفه.
وأضاف الطبيب الحر قائلاً: نطالب المجتمع الدولي والدول الإقليمية بعدم قبول اللجوء لمجرمي الحرب الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري، وشدد على ملاحقتهم دوليًا وقانونياً وعلى رأسهم “بشار الأسد”، وتسليمهم للمحاكم الدولية والوطنية السورية، لضمان عدم إفلاتهم من العقاب، ولتحقيق العدالة لضحايا “مجازر الكيماوي”، وذويهم.
وفي ذات السياق، أوضح الناشط السياسي يوسف الغوش، الذي ينحدر من مدينة زملكا بريف دمشق، وكان من ضمن الناشطين المشاركين من أعضاء “رابطة أحرار زملكا” في الوقفة المتعلقة بالمطالبة بمحاسبة مرتكبي الهجمات الكيميائية، لجريد صدى الشام، إلى أن هدف محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي في سوريا أصبح قريب المنال، وذلك بعد سقوط نظام الأسد ووجود حكومة وطنية انتقالية، ومحاسبة المتهمين سواء في المحاكم الوطنية السورية أو في المحاكم الدولية، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب توفر إرادة حقيقية ويرافقها قرار رسمي محلي بالبدء بفتح ملف قضية استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، وأضاف أن لاسيما هذا الملف يحتاج إلى توفير البيئة القضائية اللازمة لإجراء محاكمة عادلة ذات مصداقية، ويكون ذلك بتعاون دولي، من أجل ضمان تسليم المتورطين ومحاسبتهم في المحاكم، وتزويد القضاء السوري بالوثائق والشهادات والمعلومات والأدلة اللازمة.
ويرى الغوش أن ما يهم الشعب السوري وخاصة ذوي الضحايا من خلال مطالبهم الحثيثة، هو محاسبة مرتكبي مجازر “الكيمياوي” وغيرها من المجازر المرتكبة بحقهم، وأن يروا بأن العدالة تتحقق بمحاسبة المجرمين الذين استباحوا حياة ذويهم الأبرياء، وأن نضالهم وتضحياتهم خلال السنوات السابقة من الثورة السورية لم تذهب سدى وبل أثمرت بإسقاط النظام المخلوع، وفق تعبيره.
ومن جانبه اعتبر الناشط معاوية حمود، وهو مصاب وموثق لمجزرة “الكيماوي” في مدينة معضمية الشام بريف دمشق، لجريدة صدى الشام، أن هذه الوقفة جاءت لتؤكد على أننا ضمن خطة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب وعدم إفلاتهم من العقاب، وأضاف: لن نتوانى عن المطالبة بإنصاف الضحايا ومحاسبة جميع المسؤولين عن المجزرة من نظام الأسد وحلفائه.
وطالب الحمود بتشكيل لجنة تحقيق تشرف عليها الحكومة السورية الجديدة بشكل مباشر، لملاحقة جميع المتورطين داخل سوريا وخارجها، وأشار إلى أن استخدام السلاح الكيميائي لم يكن مجرد تكتيكٍ عسكريٍ وإنما هناك أطراف دولية متورطة بهذه الهجمات لمصالح سياسية، بحسب وصفه.
وكما طالب المجتمع الدولي باحترام إرادة الشعب السوري بملاحقة المتورطين، ومساعدته بما يتناسب مع القانون الدولي، ومنوهً إلى أنهم يعتمدون بالدرجة الأولى على الحكومة الجديدة في دمشق.
آلية عمل محاسبة نظام الأسد في المحافل الدولية
أوضح رئيس رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية أنس الخولي، لجريدة صدى الشام، أن رابطة الضحايا ستكثف من جهودها في دفع آلية عمل محاسبة نظام الأسد نحو الأمام، من خلال جمع الأدلة الموثقة من الضحايا والشهود، بما يشمل تسجيل شهادات الناجين وتحليل الأدلة الطبية والبيئية، ومشيراً إلى أنه سيكون ذلك بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الدولية، ولا سيما ستعمل الرابطة بالتنسيق مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ومكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة، لضمان تقديم الأدلة بشكل قانوني قابل للاستخدام في المحاكم الدولية والوطنية.
وستواصل رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية متابعتها للقضايا المرفوعة في المحاكم الدولية، ضد مرتكبي جرائم ضد الإنسانية المتعلقة بالضربات الكيميائية، في المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم المختصة باستخدام مبدأ “الولاية القضائية العالمية”، والضغط لتشكيل محكمة خاصة لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا استنادًا على قرارات مجلس الأمن الدولي، في حال إذا توفرت الإرادة الدولية في محاسبتهم وملاحقتهم لمنع إفلاتهم من العقاب، وفق ما أورده الخولي.
وتابع الخولي حديثه لجريدة صدى الشام، أن سقوط نظام الأسد الهارب يعني سقوط الحصانة عنه التي كان يتمتع بها كرئيس دولة، وبالتالي سيخلق هذا فرصاً أكثر في ملاحقته قانونياً سواء من قبل المحكمة الجنائية الدولية أو الدول التي تعتمد الولاية القضائية العالمية لجرائم الحرب، مثل فرنسا في محكمة باريس التي صادقت على مذكرة اعتقال بحق بشار الأسد في 26 من حزيران من العام المنصرم، وختم الخولي حديثه، أن تحقيق العدالة لضحايا “الكيماوي” بعد سقوط نظام الأسد يتطلب جهوداً مكثفة ومنسقة لضغط على الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، حتى يمارسوا ضغوطاً سياسية وقانونية على روسيا لتسليم “بشار الأسد” إلى المحاكم الدولية لضمان تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا.
وبعد انتصار الشعب السوري بإسقاط نظام الأسد، تشهد سوريا مرحلة انتقالية جديدة، وحراكاً سياسياً دولي، ولكن تبقى آمال العدالة معلقة ومرهونة بإرادة دولية جادة في تحقيقها في محاسبة مرتكبي جرائم الحرب بحق الشعب السوري وملاحقتهم دولياً وقانونياً لمنع إفلاتهم من العقاب، وبينما أرواح ضحايا السلاح الكيماوي ما تزال تختنق وتنتظر العدالة لتأخذ مجراها وتتحقق لإنصافهم.