الرئيسية / مجتمع واقتصاد / مجتمع / مواد مجتمعية مختارة / حملات كراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا.. من يتحمل المسؤولية؟

حملات كراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا.. من يتحمل المسؤولية؟

 حسام جبلاوي – مرسين

يتعرض اللاجئون السوريون في تركيا منذ أشهر بشكل يومي لحملات كراهية وتضليل ممنهجة على وسائل التواصل الاجتماعي، تستهدف وجودهم في تركيا وتطالب بطردهم.

وتروج بعض هذه الحملات لمعلومات وحوادث مغلوطة ومفبركة تساهم في تشويه صورتهم، وتحرض بقية الجمهور على رفض تقبلهم في تركيا.

ويساهم في هذه الحملة سياسيون أتراك وقنوات إعلامية وصحفيون وشخصيات شهيرة.

قبل أيام كشف مواطن تركي كواليس تصوير مقابلة مزيفة مع قناة تنشر تقاريرها على وسائل التواصل الاجتماعي انتحل فيها صفة سوري.

وقال الشاب إنه من منطقة شانلي أورفا جنوب تركيا وكان في اسطنبول، عندما صادف منصة “Medyali” وعرضت عليه التصوير وإجراء مقابلة على أنه شاب سوري مقابل 500 ليرة تركية، مضيفا أنه كان ينظر للورقة التي أعطوه إياها ويقول ما ورد فيها”.

وفي هذه المقابلة التي أثارت غضبا واسعا في تركيا ضد السوريين ادعى الشاب أنه سوري ولا يدفع ضرائب، وأضاف:” أكسب 25 ألف ليرة، دع الذي يأخذ الحد الأدنى للأجور يمُت”، وادعى أن لديه عمله الخاص في مجال النسيج وأنه يعيش بشكل مريح، مبيناً أنه لا توجد أي مشاكل في تركيا ما عدا تطبيق الشريعة”.

الحكومة التركية من جهتها اكتفت بإصدار بيان توضيحي قالت فيه إن الشخص الذي ظهر في الفيديو تركي دون أن تعلن عن أي اجراءات بحقه أو بحق القناة.

ورغم وجود احصاءات رسمية حكومية بعدد اللاجئين السوريين في تركيا (نحو 3 مليون ونصف) يستمر حزب “ظفر” المناهض للاجئين بنشر بروباغندا تحذر من أعدادهم التي فاقت بحسب زعمه 13 مليون، كما مول رئيس الحزب أوميت أوزداغ فلم قصير مدته 8 دقائق بعنوان “الغزو الصامت” يظهر الفيلم صورة إسطنبول عام 2034 وقد تحولت إلى مدينة مدمرة، يلاحق فيها الأتراك من قبل السوريين في الشوارع.

وتنص المادة رقم 29 من قانون المعلومات المضللة التركي الذي اعتمده البرلمان قبل أشهر على عقوبة السجن من سنة إلى ثلاث سنوات لمن ينشر معلومات مضللة للجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووفق تقرير رويترز ديجيتال نيوز الصادر عام 2018، تحتل تركيا المرتبة الأولى بين الدول الأكثر تعرضاً للأخبار الكاذبة، حيث تكشف الدراسة الأشخاص الذين يثقون بالأخبار التي يرونها أو يشاهدونها في تركيا هم 38 في المئة.

وتنص المادة 20 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن تحظر بالقانون أي دعاية للحرب، وأي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.

وفي أغسطس العام 2022 قالت الأمم المتحدة إن على الدول أن تحاسب الذين يدافعون عن الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية.

وغالبا ما يتصدر وسم “suriyeliler   كناية إلى السوريين أكثر الهاشتاغات المتدوالة في تركيا على موقع تويتر” مع كمية هائلة من المعلومات المغلوطة والتحريضية مثل عدم دفعهم الضرائب وتوظيفهم في المؤسسات الحكومية التركية على حساب المواطنين الأتراك.

تعرضت سناء وهي شابة سورية لاجئة تقيم في تركيا لتنمر وهجوم واسع على موقع “تويتر” قبل أيام بعد ردها على تغريدة تحرض على السوريين باللغة التركية.

تقول سناء في حديثها لموقع “صدى الشام” إنها كتبت ردا على تغريدة لشاب تركي على تويتر نشر معلومات مغلوطة عن السوريين مثل حصولهم على مساعدات كبيرة من الدولة، ودراستهم مجانا في الجامعات التركية، وأن الوضع في سوريا جيد ولا توجد حرب. وتضيف: ” كتبت ردا بكل أدب أفند هذه الشائعات، وشرحت أسباب وجود السوريين في تركيا، وأن اللاجئين مهددون في حال عودتهم”.

إلا أن سناء وهي طالبة جامعية أكدت أن معظم التعليقات على ردها حملت عبارات قاسية وتنمر كبير عليها مثل “انقلعوا من بلدنا” و” لا نريد لاجئين في تركيا” وغيرها، بل حتى وصل الأمر إلى شتمها ما دفعها بحسب قولها لحذف الرد.

المحامي غزوان قرنقل

ويرى غزوان قرنفل وهو ناشط حقوقي ورئيس تجمع المحامين السوريين في تركيا أن هناك حراكا من الدول والحكومات الإقليمية سواء في تركيا أو لبنان أو الأردن لا يمكن تفسيره بأنه سلوك بريء ويبدو أن هناك تنسيق إقليمي لإعادة اللاجئين السوريين بالقوة إلى بلدهم، مضيفا أن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي غير مهتم بالقضية السورية كما كان الحال سابقا. ونرى مفوضية اللاجئين في تركيا مكبلة الأيدي تجاه ما يجري من انتهاكات بحق اللاجئين.

واعتبر أن حملات التحريض الواضحة ضد السوريين في تركيا منذ عام 2019 يقف وراءها جميع الأطراف في تركيا سواء الحكومة أو أحزاب المعارضة للمتاجرة بملف اللاجئ السوري وتحقيق منافع سياسية.

وأضاف في حديثه لصدى الشام:” هناك تقصير حقوقي، وتقصير من قبل السلطات التركية في مسائلة المحرضين، وهناك ازدواجية كبيرة في تطبيق القانون ففي حين أن أي تركي قادر على توجيه أبشع الصفات والعبارات العنصرية للسوريين دون أي يحاسب نرى على الطرف الآخر أن أي سوري يعتقل لأي رأي يكتبه قد لا يعجبهم.

وتساءل قرنفل:” لماذا لم يحاسب الجنود الأتراك الذين عذبوا لاجئين على الحدود بأبشع أساليب التعذيب رغم مطالب صحفيين أتراك بمسائلة هؤلاء العناصر؟ نرى أن السياسية التركية توجه فقط للضغط على السوريين لأجل الرحيل من تركيا”.

الصحفي أحمد حاج بكري

من جانبه رأى الصحفي أحمد حاج بكري المقيم في تركيا أن السلطات التركية هي من ساعدت في تفشي ظاهرة استهداف اللاجئين من خلال التدقيق عليهم دون غيرهم كما في حملة إزالة لافتات محلهم التي تحوي لغة عربية، بينما تترك باقي اللافتات المكتوبة بالإنكليزية أو الروسية أو اليونانية. وأضاف:” عندما لا يكون هناك أي ردة فعل من قبل السلطات تجاه استهداف اللاجئين فمن الطبيعي أن تزداد هذه الحملات وأن تمر بلا عقاب”.

ورأى حاج بكري أن المشكلة الأساسية هي عدم وجود خطة من قبل الدولة التركية منذ بداية استقبالها للسوريين لدمجهم في المجتمع، وسوق العمل وتخطي حاجز اللغة، وكانت الدولة التركية تتعامل مع اللاجئين على أساس وجودهم لفترة محدودة دون خطة طويلة الأمد، ومن الصعب حاليا تجاوز هذا الأمر بعد 12 عاما.

وعلى صعيد الموقف الرسمي للحكومة التركية غالبا ما يكرر المسؤولون الأتراك وآخرهم وزير الخارجية هاكان فيدان على ضرورة دعم ثقافة التسامح في المجتمع. ودعا فيدان في تصريح على هامش مؤتمر الهجرة في إيطاليا جميع الدول إلى منع معاداة الأجانب وجرائم الكراهية ودعم ثقافة التسامح من أجل حماية كرامة الإنسان.

من جانبها قامت الحكومة التركية العام الفائت بتمرير قانون من البرلمان لمعاقبة نشر الإشاعات والأنباء الكاذبة، وحظر أي دعاية للحرب، وأي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.

“تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

شاهد أيضاً

حرب الملصقات بين انصار اللباس الشرعي واللباس الحر

على صفحات الفيسبوك، وعلى جدران الشوارع، تدور في هذه الايام معارك ملصقات بين انصار اللباس …

كفى صمتاً: في اليوم العالمي لمناهضة العنف، نساء سوريات يروين قصصهن

مريم سريول – صدى الشام العنف ضد النساء: أزمة عالمية مستمرة على مدار عقود، كان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *