الرئيسية / منوعات / منوع / حاميها حراميها

حاميها حراميها

شهرزاد هاشمي

رغم تحذيرات الأهل والأصدقاء لنا بأن الوضع بات لا يحتمل
اكثر من ذلك، وبأن سكننا في منطقة جوبر أصبح تهديدا لحياتنا وحياة ولدينا إلا أننا
لم نعر أحداً اهتمامنا وقررنا البقاء في منزلنا لآخر لحظة، إلى أن اضطررنا للخروج والهرب
بالملابس التي نرتديها ولاشيء سواها، عندما ساءت الأوضاع بشكل لا يحتمل.

حي أشباح

لم نكن
نعلم من أية جهة تأتي القذائف التي لم تتوقف لا ليلا ولا نهاراً، والتي سقط آخرها أمام
باب المنزل, فلم يكن بوسعنا إلا الهرب خوفاً على أطفالنا، ونزحنا الى ريف محافظة حماة.

اغلقنا
منزلنا وخرجنا مسرعين, لم نكن نعلم بأنها ستكون آخر مرة سنزور هذا المنزل الذي تركنا
فيه كل شيء
، حتى الكتب المدرسية للأولاد لم يكن لدينا
وقت لإخراجها معنا، وبعد حوالي الأسبوعين هدأ الوضع قليلا في جوبر وحدثني أحد الجيران
الذين بقيوا قريبا من المنطقة بحصول سرقات للمنازل في جوبر
وبأن
كل منزل مغلق تم كسر بابه وسرقة محتوياته، قررت المخاطرة والذهاب الى حي الاشباح بحسب
وصف كل من زاره..حي مهجور لوهلة لم استطع التعرف عليه، باب بيتي مخلوع،
وقد
سرقت معظم الاشياء منه، التلفزيون، الغسالة، اسطوانات الغاز، كل شيء خف حمله وغلا
ثمنه.

لم أستطع
الوقوف أكثر لأن القذائف لم تهدأ أبدا،واتجهت لأقرب حاجز لما يدعى “اللُجان الشعبية،
وطلبت منه أن يسمح لي بإدخال سيارة لأخرج ما تبقى من أثاث منزلي،
فقال لي العنصر الذي يقف على الحاجز: “أحضر ما شئت وأدخل أية سيارة تريد
ولكن بعد أن تدفع 25 ألف ليرة عن كل قطعة اثاث تخرجها من الحي” اخرجت الوثائق التي تثبت ملكيتي للمنزل وبأنني سأدخل
منزلي فقط.، واتصلت بأحد الجيران لكي يثبت صحة ما أقول لكن دون جدوى، جميع من كان على
الحاجز كان لهم الكلام ذاته
، يسمحون
لأي شخص بالدخول لسرقة ما يشاء (المهم أن يدفع)

لطالما حاولت أن لا أصدق بأن من اؤتمن على أموال الناس
يقوم بنهبها
، فقد صدق معي المثل القائل “حاميها
حراميها” وأنا متأكد من ان هذا مثال صغير لما تقوم به هذه العناصر من
انتهاكات.

منذ
أكثر من شهر وأنا أنتظر المساعدة من أي شخص بمقدوره إدخالي إلى منزلي لأخرج منه بعض
الأشياء أو ما تبقى منها، إذ ليس بمقدوري دفع هكذا مبالغ فأنا عاطل عن العمل و زوجتي
ايضا
ً

فقدان من نوع آخر

معاناتي
لم تتوقف عند فقدان المنزل، فزوجتي لم تتقبل الأمر حتى الآن على الرغم من مرور حوالي
الشهرين على الحادثة
، ففي كل ليلة نستيقظ على صراخها وبكائها
أثناء النوم، لم يعد يهمني ما حصل للمنزل بل أصبحت خائفا أن أفقد زوجتي بعد الذي حصل،
لا أريد أن أعود لمنزلي ولا لأي مكان آخر، فقط أريد أن أعيد السعادة والدفء لأسرتي،
نحن بنعمة والحمد لله بأننا لازلنا على قيد الحياة بعكس الآلاف من أبناء البلد، الذين
هدمت منازلهم فوق رؤوسهم، لكن للأسف زوجتي لم تستطع تحمل الامر.

الآن
أنا وعائلتي نازحين، ولكن داخل بلدنا ولا نملك أي شيء، بعد ان فقدنا كل شيء منزلنا،
وأثاثنا، حتى ذكرياتنا الجميلة ذهبت بذهاب البيت.

شاهد أيضاً

تصنيف الجواز السوري لعام ٢٠٢٥

نزيه حيدر – دمشق يعتبر تصنيف الجوازات في العالم مؤشر لمدى قدرة حاملي هذا الجواز …

الحرية تدخل الجامعات السورية والطلبة يتطلعون لمستقبل مختلف

تمارا عبود – دمشق في الخامس عشر من كانون الأول 2024، فتحت الجامعات السورية بواباتها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *