الرئيسية / رأي / العربية والجزيرة اتفقتا في سوريا واختلفتا في مصر

العربية والجزيرة اتفقتا في سوريا واختلفتا في مصر

العربية والجزيرة

اتفقتا في سوريا واختلفتا في مصر

استطاعت قناتا
الجزيرة والعربية أن تستحوذا على أكبر نسبة متابعة من قبل الجمهور العربي منذ أن
انطلقتا، ورغم كل ما رافق مسيرة القناتين الرائدتين حقاً في مجال العمل الإخباري
من شكوك وانتقادات، إلا أن جميع القنوات التي انطلقت بعدهما، ومنها من وضعت في
خدمته إمكانية مادية كبيرة مثل قناة سكاي نيوز عربية، لم تستطع سرقة جزء يسير من
جمهور الجزيرة والعربية، وقد أتاحت ثورات الربيع العربي لهما انتشاراً أوسع، وخاصة
مع ميل الكثير من الدول إلى التضييق على العمل الإعلامي، كما حدث في سوريا على وجه
الخصوص، فأوجدت الجزيرة والعربية حلولاً قد تكون غير مهنية في بعض الأحيان، لكنها
ضمنت لهما القدرة على نقل الأحداث، ومتابعتها بشكل كبير، وسببت إحراجاً كبيراً
لوسائل الإعلام العاملة ضمن منظومة الإعلام الرسمي في سوريا ما جعل قناة
“الدنيا” مثلاً تخصص برنامجاً كاملاً لكشف ما أسمته التضليل الإعلامي،
دون أن يتمكن ذلك البرنامج رغم “البهرجة” الكثيرة، والمؤثرات الصوتية،
والحالة الكوميدية التي كان يقدم فيها، رغم كل ذلك كله لم يتمكن من إقناع
المشاهدين بأن ما يرونه بأعينهم غير حقيقي، ونظراً لما سببته قناتا الجزيرة
والعربية من إحراج وتضييق على النظام السوري، فقد خصص مسؤولو النظام بدءاً برأس
الدولة، وصولاً إلى من تبقى من رؤساء الشعب الحزبية وقتهم لكشف مؤامرة القناتين
وسعيهما للنيل من صمود سوريا، إلى آخره.

والحقيقة، أن قوة القناتين
ومهنيتهما لم تكن السبب الوحيد في تمكنهما من السيطرة على الجو الإعلامي بأكمله،
بل إن ضعف الإعلام الحكومي وترهله، وإنشائيته، وغبائه في الكثير من الأحيان ساهمت
في هذا الأمر كذلك، وللأمانة، فقد خالفت الجزيرة والعربية، وفي مرات كثيرة أصول
القواعد المهنية من خلال اعتمادهما أحياناً على معلومات دون التثبت من مصداقيتها،
وإيرادهما أخباراً تبين بعد قليل بأنها غير صحيحة، والأمثلة على ذلك كثيرة، مثلاً
أوردت قناة العربية في شهر تموز يوليو من عام 2012 خبراً عن انشقاق نائب رأس
النظام فاروق الشرع وفراره إلى الأردن، ثم تبين بعد ذلك أن الخبر عارٍ عن الصحة
تماماً، ولم تكلف العربية نفسها مشقة الاعتذار عن إيراد مثل هذا الخبر، واكتفت
بحذفه من نشرتها اللاحقة.

وظلت العربية
والجزيرة على تناغم كبير في نقل أخبار الثورة السورية بتفاصيلها، وخصصت لها فواصل
خاصة بها، تماماً كما فعلت مع ثورات الربيع العربي من قبل، بل إن الجزيرة خصصت
نشرة إخبارية خاصة بسوريا، وقد أوفدت كلتاهما مراسليها وتعاملت مع ناشطين إعلاميين
وأعدت تقارير خاصة من قلب الحدث، ولعل الجميع يتذكرون أحمد زيدان وهو يقف قريباً
من ساحة العباسيين في دمشق، أو ريما مكتبي وهي تتجول في شوارع مدينة درعا.

المهم أن طلاقاً من
نوع ما حدث بين العربية والجزيرة، بدأت ملامحه تتشكل مع تولي الرئيس محمد مرسي
السلطة في مصر، ووقع الطلاق فعلياً مع عزل محمد مرسي عن الحكم، فبينما أخذت
العربية جانب المعارضة لمرسي، لعبت الجزيرة، وفقاً لأجندتها الخاصة، دور المؤيد
بامتياز، حتى نظر إليها الكثيرون على أنها قناة “الأخوان” في مصر،
وتعامل معها الأمن المصري كما تعامل مع القنوات المؤيدة للرئيس مرسي بعد عزله،
فاقتحم مكاتبها، واعتقل موظفيها، بينما كانت قناة العربية تهلل للانتصار التاريخي
كذا إلى آخره، ولسنا هنا في وارد اعتبار ما حصل في مصر ثورة شعبية أو انقلاباً
عسكرياً، لكن ما يهم بالدرجة الأولى هو ذلك التباين في الموقفين، حتى لكأن كل قناة
كانت تتحدث عن بلد مختلف عن البلد الآخر، بل الأمر الأكثر غرابة أن العربية،
وإعلام النظام، ومعه قناة الميادين بطبيعة الحال تشابهوا كلهم في الاحتفاء بعزل
مرسي، وهللوا ورقصوا وطبلوا للحدث، وتخلت العربية عن مهنيتها وحرفيتها وقررت أن
تسمح لمقدمي برامجها أن يعربوا عن مشاعرهم في أثناء قراءتهم الأخبار، كما فعل
محمود الورواري مقدم برنامج الحدث المصري الذي قرأ خبراً عن تهنئة بشار الأسد
للشعب المصري بعزل مرسي، فما كان منه إلا أن رد، وخلال قراءة الخبر، رداً أثلج
صدورنا كسوريين، لكنه جعلنا كإعلاميين نقف حائرين، هل يجوز أن نفعل هذا في
الأخبار؟.

ربما، الجواب دائماً
عند الجزيرة والعربية.

شاهد أيضاً

هذه أنا..بلا أقنعة

ميساء شقير/ غالية شاهين – خاص لصدى الشام   لطالما أجبر الخوف السوريين على الاختباء …

المساواة أم العدالة.. أيهما يحقق التوازن الحقيقي بين الجنسين؟

ميسون محمد في عصرنا الحديث، أصبحت المساواة بين الجنسين شعاراً يتردد كثيراً في كل مكان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *