سراقب – مهلهل
إسماعيل
في وقت كثرت فيه
حوادث الاختطاف والاعتداء على الإعلاميين، قامت مجموعة من الملثمين المسلحين
باقتحام المكتب الإعلامي في مدينة سراقب، واختطاف الصحفي البولندي “مارتن
سودر” القادم حديثاً إلى سوريا لتغطية الأحداث .
خطف في وضح النهار
ففي تمام الساعة
الحادية عشر صباحاً، استيقظ الموجودون داخل المكتب على ضربات الأخمص والسلاح فوق
رؤوسهم، كانوا أكثر من خمسة عشر مسلحاً ملثمين بالكامل، ويتكلمون بلهجات عربية معظمها ليست سورية. حسب ما أفاد الموجودون؛ حينها
أقدم الملثمون على اختطاف “سودر”، ومصادرة معظم أجهزة المكتب من
لابتوبات، وكاميرات.
الناشط “منهل
باريش” الذي كان مستيقظاً لحظة الاقتحام، حاول منعهم من اختطاف “سودر”
ما أدى إلى أطلاق عيار ناري باتجاهه لم يصبه، ثم حاول الملثمون الدخول إلى الغرفة التي
تتواجد بها صحفية سورية كانت في زيارة
للمدينة، إلا أن منهل باريش و الذي كان
يحاول منعهم من الدخول، وتخليص مارتن من بين أيديهم وقف بباب الغرفة محاولاً الرد،
فحصل شجار حاد، وتعرض “باريش” لضرب قاس نقل إثره بعد انتهاء الحادثة
فوراً إلى المشفى.
سيارات مجهولة
ومشبوهة ..في قلب المدينة
المكتب الإعلامي
موجود في قلب المدينة القديمة، وعلى الكتف الشرقي لسوق المدينة، حيث تعد هذه
المنطقة مزدحمة طوال النهار، لكن مرور شهر رمضان، ونزوح اغلب أهل البلد بسبب موجة
العنف الأخيرة التي شنها طيران النظام، جعل
الحركة قليلة في هذا التوقيت من اليوم، وأفاد شهود بالمنطقة أن: “المسلحون
كانوا يستقلون سيارتين إحداهما عربة بيك أب زيتية اللون، والأخرى سيارة بيضاء من
نوع كيا” الأمر الذي أكده الناشط “باريش” الذي تعرض للاعتداء من
قبلهم.
الكتيبة الأمنية
..غائبة
ما أثار الاستغراب،
هو غياب الكتيبة الأمنية في المدينة عن الحادث، والمؤلفة من عناصر من بعض الكتائب
والألوية، وأهمها لواء “ثوار سراقب و ريفها” الذي يعد الفصيل الأكثر
حضوراً في المدينة، إضافة إلى عناصر من حركة أحرار الشام. هذه الكتيبة مهمتها أمن
البلد، والمساعدة في تأمين الخدمات والمرافق العامة, غير أن الكتيبة تعهدت بملاحقة الفاعلين .
وأعرب بعض قادة الكتائب
عن تضامنه مع منهل و باقي أعضاء الفريق الإعلامي الذي تعرض للحادث، وقد توجه
المعتدى عليهم إلى المحكمة الشرعية لاحقاً،
لتقديم شكوى بخصوص الموضوع .
تجدر الإشارة إلى
أن الصحفي “سودر” مقيم في سراقب
منذ أسبوعين، عرف عنه الدماثة و اللطف، إضافة لعمله كصحفي، كان قد بدأ بإعطاء دروس
في التصوير لبعض الناشطين من المدينة، ولم تتلق أي جهة اتصالاً حول هوية
الخاطفين، أو أسباب عملية الاختطاف.
الحادث ..وتبعاته
أحد اعضاء المكتب
يقول:” إن المكتب القائم في الطابق
الثاني للمبنى، لا يوجد فيه بناء سوى المكتب، و نحن عادة نقوم بقفل الباب السفلي،
لكن جلّ من لا ينسى، إذ أن كثرة الوافدين والخارجين منه تشتت الانتباه “.
مؤكداً أن هذا
الفعل لن يثني أعضاء المكتب عن متابعة عملهم بشكل أقوى, لكن بحذر أكبر.
المكتب الآن بدون
معدات، والمواد الموجودة على أقراص التخزين أو اللابتوبات المسروقة، سببت نقصاً
كبيراً بالمواد الإعلامية للمكتب، خصوصاً أن عدد هذه الأجهزة أساساً قليل، حيث
صادر الملثمون أكثر من 7 أجهزة لابتوب، وهاتف نقال، وكاميرتين، وقرص تخزين (هارد)،
إضافة إلى مسدس يحمله أحدهم للحماية، وسرقة كل اموال النشطاء من جيبوهم .
ردود الفعل
المدنية كانت متباينة بين مندد بالعمل، ومتحفظ، وصامت.
الجميع بصحة جيدة،
لكن ما مدى تاثير هذا العمل مستقبلاً على الناشطين المدنيين عامة، و هل هو ممنهج
أم مجرد فعل عابر ؟
قد تترك الإجابة
للأيام المقبلة، الامتحان كبير أمام أهل المدينة، وبالأخص قوى الجيش الحر المكلفة
بحماية المنطقة، علماً أنها تعد منطقة محررة!