الرئيسية / سياسي / سياسة / تقارير / معركة خربة غزالة تبدأ على مواقع التواصل الاجتماعي قبل بدئها على الأرض

معركة خربة غزالة تبدأ على مواقع التواصل الاجتماعي قبل بدئها على الأرض

تعد المعلومات مكوناً أساسياً في إستراتيجية الحرب لما لها من تأثير
على الروح المعنوية للقيادات والأفراد ومناصريهم، لكن ربما تتحول المعلومة إلى
أداة ذات مفعول سلبي إذا ما وظّفت بشكل سيء عبر كشف معلومات عسكرية خطيرة قد تودي
بحياة المقاتلين.

حيث ارتقى نحو خمسون شهيداً بتاريخ 21/7/2013 إثر كمين نصبته قوات
النظام للثوار خلال انتقالهم في المنطقة الواقعة بين “ميدعا” و مدينة
الضمير لمساندة كتائب الجيش الحر المتواجدة في الغوطة، وبحسب بعض المقاتلين
الميدانيين يبدو بأن النظام كان على علم مسبّق بتوقيت التحرك والمحور الذي سيتم من
خلاله.

في جانب آخر، أعلن ثوار درعا الجمعة المنصرمة بدء معركة بدر الكبرى
(يوم الفرقان) في ذكرى “غزوة بدر” الموافق 17 رمضان، وذلك لإعادة تحرير
بلدة خربة غزالة ذات الأهمية الاستراتيجية؛ إذ تقع على بعد نحو 20 كم من الشمال
الشرقي لمركز محافظة درعا، ونحو 80 كم من العاصمة دمشق، وهي مفصل رئيسي على الطريق
الدولي “أتستراد دمشق– درعا” الذي يربط ما بين سوريا والأردن، ولها
اتصال عبر أحد الطرق الرئيسية مع طريق “دمشق- درعا القديم” وصولاً إلى
داعل، ما يجعلها نقطة مركزية للتزود بالسلاح والذخيرة عبر الأردن.

يذكر بأنه قد سبق وأن سيطر الثوار على خربة غزالة لمدة 61 يوماً بعد
أن تمكنوا من قطع الأتستراد الدولي الذي يمثّل أحد أهم طرق الإمداد لقوات النظام
المتواجدة في درعا، لكن وفي ظل عجز قيادة المجلس العسكري برئاسة أحمد نعمة عن
تقديم السلاح والذخيرة انسحبوا تكتيكياً، قبل وصول بعض التعزيزات من ثوار المناطق
الأخرى في درعا مع بعض الذخيرة، فتمكنوا من استرداد البلدة بعد قتال دام أربع
ساعات فقط بتاريخ 8/5/2013.

إلا أن قوات النظام الأسدي أعادت إحكام السيطرة على البلدة بعد شن
هجوم مضاد تحت وابل من القصف العنيف لإعادة فتح الطريق الدولي، مما أضطر معظم
المدنيين إلى مغادرة البلدة خشية تعرضهم لعمليات إعدام ميداني على غرار مذابح
ارتكبت في بلدات أخرى تسيطر عليها قوات النظام الأسدي.

المستغرب أن معركة بدر الكبرى لم تلبث أن تبدأ ليعلن عن إلغائها (بأقل
من ساعتان)، وسط اتهامات متبادلة ما بين الثوار والإعلاميين، حيث أكدت الكتائب
المقاتلة بأن المكتب الإعلامي المشترك للألوية المشاركة هو المخول بإصدار أي بيان
بالتنسيق مع المركز الإعلامي السوري، مشيرة في ذات الوقت بأنها نشرت بيان بدء
العملية بعد تسلم الثوار لذخيرتهم وتمركزهم في مواقعهم.

وقد تمت مهاجمة تحصينات قوات النظام المتمركزة في الجهة الجنوبية
لخربة غزالة، لكن ما لبثت أن انسحبت الكتائب المقاتلة وهي: (لواء اليرموك- لواء
فلوجة حوران- لواء توحيد كتائب حوران- الكتائب العاملة في خربة غزالة)، وأعلنت قيادة
لواء توحيد كتائب حوران إلغاء المعركة تحت ذريعة كشف مواقع المقاتلين، وتسريب
تفاصيل عسكرية حساسّة، نتيجة تداول هذا الخبر بشكل مسبق على صفحات الانترنت ما كان
كفيلاً بإيصاله إلى أتباع النظام.

مما سبق يبدو واضحاً بأن قوات النظام كانت على علم بالتوقيت الزمني للمعركة،
فقامت بقطع الكهرباء عن بلدات الغارية الشرقية والغربية، وقصف السهول بين خربة
غزالة والغارية الغربية والحي الغربي من بلدة علما بعد الإفطار مباشرة (أي قبل نشر
أي خبر على صفحات التواصل الاجتماعي بساعات)، كما اتخذت مواقع دفاعية ونصبت
الكمائن للثوار وبشكل خاص لقوة الاقتحام، وعززت لاحقاً مواقعها بإرسال رتل عسكري
على الاتستراد الدولي من قرية قرفا باتجاه خربة غزالة بعد توقف المعركة.

وبغض الطرف عن الجهة التي سربت المعلومات فإن قيادات وعناصر الجيش
الحر هي المعنية بالأمر لكونها مسؤولة عن عملية الإعداد والتخطيط والتنفيذ، وكان
من الواضح بأن عدد كبير من الأهالي والناشطين على علم بتوقيت وموقع العملية،
وبالتالي فإن علم أحد المتعاملين مع النظام بسير العمليات كان كافياً ليقوم
بفضحها.

بالمقابل، لا يعني ذلك بأن صفحات الإعلام الثورية لا تتحمل جزءاً من
المسؤولية، فلا توجد مرجعية إعلامية واحدة، أو معايير موحدة للنشر، فضمن البلدة
الواحدة هناك ما يزيد عن عشرين صفحة تعنى بشؤون الثورة، غالبها تتنافس لتحقيق سبق
صحفي وكسب أكبر عدد من المعجبين من خلال سرعة الوصول إلى الخبر الميداني، إذ تبين
أن معظم متابعي الثورة يهتمون بشكل أساسي بخسائر النظام وهو ما أضطر عدد من
الصفحات لنشر أخبار ربما لم تحدث أو كانت عبارة عن مجرد تكهنات وتوقعات، مما يفسح
المجال أمام التهويل في بعض الأحيان، نتيجة وجود بعض إداريي عدد من الصفحات خارج
سوريا، وبعيداً عن أرض الميدان، في حين تعنى صفحات أخرى بالتنظير وتوبيخ الناشطين
والثوار وتوجيه الملامة لهم، بينما تلعب صفحات أخرى دور المُعاير للمُسدد حيث تعطي
التفاصيل الدقيقة لأماكن سقوط القذائف، ونقاط تجمع المدنيين في بعض الأحيان دون
قصد.

التوصيات:

التكتم على مواقيت وأماكن العمليات، وعدم
الاستهتار بغية المفاخرة، أو إشاعة الخبر بين المدنيين قبل الانطلاق للعملية.

حصر المسائل الخاصة بأعمال التخطيط
والتنظيم والتنفيذ بغرفة قيادة العمليات فقط.

سحب أجهزة الاتصالات المحمولة من العناصر
المشاركة قبل بدء العملية.

تسليم التنسيق الإعلامي لأشخاص على مستوى
من الوعي والإدراك بعيداً عن السبق الإعلامي والتنافس لتغطية الحدث، وتحديد جهة
واحدة تتولى مسؤولية إصدار البيانات العسكرية والتفاصيل الميدانية.

الأخذ بالحسبان إمكانية تجسس النظام على
أجهزة الاتصال العسكرية، وشبكة الهواتف المحمولة الخاصة بالثوار.

الاحتياط خشية وجود خرق أمني مدني أو عسكري
في صفوف الثوار، و تأسيس شبكة أمنية مدنية.

شاهد أيضاً

“قسد” تواصل الانتهاكات في مناطق سيطرتها شمال شرقي سورية

اعتقلت “قوات سورية الديمقراطية” “قسد” أمس ثلاثة أشخاص بينهم أحد شيوخ قبيلة العقيدات في الرقة …

سجال أميركي روسي في مجلس الأمن بشأن دورهما بسوريا والأمم المتحدة تطالب بإجلاء الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة

تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي- بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *