الرئيسية / سياسي / سياسة / تقارير / بعد “نشوة” التدخل الروسي … فشل رهان النظام على تسخين الجبهات

بعد “نشوة” التدخل الروسي … فشل رهان النظام على تسخين الجبهات

أحمد حمزة
رغم منح مئات الغارات الروسية قوات النظام، عامل قوة عسكري ومعنوي إضافي، إلا أنها وكما بات واضحاً، بعد مرور نحو ستة أسابيع على بدايتها، لم تفلح في منح الأسد، أي انجاز عسكري يذكر، سوى أنها كانت ضربات بأسلحة جديدة، أدت لمقتل مئات المدنيين السوريين. 
في العودة إلى تسلسل التطورات الأخيرة ميدانياً، فإن الغارات الروسية بدأت بقصفٍ استهدف ريفي حمص وحماه الشماليين في الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضي، وتوسعت في الشهر اللاحق، لتشمل ريفي اللاذقية الشمالي، وحلب الجنوبي، بالإضافة لمناطق في ادلب ودرعا وريف دمشق.
هذه الهجمات بلغت بحسب المصادر الرسمية الروسية، نحو ألفي طلعة جوية حتى الآن، خلال أقل من شهر ونصف، ودفعت النظام لزج الألاف من قواته وميليشياته، في جبهات ريفي حماه وحمص الشماليين، وحلب الجنوبي وبعض المحاور بريف اللاذقية، لكن ما بات مسلماً به حتى الساعة، أن العدوان الروسي، سَلَبَ من النظام، أكثر مما قدمه له.
العدوان الروسي سلب من النظام أكثر مما قدم له
فمن الواضح الآن ارتهان النظام بشكل شبه تام ومباشر، لما تقرره روسيا الضامن الأكثر فاعلية لبقائه دولياً، ولذا فإن الأخير بفتحه لجبهات متعددة بالتزامن، وما فَقَد خلال ذلك من مئات الجنود وعشرات المدرعات (وهي خسائر فائقة وغير مسبوقة نسبياً بفترة زمنية قياسية) يكون قد مُني فعلياً بهزيمة على الصعيدين المعنوي والعسكري.
ومع بداية العدوان الروسي في سورية، ارتفعت نبرة التصريحات الواثقة، من قبل مسؤولي النظام، بأن “الأيام القادمة ستشهد تغيراً استراتيجياً كبيراً” بحسب وزير خارجيته وليد المعلم، وتصريحات أخرى مماثلة، أدت لحشد الشارع الموالي، وراء فكرة أن الحسم بات قريباً.
لكن رياح المعارك ميدانياً، عاكست تمنيات خطة سير النظام، فكانت الإنجازات بريف حمص الشمالي تقارب الصفر تماماً، وانسحب المشهد تقريباً بريف حلب الجنوبي، وإن حقق النظام هناك تقدماً في بعض المناطق، التي عاد وخسر قسماً منها لاحقاً، فرغم احتفاظه بتل الوضيحي حتى الآن، إلا أن الفصائل المقاتلة، نجحت في استراد مناطق مثل تل السرو والمزارع المحيطة به، وقبل ذلك قرية القرّاصي وتلالها وقرية الحويز وتلّتها وتل الجمعية.
رياح المعارك ميدانياً عاكست تمنيات خطة سير النظام
أما في ريف اللاذقية، ورغم خسارة الفصائل العسكرية (كما في حلب خصوصاً)، لبعض قيادييها، فإنها حافظت على مناطق سيطرتها، رغم عشرات الغارات الروسية، مع استماتة النظام لتحقيق أي خرقٍ ميداني في الجبهة، التي تعتبر غاية في الأهمية بالنسبة لحالة حاضنته الشعبية معنوياً.
ولم تؤدي الغارات الروسية سواء في ريف دمشق أو محافظة درعا، لأي تغيير في النفوذ العسكري الذي افرزته نتائج المعارك منذ نحو ثلاث سنوات.
أما في حماه، فقد انقلب السحر الروسي على النظام، فخسر مئات المقاتلين وعشرات الدبابات والمدرعات، من أجل التقدم والسيطرة على قرى مثل عطشان، سكيك، كفرنبودة، أم حارتين، والتي استعادتها الفصائل الثورية لاحقاً، وتقدمت وسيطرت على تل عثمان ومدينة مورك (الاستراتيجيين)، بعد سنةٍ كاملة من اقتحام النظام لها.
وتعتبر مورك الواقعة على الأوتوستراد الدولي، بوابة مدينة حماه الشمالية، وكان النظام بحسب تقارير المعارضة، قد خسر أكثر من 100 دبابةٍ، في معارك استمرت لأشهر خلال سنة 2014، من اجل السيطرة عليها، ليعود ويخسرها في معركة سريعة، كان تقهقر قوات النظام فيها لافتاً. 
وإذا ما أُخذت التقارير الحقوقية التي تحدثت عن مقتل مئات المدنيين السوريين بعين الاعتبار، (منها تقرير للمرصد السوري يتحدث عن 600 قتيل مدني سوري بالغارات الروسية خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي) ويضاف إليها، الخسائر الفادحة للنظام على صعيد الأفراد والمعدات العسكرية والمناطق الاستراتيجية، فإن التدخل الروسي في سورية بعد مرور نحو شهر ونصف عليه، يكون قد أخذ من النظام أكثر بكثير مما قدمه له، وفشل في منحهِ أي مكسبٍ حقيقي، سوى انه جاء ليثخن مجدداً في جراح السوريين، التي لم تندمل منذ قرابة خمس سنوات.
وختاماً، فإن تسخين الجبهات في هذه الفترة، يأتي بالتوازي مع تنضيد موائد المفاوضات، وأخرها ما اصطلح على تسميته فيينا 1و2(بعد جنيف 1و2 وموسكو 1و2)، في ظل الحديث عن نسخة ثالثة منه، تبحث مجدداً عن خرقٍ سياسي، فشل التدخل الروسي بإنجازه ميدانياً حتى الساعة، وفشل معه النظام في اقناع موسكو بنجاعة الغطاء الجوي لإحداث تقدم بري.
يبقى الوضع السوري معلقاً، بين حلقات التفاوض السياسي والتحارب الميداني
لكن وعلى الرغم من ذلك، يبقى الوضع السوري معلقاً، بين حلقات التفاوض السياسي والتحارب الميداني، وإن كان الأخير هو دائماً عامل الحسم، كما يقول التاريخ.

شاهد أيضاً

“قسد” تواصل الانتهاكات في مناطق سيطرتها شمال شرقي سورية

اعتقلت “قوات سورية الديمقراطية” “قسد” أمس ثلاثة أشخاص بينهم أحد شيوخ قبيلة العقيدات في الرقة …

سجال أميركي روسي في مجلس الأمن بشأن دورهما بسوريا والأمم المتحدة تطالب بإجلاء الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة

تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي- بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *