الرئيسية / رأي / “الحنكة” السياسيّة تضيّع إدلب!

“الحنكة” السياسيّة تضيّع إدلب!

صدى الشام _ جلال بكور/

اقترب النظام من إدلب وبات الخطر محدقاً بآخر المناطق التي تؤوي المدنيين النازحين والمهجرين والقاطنين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمال سوريا وآخر معاقل فصائل الثورة السورية والفصائل الإسلامية و”هيئة تحرير الشام”، فمن المسؤول عن ذلك التراجع الكبير؟

في المجمل لا يمكن تحميل طرف بعينه مسؤولية التراجع ولكن هناك من يتحمل المسؤولية الأكبر وعلى رأسهم “هيئة تحرير الشام” التي لم تعرف اللعبة السياسيّة قبل العسكرية، ولم تعِ أن الاقتتال مع بقية الفصائل والسيطرة على إدلب يعني أن الدمار آتٍ لا محالة، فهي مصنفة على لوائح الإرهاب وكان الاجدى بها أن تحل نفسها وتختفي في بقية الفصائل وهذا أقل احتمال.

الأمر الآخر، لماذا لم تسمح “الهيئة” للجيش التركي بالدخول مباشرة والوصول إلى مناطق جنوبي إدلب لتحديد منطقة خفض التوتر وبذلك يتوقف النظام عن التقدم؟ “الهيئة” مسؤولة هنا وتُسألُ أيضاً: لماذا سمحت بتغليب رأي التيار الرافض للدخول التركي، وهل خسارة المناطق وتركها تُدمّر على يد قوات النظام والروس وتهجير ملايين الناس أفضل من السماح بنقاط مراقبة تركيّة؟!

الأمر الآخر هو أن “الهيئة” تعلم جيداً أن النظام الدولي لن يسمح لها بإقامة إمارة أو دولة، وهو يعتبرها كت “داعش”، وهي فرصة وذريعة للنظام من أجل التقدم والسيطرة وقتل المدنيين بذريعة محاربة الإرهاب، والمقاومة العسكرية للنظام في هذه الحالة ستكون فرص نجاحها شبه معدومة، فلماذا أصروا على ذلك الحل وفضلوا المواجهة والانسحاب قرية تلو الأخرى حتى بدت قوات النظام على مشارف إدلب؟!

بذريعة “جبهة النصرة” وعن طريق اتفاق المدن الأربعة برعاية إيران والنصرة ومن وافق على هذا الاتفاق ورعاه، أصبحت الجبهة الوحيدة للقتال مع النظام هي إدلب، وأصبحت ملايين الناس تحت الخطر، دون التنبّه والالتفات إلى كل التحذيرات التي تقول بأن النظام يجمعكم في إدلب ليوجه إليكم ضربة قاضية.

“الهيئة” اقتتلت مع جميع الفصائل وتفردت بالجبهات والإدارة في المدن بحجّة أنها الأقوى شوكة والأجدر بالدفاع، فماذا عندما بدأ الهجوم فعلاً؟ حصل تراجع تلو الآخر وذلك على الرغم من دخول بعض فصائل الجيش الحر ضمن المقاومة ضد الهجوم، لكن قوة الهجوم كانت أكبر من قوة المدافعين بكثير.

ومع أول انتقاد ضد “الهيئة” قامت بتوجيه الأرتال إلى بنش لقمع مظاهرة من عشرين شخصاً بحجة وأد الفتنة التي هي في صالح العدو، وهو تصرف لم يخرج عما اتّبعهُ النظام ضد المتظاهرين في بداية الثورة.

إلى الآن لم تدرك “الهيئة” جيداً أن معظم الفصائل لا تقاتل بدافع ديني ولا تقاتل من أجل أن ترفع راية الإسلام ولا تقاتل في سبيل الله ولا في سبيل رسوله، وأغلب القاطنين في المنطقة ليسوا تواقين لدولة الإسلام، ومعظم الفصائل تقاتل لتنال مكاسب وتقاتل تحت أجندات مختلفة.

يقال إن فصائل “درع الفرات” باعت حلب واليوم تبيع إدلب، والرد هو أن من يقاتل في درع الفرات وغصن الزيتون معظمهم ليسوا من فصائل إدلب وهم بمعظمهم من أهل ريف حلب ومهجرون من حمص وريف دمشق، وقد اغتصبت قراهم ميليشيا الوحدات الكردية، وقد استغلوا التقاء تلك المصلحة مع تركيا فتجنبوا بأنفسهم الدخول في معارك خاسرة مع النظام ويعملون على استعادة قراهم. أما أنتم فقد فتح لكم نفس المجال ورفضتم وكنتم أغبياء في السياسة وضعفاء في العسكرة، فعليكم أن تتحملوا وزر ما فعلتم بأنفسكم، وتحاولوا إصلاحه قبل فوات الآوان.

الجميع يتحمّل ما وصلت إليه الحال في إدلب مع غياب حقيقة خرائط أستانا ومن أين تبدأ وأين تنتهي، لكن وبالمحصلة قد يتم تطبيق الخريطة على الأرض بمساعي “هيئة تحرير الشام” كما يرى الكثير من المحللين.

شاهد أيضاً

هذه أنا..بلا أقنعة

ميساء شقير/ غالية شاهين – خاص لصدى الشام   لطالما أجبر الخوف السوريين على الاختباء …

المساواة أم العدالة.. أيهما يحقق التوازن الحقيقي بين الجنسين؟

ميسون محمد في عصرنا الحديث، أصبحت المساواة بين الجنسين شعاراً يتردد كثيراً في كل مكان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *