الرئيسية / مجتمع واقتصاد / مجتمع / الإيجارات المرتفعة في مناطق إدلب تثقل كاهل النازحين
النزوح في إدلب / عدسة : عامر السيد علي /أرشيفية

الإيجارات المرتفعة في مناطق إدلب تثقل كاهل النازحين

صدى الشام- يزن شهداوي/

بلغ عدد النازحين إلى المناطق الحدودية في إدلب مؤخراً أكثر من 200 ألف نازح، وذلك عقب المعارك التي شهدها الريف الجنوبي والجنوبي الشرقي.

لكن مصاعب النزوح لم تتوقف عند محاولة الوصول إلى قرى أطمة وسلقين وسرمدا والدانا، تحت القصف ونيران المعارك، بل كان بانتظار الواصلين هموم أخرى أبرزها تأمين السكن. وتتلخص المشكلة بالنسبة لهؤلاء في أسعار إيجارات المنازل في تلك المناطق التي أصبحت “قِبلة” يؤمّها الباحثون عن الأمان فضلاً عن أصحاب المهن والأعمال التجارية والصناعية. وفضلاً عن تمتعها بالأمان إلى حدّ ما مقارنة بغيرها فإن تلك المناطق تتميز بقربها من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

لكن ولدة وصول أعداد كبيرة من النازحين مؤخراً إلى هناك شكلت أسعار الإيجارات صادمة بالنسبة لهم خاصة وأن معظمهم من الطبقة الفقيرة ومن العاطلين عن العمل، وبالكاد يؤمنون قوت يومهم من بعض المساعدات الإنسانية البسيطة التي تصلها شهرياً وما تيسر لهم من مصادر أخرى.

 

لماذا؟

يقول أبو محمد، الرجل الخمسيني النازح إلى مدينة سرمدا غربي إدلب ” إنّ لكل أزمة تجار يستغلونها لتحقيق مكاسب ماديّة جديدة لهم، وهذا ما حصل في سرمدا، حيث وصلت أسعار إيجارات المنازل فيها إلى 700 دولار أمريكي، بينما تراوحت إيجارات المنازل البسيطة بين 150 وخمسون و200 دولار أمريكي بالحد الأدنى، وذلك عقب توافد آلاف النازحين من مختلف قرى وبلدات ريف إدلب التي شهدت معارك وقصفاً مكثفاً في الأيام الأخيرة”. وأشار إلى أن الإيجارات كانت سابقاً تتراوح بين 50 و200 دولار أمريكي في حدّها الأقصى، لتحدث النقلة الكبيرة مؤخراً.

وعزا أبو محمد هذه الأرقام الكبيرة إلى اكتظاظ المناطق الحدودية بالنازحين، علاوةً على أنها “مناطق تجارية بحتة لقربها من المعبر الحدودي وكونها الطريق التجاري الواصل بين تركيا والمناطق المحررة في الشمال السوري، فمدينة الدانا أصبحت بمثابة سوق صناعية لأصحاب الورش والمصانع الصغيرة وسوق للألبسة التركية المستعملة التي تحولت إلى مركز تصدير للألبسة المستعملة لعموم المحافظات السورية” بحسب قوله.

 

بدائل

“كان نزوح العائلات ميسورة الحال إلى الدانا وسرمدا، ودفع مبالغ كبيرة لأصحاب المنازل لاستئجارها وحجز أبنية بأكملها لهم، سبباً في إثارة مطامع الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة من العاملين في مجال العقارات” وفقاً للنازح عبد الهادي الذي يعيش حالياً في مدينة الدانا.

ويضيف لـ “صدى الشام” أن هذا الأمر انعكس بشكل سلبي على العائلات الفقيرة التي لم تجد فرصة لاستئجار غرفة صغيرة في منزل بسيط نتيجة هذا الغلاء الذي يخيّم على سوق العقارات في تلك المناطق.

ويوضح أن “عشرات العائلات لجأت لشراء خيم بسيطة ونصبتها في مساحات ضيقة على الأراضي الزراعية المتاخمة للدانا وسرمدا، فيما قامت عائلات أخرى بتجميع بعضها البعض واستئجار منزل وتقسيمه لغرف؛ لكل عائلة غرفة مخصصة لها، على أن يتم اقتسام إيجار المنزل بين بعضهم أيضاً، وكلّ حسب إستطاعته، وخاصة بالنسبة لمن استطاع إيجاد فرصة عمل ما ضمن اختصاصه في الأسواق التجارية في هذه المدن والبلدات، ليصبح المردود مخصصاً لدفع تكاليف السكن في غرفة لا تتجاوز مساحتها الأربعة أمتار مربعة”.

وكانت مدن “أطمة والدانا وسرمدا” شهدت خلال الأعوام الأخيرة نشاطاً معمارياً جيداً، وخاصة بالنسبة للبناء الطابقي الذي كانت تفتقده تلك المناطق، فهنالك أكثر من مئة مبنى تم تجهيزه خلال العام الماضي، وتراوح سعر المنزل في تلك المباني بين 20 و50 ألف دولار أمريكي، وسط إقبال شديد على عمليات الشراء والبيع وخاصة من التجار وأصحاب الأموال ممن يعيشون خارج سوريا.

 

كيف يتم تقييم الإيجارات؟

يتم وضع أسعار الإيجارات بحسب موقع المنزل وقربه أو بعده عن مركز المدينة أو البلدة، أو وجوده على الطرقات العامة المهددة بشكل أكبر بالقصف من المنازل المتاخمة للحدود الداخلية للمدينة والمحاذية لمعبر باب الهوى، كما أن بعد المنازل وقربها من المقرات العسكرية الخاصة بكتائب المعارضة يلعب دوراً هاماً في ذلك أيضاً.

يضاف إلى هذه العوامل مدى قرب المنزل من السوق التجاري الخاص بكل مدينة أو بلدة، فالمنازل التي تتوسط الأسواق التجارية تكون ذات سعر مرتفع جداً، قد تصل إلى 700 دولار أمريكي، وهو السعر الذي يراه كثيرون ” خيالياً بالنسبة لعائلة سورية حتى وإن كانت من العوائل ميسورة الحال” على حد قول أم يامن، الخمسينية النازحة إلى سرمدا.

ومن معايير تقييم المنزل وإيجاره طبيعة الإكساء، ووجود أمبيرات لتوليد الكهرباء فيه، وتوفر المياه.

لكن وبينما تلعب كل هذه العوامل دورها في تحديد إيجارات المنازل، فإنها لا تأخذ بالاعتبار مراعاة دخل المهجرين والنازحين، لتبقى النواحي المادية هي الأساس رغم مآساة إنسانية التي تشهدها محافظة إدلب في ظل الهجمة التي يشنها النظام عليها وعدم وجود ملاذات آمنة للمدنيين.

بالمقابل تؤكد النازحة أم يامن أن معظم المنظمات الإنسانية التي عملت على استقبال النازحين ” تملّصت من مهامها ومسؤولياتها تجاههم دون توفير أماكن إقامة كافية وملائمة لأوضاعهم المادية السيئة، تاركة مئات العوائل تواجه مصيرها دون أي مساعدة أو دعم، وسط تخبّط إغاثي كبير تشهده المنطقة بشكل عام”.

شاهد أيضاً

حرب الملصقات بين انصار اللباس الشرعي واللباس الحر

على صفحات الفيسبوك، وعلى جدران الشوارع، تدور في هذه الايام معارك ملصقات بين انصار اللباس …

كفى صمتاً: في اليوم العالمي لمناهضة العنف، نساء سوريات يروين قصصهن

مريم سريول – صدى الشام العنف ضد النساء: أزمة عالمية مستمرة على مدار عقود، كان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *