الرئيسية / رأي / “معركة إدلب” والمواجهة

“معركة إدلب” والمواجهة

صدى الشام _ جلال بكور/

تتوارد الأنباء وتتحدث التقارير بشكل كبير عن تجهيز نظام الأسد وحلفائه لحملة عسكرية واسعة على محافظة إدلب بقيادة المجرم “سهيل الحسن”، وهي شبيهة بالحملة التي شنها العام الماضي على مدينة حلب، وأسفرت عن سقوط المدينة بيد النظام وإيران، وكان المساهم الأكبر في سقوط المدينة هو الطيران الروسي وتفرّق الفصائل العسكرية والثورية المقاتلة ضد نظام الأسد.

لا تختلف ظروف اليوم عن الأمس كثيراً فالمواجهة ما زالت مستمرة بحضور الطيران الروسي المكثف والميليشيات الأجنبية الطائفية والتخاذل الدولي، والأمر الأهم أن فصائل المعارضة والثورة السورية ما زالت متفرقة ومتشرذمة ومتحاربة فيما بينها أيضاً والنظام يتقدم رويداً رويداً وبتنسيق مع تنظيم “داعش”، فما هي خيارات المواجهة أمام الفصائل؟

الذريعة الأكبر التي سيستخدمها النظام وروسيا والتي استخدموها من قبل ومن خلفهم المجتمع الدولي هي ذريعة مكافحة الإرهاب ومقاتلة تنظيم “جبهة النصرة”، واليوم نرى أنه في حال المواجهة مع النظام سوف تضطر الفصائل للتعاون مع “هيئة تحرير الشام” لصد الهجوم، وفي حال فرض عليها عدم التعاون ما هي الحلول أمامها لمواجهة مصير قد يكون سيئاً؟

النظام بدأ المواجهة فعلياً بتمرير عناصر تنظيم “داعش” ونقلهم إلى أطراف إدلب وحلب وحماة، وبدأ الأخير باستنزاف جبهات “هيئة تحرير الشام” وفصائل الحر، ومع تقدم النظام في أطراف إدلب ومحاولة النظام التقدم في جنوب حلب وتقدم “داعش” في حماة حصلت حركة نزوح جديدة باتجاه عمق إدلب وهو ما يهدد بكارثة إنسانية فظيعة نتيجة الكثافة السكانية، في حال حدوث قصف مكثف بهدف الضغط على الفصائل.

لربما أحد الحلول التي قد تؤدي إلى التخفيف عن إدلب ووقف هجوم النظام هو فتح معركة فعلية وشرسة في ريف حماة الشمالي الغربي والتوجه باتجاه مدينة حماة وهذه المعركة قد يكون النظام متحضراً لاحتمالية حدوثها، وتحتاج إلى دعم بالسلاح ومستوى عالي من التنسيق.

مع كل تلك المقدمات إلا أن التاريخ يقول بأن المعارضة والثوار قادرون على ذلك حيث تمكنوا قبل عام من اختراق أقوى حصون النظام في كلية المدفعية جنوبي مدينة حلب، لكن التخاذل والتفرقة والاقتتال منعهم من الصمود، وهو ما تسبب في سقوط حلب الشرقية لاحقاً وخسارة الثورة لواحدة من أكبر قلاعها.

النظام يريد كسب تقدم على الأرض قبل أستانا8، والوصول إلى أبو دالي ثم التقدم أكثر في إدلب قبل عقد سوتشي الذي تريد روسيا من خلاله فرض رؤيتها على السوريين في الحل، ثم تمريره بالتوقيع فقط في جنيف، وتريد تحقيق ذلك عن طريق نصر عسكري جديد ينهي آمال السوريين في نيل مطالب ثورتهم.

أي أن السبيل الوحيد إلى إفشال خطة النظام وروسيا هي المواجهة العسكرية على الأرض لكن تلك المواجهة تحتاج إلى حد أدنى من مقومات الصمود وهي الوحدة ونبذ الفرقة وتشكيل غرفة عمليات موحدة قادرة على توجيه البندقية فقط نحو عناصر النظام والميليشيات الطائفية وربيبهم “داعش”.

المواجهة العسكرية والتصعيد العسكري هما الحل اللذين تعتمدهما روسيا ونظام الأسد لإرضاخ المعارضة والثوار دائماً، ويأتي الرضوخ عادةً بسبب التفرق والشرذمة واتباع مطالب الداعم والالتزام بأجنداته وتوجهاته دون النظر وأخذ العبرة، فهل ستعتبر المعارضة من التاريخ الذي ليس ببعيد؟

إن لم تتوحد فصائل المعارضة والثوار ضمن غرفة عمليات واحدة وتعمل بيد وبندقية واحدة على المواجهة الحقيقية في صد هجمة الأسد (والتي من المتوقع أن تكون شرسة)، وإن لم تفتح معركة في جبهة أخرى تقض من مضجع النظام، فإن أقل ما يمكن قوله بأن تلك الفصائل عميلة ومتخاذلة وتنفذ أجندات من شأنها أن تدمر الثورة وتعيد الأسد إلى حكم سوريا.

شاهد أيضاً

هذه أنا..بلا أقنعة

ميساء شقير/ غالية شاهين – خاص لصدى الشام   لطالما أجبر الخوف السوريين على الاختباء …

المساواة أم العدالة.. أيهما يحقق التوازن الحقيقي بين الجنسين؟

ميسون محمد في عصرنا الحديث، أصبحت المساواة بين الجنسين شعاراً يتردد كثيراً في كل مكان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *