صدى الشام _ جلال بكور/
طلبَ الداعمون في “غرفة موك” من فصائل “الجيش السوري الحر” في البادية الشامية الانسحاب من مواقعهم إلى الحدود الأردنية وتسليمها للنظام، وهو الأمر ليس الأول من نوعه حيث يتجرأ فصيل عسكري معارض على القول بأنه قد يخلي أو سيخلي منطقة بضغط من الداعمين، وسبق أن أعلن لواء شهداء القريتين أن التحالف الدولي ضد “داعش” قام بالأمر ذاته وطلب عدم قتال قوات النظام.
إذاً الأمر واضح بأن هناك من يريد تثبيت النظام أو إعادة تثبيته، وإذا تفحصنا جيداً طبيعة “غرفة موك” ومن يقف وراءها كداعم، لوجدنا ثلاث دول تشكل محوراً يمكننا القول بأنه معادٍ للثورة السورية وهي (الإمارات، الأردن، بريطانيا) وهي من ركائز ما يسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب.
نعم هذا المحور هو من عمل على تسليم النظام بادية السويداء الشرقية بعد فشله في تسليم كامل درعا حيث أخضع الجنوب الغربي من سوريا لوقف إطلاق نار تام، ما أتاح للنظام التقدم بأريحية في الجنوب الشرقي والسيطرة على الحدود مع الأردن في بادية السويداء فضلاً عن السيطرة على تركة “داعش” الوحش الوهمي.
من خلال هذه العملية تم قطع أي طريق إمداد يمكن أن يكون لدرعا من ناحية البادية وحصره بالمعابر مع الأردن وهو ما يعني المزيد من التحكم بمصير درعا وفرض الحلول على الفصائل بالتهديد والوعيد، إضافة لمنح النظام مساحة واسعة من الحدود يمكنه من خلالها فتح معبر مع الأردن وبالتالي يحرم المعارضة من مكاسب معبر نصيب، وفي هذه الحالة سوف تجبر المعارضة على القبول بأن يكون المعبر بإدارة مشتركة ما يعني ضمنياً عودة سلطة النظام على كامل الجنوب.
من ناحية أخرى وعبر السيطرة على كامل البادية يكون الخناق قد ضاق تماماً على القلمون الشرقي والغوطة الشرقية وباتت طرق الإمداد كاملة بيد النظام وهذا يعني أن الحل القادم سيكون رغماً عن الفصائل وليس بإرادتها، وليس لها طاقة أصلاً على الصمود لوقت طويل فلكل شيء طاقة محددة.
اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب جاء لإنقاذ النظام من المأزق الذي وقع فيه حيث تكبد خسائر كبيرة نتيجة محاولة اقتحام حي المنشية ومحيطها بهدف الوصول إلى الحدود مع الأردن من جنوبي درعا، وذلك يؤكد أن إفشال مخطط “موك” وحلفاء النظام مرتبط بفصائل الجيش الحر العاملة بدرعا والتي أبدت مقاومة شديدة وكبّدت النظام والميليشيات المساندة له خسائر كبيرة وأجبرته على التوقف عن محاولات التقدم.
إذا لم ترضخ فصائل “الجيش الحر” في الجنوب وعملت كيدٍ واحدة في كافة جبهات الجنوب مع البادية فإن المخطط سيفشل، وإذا لم تعمل وكلٌ ذهبَ وراء أهواء الداعمين فيمكننا القول أن الجنوب بات قريباً مما يسمى “العودة إلى حضن الوطن”.
لا ننكر أن جزءاً كبيراً من الإعلام يروّج لانتصار نظام الأسد، وأنه لم يعد هناك قدرة لدى فصائل “الحر” على مقارعته تحديداً في البادية والجنوب والغوطة، وهذا الأمر يَعيه من على الأرض جيداً، و لكننا نحذر من أن اتفاق الجنوب هو إنقاذ للنظام وقتل للثورة.
وبهدف إعادة إنتاج النظام وبقائه في سوريا انتقل ما يسمى بالمجتمع الدولي من السماح للنظام بالاستمرار في همجيته وغضّ النظر عن جرائمه، إلى طُرُق لليّ ذراع المعارضة بحيث يتم تسليم المناطق للنظام بأقل خسائر ممكنة.