الرئيسية / منوعات / رياضة / “الثورة الصينية” في كرة القدم.. مشروعٌ للمستقبل يتخطى المنطق الروسي

“الثورة الصينية” في كرة القدم.. مشروعٌ للمستقبل يتخطى المنطق الروسي

صدى الشام- مثنى الأحمد/

أموال طائلة وصفقات بالملايين ولاعبون ومدرّبون، نجومٌ يتخلون عن أنديتهم للذهاب إلى أقصى المعمورة، عندما نسمع عن هذه الأخبار في الوقت الحالي فإن أول ما يخطر ببالنا هو دوري “السوبر الصيني” الذي صدم العالم بإمكانياته المادية التي لم يقدر على مقاومتها إلا عدد قليل جدًا من مُحترفِي كرة القدم.

قبل عامين لم يكن أحد يعلم ما إذا كان هناك في الصين أندية كرة قدم، ولم يسبق أن شاهد أحد مباراة في الدوري الصيني غير الصينيين أنفسهم، لم نكن نرى سوى منتخب صيني يشارك في البطولات الآسيوية دون أن يجذب الانتباه بسبب نتائجه العادية، وكان الوصول الوحيد له في المحفل العالمي ضمن مونديال 2002 عندما لم يخض منتخبا اليابان وكوريا الجنوبية التصفيات كونهما ترشحا كمستضيفين للنهائيات.

في الوقت الحالي لم يطرأ تغيير على المنتخب لكن على مستوى الأندية أصبح متابعو كرة القدم يسمعون بأندية الدوري الصيني، وباتوا يعرفون أسماءها الغريبة ليس بسبب قوتها وحصدها للألقاب وإنما لِمَا تدفعه من ملايين لخطف لاعبين كبار يلعبون في كبرى أندية أوروبا.

هذا الواقع دفع المتابعين لتسمية ما حصل في هذا الدوري الآسيوي بـ “الثورة الصينية” لكن البعض ظنوا أنها عبارة عن موضة ستستمر لفترة قصيرة ثم تختفي غير أنّ استمرارها للعام الثاني على التوالي ووضع قوانين منظمة لها من قبل الاتحاد الصيني للعبة جعل الكثيرين يوقنون أن هذا واقع مستمر حتى يصل إلى مبتغاه والذي قد يتجلى بتطوير الرياضة الأكثر شعبية حول العالم في بلاد “التنين الأحمر” على عكس ثورات رياضية سابقة في بلدان أخرى انتهت بشكل كارثي وفي وقت قصير.

لكن الصين لم تكن الأولى في استقطاب لاعبين عالميين عن طريق إغرائهم بالمال فقد سبقتها إلى مثل هذه الخطوة أندية الدوري الروسي في أواخر العقد الماضي حين قامت أندية مثل “انجي محج قلعة” و”تيريك غروزني” و”زينيت سان بطرسبورغ” بدفع مبالغ كبيرة في ذلك الوقت لضم نجوم الكرة دون أي حسابات وخطط واضحة لينتهي بهم الأمر إلى الإفلاس والاختفاء من الساحة الكروية باستثناء “زينيت” الذي ما زالت تجربته قائمة حتى الآن لكن دون أن يستمر بصرف الأموال وفق المنطق نفسه.

واليوم وفيما يتحدثون في الصين عن صفقات الموسم المقبل والأسماء الكبيرة المطروحة بفضل وجود الأموال طبعًا فإن هذا الحديث لا يبدأ في روسيا إلا مع بداية سوق الانتقالات، وإذا ارتبط اسم لاعب بالانتقال إلى نادٍ روسي فإنه يكون من المستوى المتوسط وما دون، أو يكون من المستوى الجيد لكن في آخر مسيرته الكروية، كل ذلك حدث بعد أن كان الدوري الروسي وجهة محببة لكثير من اللاعبين بعضهم من نجوم الكرة.

وعندما نقارن بين ما فعلته الأندية الروسية في تلك الفترة وما تفعله نظيرتها في الصين فإننا نلاحظ تشابهاً كبيراً في النهج المتّبع الذي يقوم على صرف الملايين، ومع أن البلدين شهدا استثمارات ضخمة في مجال كرة القدم إلا أن الفرق الصينية ما زالت مستمرة وتتطور بينما توقفت نظيرتها الروسية عن السير في هذا الطريق وذلك لعدة أسباب.

 

تنظيم

جميع الخطط المستقبلية في كافة المجالات تتطلب وضع خطوط عريضة يبنى عليها أساس أي مشروع، وهذا ما تفعله الأندية الصينية في مشروعها من خلال رصد ميزانيات ثابتة لكل نادٍ في كل موسم حسب قدرة الإدارة على توفير تلك الميزانية، وبطبيعة الحال فإن جميع الأندية الصينية تتمتع بقدرة شرائية قوية حتى تلك التي تنشط في الدرجة الثانية.

وتتألف إدارة كل فريق من مسؤولين يخططون لسير الفريق وفق الإمكانات المتاحة، فمثلاً نجد أن نادي مثل “شنغهاي سيبيغ” حدد ميزانيته هذا الموسم بـ 800 مليون جنيه إسترليني خصص نصفها لنشاطه في كرة القدم فكان قادرًا بالمحصلة على جلب البرازيلي “أوسكار” من تشيلسي بـ 60 مليون يورو ومنحه راتبًا أسبوعياً يصل إلى 400 ألف جنيه إسترليني طيلة فترة تعاقده مع النادي.

في المقلب الآخر نجد أنه لا يوجد في روسيا مثل هذا التنظيم على الإطلاق فالأندية هناك تخضع لمنطق “الرجل الأوحد” في النادي، وعادةً ما يسير بالفريق وفق هواه ويجري الصفقة التي يرغب بها دون حساب لقدرات النادي على توفير مبلغ التعاقدات وإمكانية تحمّل رواتب اللاعبين، وفي الغالب يكون مالك النادي هو من يُموّل الصفقات من ماله الخاص مما يجعل النادي تحت رحمة الحالة الاقتصادية لهذا الرجل دون وجود قاعدة مؤسساتية يستند عليها.

ومما يمكن ملاحظته أيضًا أن جميع الأندية الصينية وفرت بنية تحتية قوية (ملاعب وصالات) وخدّمتها بشكل ممتاز قبل الانشغال بصفقات اللاعبين، في حين لا يوجد في روسيا نادٍ يملك ملعبه الخاص ومنهم من يتدرب في مدينة ويلعب في أخرى.

 

 

الهدف

كثيرة هي التحليلات التي حددت الهدف الأساس من وراء صرف الأندية الصينية لمبالغ خيالية من أجل إقناع لاعبين نجوم للقدوم إلى الدوري المحلي، لكن على ما يبدو فإن ما يمكن الإجماع عليه أن التخطيط نحو بلوغ هذا الهدف يسير في المنحى الصحيح له فالأموال كانت حاضرة في السابق لكن ليس كما هو عليه الوضع حاليًا.

وسبق وأن مهّدت الأندية لهذه القفزة في مجال التعاقدات من خلال استقدام نجوم أمثال الفرنسي “أنيلكا” والبرازيلي “روبينيو” والمالي “كانوتيه” والإيطالي “ألبرتو جيلاردينو”، كما أشرف على تدريب بعض الأندية مدربون كبار، كبطل العالم مع منتخب إيطاليا “مارتشيلو ليبي”، والمخضرم السويدي “زفن غوران اريكسون”.

ومن هنا يتبيّن لنا أن إجراء التعاقدات الضخمة في كرة القدم الصينية كان مخططًا له من قبل بهدف ارتقاء هذه الرياضة إلى مستوى الألعاب الفردية في البلاد والتي وصلت لمستويات مميزة على مستوى العالم بعد أن خُصّص لها المال والوقت الكافيين.

أما بالنسبة للأندية في روسيا فالأمر مختلف تمامًا فمن الواضح أنه لم يكن لديها هدفًا محددًا مما جعل هذه الأندية تتحمل عبء المصاريف الهائلة، إذ أن ذلك المسعى لم يتعدَّ محاولة تحقيق غايات شخصية، فعلى سبيل المثال كان نادي “انجي محج قلعة” عبارة عن نادٍ عادي لا يعرفه سوى الروس أنفسهم حتى جاء المليونير “سليمان كريموف” المولود في داغستان، عندها بدأ هذا المالك العمل بمشاريع تطويرية بالنادي كنوع من العرفان لمدينته ومن هذه المشاريع كان نادي “انجي” فوقّع مع سبعة لاعبين دفعة واحدة من بينهم “روبيرتو كارلوس” ولاحقًا “صامويل إيتو”.

ولم يُعرف بالتحديد ماذا كان هدف “كريموف” من دعم النادي بهذا الشكل، فهل كان ذلك لإظهار لقوته و قوة إقليمه أمام الأقاليم الثانية، أم من أجل كسب حب الناس في إقليمه عبر الاستفادة من شعبية كرة القدم؟

 

 

الاستقرار الإداري

رغم أن الدوريين الصيني والروسي موجودان في بلدين تخضعان لنظام تم التعارف على كونه “اشتراكي” إلا أن الأندية الصينية مستقلة في إداراتها التي يشغلها في الغالب شخصيات ذات اختصاص رياضي في جميع المجالات الإدارية، فلم نسمع بنادٍ تملكه شخصية سياسية أو يرعاه عضو في البرلمان الصيني مثلًا، ما يجعل هذه الأندية بعيدة عن التقلبات التي قد تحدث في البلاد.

 

بالمقابل في روسيا هناك شخصيات سياسية بارزة تتقلد مناصب إدارية في بعض الأندية أو يكون هذا النادي مدعوماً من إحدى هذه الشخصيات كما هو الحال في نادي “زينيت” الذي ينعم برعاية الرئيس الروسي السابق “ديمتري ميدفيديف”.

وإضافة إلى ذلك توجد الكثير من علامات الاستفهام حول رؤوس الأموال التي تدعم الأندية الروسية فبعض المستثمرين في هذا المجال ارتبط اسمه بالمافيا الروسية أمثال “رستم سليمانوف” المدير الرياضي لنادي زينيت والذي ألقي القبض عليه بعد اتهامه بثلاث جرائم قتل.

شاهد أيضاً

روسيا تدخل الدوري السوري للقدم عبر نادي حميميم

نزيه حيدر أعلنت قاعدة حميميم العسكرية الروسية في سورية تأسيس نادي لكرة القدم يحمل نفس …

“بديل صلاح”.. ليفربول يجهز 60 مليون يورو لمرموش

كشفت صحيفة “موندو ديبورتيفو”، يوم الجمعة، أن ليفربول يجهز عرضا يبلغ 60 مليون يورو من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *