إدلب –
ديانا المراد
دفعت
ظروف الحرب في سورية بمعظم السوريين إلى التخلي عن الكثير من عاداتهم وتقاليدهم من
أجل التأقلم مع ظروف الحياة الجديدة التي فرضت عليهم، من فقدان الأمان وانعدام
معظم مقومات الحياة بالنسبة لمن بقي منهم داخل سورية، والتأقلم مع الظرف الجديد
الذي فرضه اللجوء والتشتت في أرجاء مختلفة من بلدان العالم.
لعل عادات
وطقوس الزواج في المجتمع السوري من أكثر العادات والتقاليد التي تغيرت خلال
السنوات الأربع الماضية من عمر الثورة في سورية،. إذ تخلت الكثير من العائلات عن
معظم العادات والطقوس التي كانت تتم من خلالها مراسم الزواج، وخاصة في المناطق
الأكثر تضررا من الحرب. ففي محافظة إدلب تغيرت معظم مراسم الزواج التي كانت متبعة
قبل الثورة، كما تنازل معظم آهالي المحافظة عن الكثير من الشروط التي كانت من
متطلبات الزواج الأساسية.
أسباب مادية وأخرى نفسية
أم
خالد المحمود، سيدة من جبل الزاوية، زوجت ابنها صيف 2013، وتحدثت لـ “صدى
الشام”، قائلة: “لم أستطع فتح موائد طعام للمعازيم، فقد اقتصرت ضيافتنا
على الحلويات المغلفة. وذلك لعدة أسباب تتعلق بالوضع المادي الذي لم يعد يسمح
بإتباع العادات هنا، كما أن الجو العام من القصف المستمر والشهداء التي تسقط
نتيجته، جعل من المعيب أن يقوم أهل العريس أو العروس بأي من مظاهر الفرح”.
أهم أسباب تغير العادات الوضع المادي والجو العام من القصف المستمر
والشهداء التي تسقط نتيجته، الذي جعل من المعيب أن يقوم أهل العريس أو العروس بأي
من مظاهر الفرح.
وأضافت
أم خالد: “كما أصبحت شروط الزواج في معظم مناطق إدلب أقل بكثير من ذي قبل إذ
تتغاضى معظم الأسر عن الكثير من الشروط المادية التي كانت متبعة قبل الثورة، من مهور
عالية وشروط تتعلق بوجود مسكن أو انفصاله عن مسكن عائلة العريس. اليوم، بمجرد أن
يقتنع أهل العروس بأخلاق العريس يوافقون على تزويج ابنتهم”.
الأخلاق أولا
فيما
قالت أم ياسر الأطرش، من مدينة سراقب: “لقد زوجت ابنتي منذ شهرين لشاب ذي
أخلاق حميدة. رغم أن العريس لم يقدم لها سوى خاتم من ذهب وانقضى عرس ابنتي بأقل
التكاليف في بيت العريس”. وأضافت: “كان طمعي بأخلاق الشاب وباستقرار
ابنتي في حياتها الزوجية أيضاً”.
زواج افتراضي
وبسبب
لجوء الكثير من الشباب الإدلبي إلى خارج سورية، وخاصة أصحاب الكفاءات الذين لم
ينخرطوا بالعمل العسكري، ظهرت طقوس جديدة للزواج لم تكن مقبولة قبل الثورة. إذ ظهر
موضوع الزواج الغيابي، كأن يكون العريس في بلد والعروس داخل سورية أو في بلد آخر،
فتقوم الأم بخطبة الشابة لابنها المغترب. وبعد أن يستقيم الوضع، تجري مراسم زواج
افتراضية من كتب الكتاب وغيره بغياب العريس، ومن ثم تتم إجراءات لم شمل العروسين،
بحسب قوانين البلد التي يقيم بها العريس الذي يتم ترحيل عروسه إليه، ليتم الزواج
الفعلي في بلد اللجوء.
قبلت الكثير من الأسر تزويج بناتها من خلال التعرف على
العريس اللاجئ في بلد آخر عبر الانترنت
مريم
الآغا، من إدلب ولاجئة في تركيا، لم تكن تحلم أن يحصل زواجها عبر الإنترنت وأن
تسافر إلى عريسها اللاجئ في فرنسا، والذي لم تره إلا عبر السكايب. تقول الآغا لـ
“صدى الشام”: “كان آخر ما توقعته أن تتم مراسم زواجي بطريقة
افتراضية ودون أي مظهر من مظاهر الفرح. رغم أنني مرتاحة مع زوجي هنا في فرنسا، إلا
أن موضوع العرس بقي غصة في قلبي”.
ولا
ننسى وجود بعض العائلات التي تحمل العريس عبئاً كبيراً ويشترط الأب تأمين كثير من
الطلبات متناسياً رأي ابنته وظروفها، ومحطما أحلامها أحيانا، كحال الشابة هند التي
قالت: “لقد تقدم لخطبتي الكثير من الشبان المناسبين لسني وكنت أرغب بالارتباط
بأحدهم، لكن أبي لم يعطني أية فرصه ولم يسمح لي أن أتفوه بأي رأي بما يخص مستقبلي؛
قائلا بأنه أدرى بمصلحتي”. وأضافت هند: “لقد تقدم لخطبتي شاب مثقف وذو
أخلاق حميدة، لكنه لم يكن يملك المال الكافي لتأمين متطلبات أبي من الذهب والمهر
وغيره، فتم رفضه من قبل أهلي”.
أعراس زمان
وتشرح جمانة
سالم لـ “صدى الشام”، عن العرس الإدلبي قبل الثورة قائلة: “في
السابق كانت مراسم الزواج في إدلب تبدأ بالخطبة. حيث يذهب مجموعة من أهل العريس
إلى بيت العروس ويطلبونها للزواج، ثم يسأل أهل العروس عن العريس وعن أخلاقه
وعائلته. وفي حال الموافقة يتم الاتفاق على المهر المعجل والمؤجل ويقوم الطرفان
بتحديد موعد “التلبيسة”، التي يتم خلالها تبادل محابس الخطبة بين
العروسين، وتكون بحضور أهل العريس ووجهاء من أقربائه. يبدأ بعدها الاستعداد للعرس.
قبل العرس بسبعة أيام تذهب مجموعة من النساء برفقة العروس وأمها إلى حمام السوق
ويتناولن المأكولات الشعبية والمشروبات. تستمر الأفراح حتى يأتي يوم الحناء، والذي
يقام قبل العرس بيوم واحد، حيث ينقش كل من العروسين إحدى يديه بالحناء”.
كان
كانت مراسم الزواج في السابق في محافظة إدلب تمتد لسبعة أيام
وتتابع
سالم: “في اليوم التالي يكون الزفاف. ويقوم أهل العريس بتحضير الطعام لإطعام
العروس والزوار في بيت العروس وكذلك زوار أهل العريس. بعد الطعام يذهب أهل العريس
مع زوارهم لإحضار العروس من بيت أهلها حيث تقام حفلة النساء. بعد إحضار العروس،
يقيم الرجال حفلة غنائية في بيت العريس قد تستمر حتى الصباح”.