ريان محمد
ثلاث نساء ورجل يتقدمهم طفل في الثالثة عشر
من العمر، كل منهم يحمل حراماً وكيساً صغيراً، يزيدهم الرجل بسجادة، يسأل الرجل هل
هناك منزل أو غرفة للإيجار، قائلاً أبو عمر، قبل نحو العام قرع باب بيتي في حي التضامن،
مسلحون وقالوا لنا إن الثوار سيطروا على الحي وقد يقصفه النظام فإذا أردتم أن تحموا أرواحكم أخرجوا من المنزل
معكم نصف ساعة، وفي الأمس قرع باب بيتي المستأجر في الجزء الثاني من الحي ذاته،
الشبيحة “عناصر الدفاع الوطني”، ليقولوا لي إن معركة ستبدأ قريباً
لاستعادة الجزء الخاضع لسيطرة المسلحين ويجب أن تخرجوا حفاظاً على أرواحكم.
ويضيف “لست الوحيد من تم إخراجه فهناك
عشرات العائلات تشردت باسم حمايتها، تركونا في الشوارع، الشيء الوحيد الذي سمحوا
لنا به أن نستأجر في الحي إن وجدنا منزلا”، ويتابع “وجدنا لكن الإيجار
كان مرتفعاً جداً بالنسبة لنا فمنزل لا تتجاوز مساحته 60 متر بـ15 ألف ليرة”.
لم تكن أم زاهر، وأولادها الخمسة، محظوظة
كأبي عمر، فليس لديها القدرة أن تسأل عن منزل للإيجار، ومن خوفها لم تخرج معها حتى
ما يقيها برد الليل، تقول “لصدى الشام”، في السادسة صباحاً قرع باب بيتي
مجموعة من الشبيحة، أمهلوني ربع ساعة لكي أغادر المنزل، قائلين إن الجيش سيدخل لتطهير
المنطقة وستعودون بعد بضعة أيام، خرجت وأنا لا أعلم إلى أين سأذهب”.
وتضيف “زوجي فقد منذ نحو سبعة أشهر، ولا
معيل لي من بعده، لذلك عملت لدى طبيب لكن دخلي لا يسد رمق أطفالي، فمن أين لي أن
استأجر منزل لنأوي إليه، سأنتظر في الحديقة فقد وعدونا أن نعود لمنازلنا في وقت
قريب”.
من جانبه، قال محمد، ناشط في مدينة دمشق،
“مع طول أمد الأزمة، وازدياد عدد النازحين والمهجرين، وفقدان عدد كبير من
السوريين مصادر رزقهم، أصبحت مسألة إيجاد مأوى أمر صعب جدا، فقد تسببت موجات
ارتفاع الأسعار الجنونية، إلى رفع مالكي العقارات الإيجارات، في محاولة لتعويض
فارق الأسعار”.
ويوضح “الأغلبية الساحقة من النازحين
والمهجرين هم الفقراء، الذين لجؤوا إلى الضواحي، التي كانت تؤمن لهم مأوى يتناسب
نوعاً ما مع دخلهم، لكن اليوم حتى تلك المناطق لم تعد تناسب
دخلهم المتآكل”.
وأضاف “الإيجارات في دمشق وصلت إلى
أرقام غير مسبوقة، جاوزت ألفي دولار (300 ألف ليرة) شهريا، في حين يقدر متوسط
الدخل بـ20 ألف ليرة فقط”.
ويعاني السوريون من وضع معيشي سيء، تأزم مع
طول فترة الصراع الدموي، والذي خلف أكثر من 100 ألف قتيل، ونحو 7 مليون شخص نزحوا
من منازلهم، في ظل ظروف إنسانية سيئة، في وقت تهدد المجاعة سوريين محاصرين في عدة
مناطق من البلاد، وذلك في ظل غياب بوادر وجود حل يحقن دماء السوريين ويكفيهم ويلات
اللجوء والتشرد.