ريان محمد
لوحظ خلال الأيام القلية الماضية، تجمهر مئات
الأشخاص على أفران الخبز في دمشق، وإقبال متزايد على شراء المواد الغذائية، رغم
ارتفاع أسعارها، وقلة توفرها في السوق، وذلك في ظل تواتر الأنباء عن قرب الضربة
العسكرية المحدودة، التي قد توجه إلى نقاط محددة من البلاد، كرد على استخدام
السلاح الكيماوي في ريف دمشق ما تسبب في مقتل المئات من الأشخاص معظمهم من الأطفال
والنساء.
قال محمود، موظف، كان يقف على أحد أفران الخبز في
دمشق: “إنني أقف هنا منذ 3 ساعات، أنتظر أن أحصل على ربطتين من الخبز (16
رغيف خبز، بـ30 ليرة سوريا)، وزوجتي تقف في دور النساء، وهذا ابني يقف خلفي”،
موضحاً: “نحاول الحصول على خبز يكفينا نحو أسبوع، هي فترة قد ينقطع خلالها
الخبز أثناء فترة الضربة العسكرية”.
وتابع محمود: “عندما
تجري حوادث أمنية أقل بكثير من ضربة عسكرية خارجية، ويكون النظام طرفاً فيها، نجد
صعوبة في الحصول على الخبز والمواد الغذائية،
فكيف مع ضربة عسكرية لا نعلم حجمها وإلى متى ستستمر؟”.
من جانبه، قال قاسم، بائع
خبز غير مرخص: “في الأيام الأخيرة هنالك إقبال شديد على شراء الخبز، ما جعل الحصول
على ربطتي خبز يحتاج إلى وقوف لساعات على الفرن، وأصبحنا نبيع الربطة بـ75
ليرة”، مبيناً أن لديه “سبعة أشخاص يقفون على الدور ليحصلوا على
الخبز”.
بالمقابل، كانت السلطات
السورية قد عممت على الأفران عدم بيع الشخص الواحد سوى ربطتين بعد أن كانت تسمح
خلال الفترة الماضية ببيع أربع ربطات، وذلك عقب الإقبال الكبير على الأفران.
كما أعلنت أن
“141 مخبزاً يعملون حالياً، حيث تعمل جميع مخابز دمشق وريفها مع توقف عدد من المخابز
بحلب”.
ويبلغ إنتاج
دمشق حالياً 200 طن يومياً و225 طناً بريفها، ويقدر الإنتاج على مستوى الشركة 3000
طن يومياً، ومليون طن سنوياً.
كما لم يكن المشهد، مختلفاً كثيراً في أسواق المواد
الغذائية، فهذه أم شادي، في سوق باب سريجي، تقول: “كنا ندخر مبلغاً صغيراً من
المال، اليوم سأشتري بعض المواد التموينية الأساسية، فقد تفقد المواد الغذائية
خلال الأيام القادمة، إذا نشبت الحرب”.
ولفتت أم شادي إلى أنها “لم تستطع أن تشتري كل
ما تحتاج بسبب الأسعار المرتفعة، فقد اقتصرت مشترياتي على البرغل والأرز والزيت،
لا نعلم ما يخبئ لنا الغد، قد نموت، لكن الحياة ستكون صعبة”.
بدوره، قال أبو زياد، تاجر مواد غذائية: “في
الأيام القلية الماضية زاد الطلب على بعض المواد التموينية الأساسية، مثل الزيت
والأرز والبرغل والمعكرونة والسكر”، لافتاً إلى أن “الأسعار ارتفعت مع
تزايد الطلب، في حين نعاني من شح المواد الغذائية في السوق، إضافة إلى انخفاض سعر
صرف الليرة السورية”.
وأضاف: “كما أنه هنالك مصاعب كثيرة تعرقل وصول
المواد الغذائية، منها سوء الأوضاع الأمنية، والرشى التي تدفع للحواجز العسكرية
لمرور البضائع، وتكلفة النقل المرتفعة”.
بالمقابل قالت السلطات أن مخاوف المواطنين وإقبالهم
الكبير على شراء الخبز، والمواد الغذائية غير مبررين، مبينة أنها قادرة على تلبية
الاحتياجات.
وأما في حلب، لم يكن للضربة أثر على الأسواق، حيث
يعتبر الوضع سيئ بشكل كبير فمنذ أيام يعاني من بقي بهذه المدينة التي كانت تعتبر
الرئة الاقتصادية لسوريا، من نقص شديد في المواد الغذائية، في حين وصلت الأسعار
إلى مستويات فلكية بالنسبة للسوريين، إذ وصل سعر ربطة الخبر إلى 500 ليرة، وتبديل
أسطوانة الغاز المنزلي 11 ألف ليرة، في الوقت ذاته هناك انقطاع تام لحليب الأطفال،
وقد وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الخيار إلى 300 ليرة سورية، والبندورة 250
ليرة”.
وقال مؤيد، ناشط من حلب، أن “أوضاع الكثير من
أهالي حلب تدهورت مؤخراً بشكل كبير، حيث أن نسبة البطالة ارتفعت بشكل كبير،
والغلاء الفاحش استنزف مدخرات الناس، فانتشر التسول، حيث لا تمر بشارع في حلب ولا
تجد به متسولين، من رجال ونساء وأطفال”.
من جانبه، قال سمير، ناشط في دمشق، أنه “مع هذا
الإقبال على شراء المواد الغذائية، استغل بعض تجار الأزمات الوضع، وطرحوا في السوق
كميات كبيرة من المواد المنتهية الصلاحية في السوق، بأسعار أقل بقليل من الأسعار
الرائجة”.
وتم خلال الأيام القلية الماضية الإعلان عن مصادرة
مئات الكيلوغرامات من المواد الغذائية منتهية الصلاحية، كانت معظمها عبارة عن لحوم
ومعلبات”.
وأبدى سمير تخوفه من “تصريف مثل هذه البضائع في
المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة، حيث الرقابة شبه معدومة ولا مختبرات غذائية
متوفرة”، داعياً المواطنين “إلى التحقق من تاريخ الصلاحية، وأن لا
يشتروا مواد مجهولة المصدر”.
وكان “المكتب المركزي للإحصاء” التابع
للنظام” قد عترف أن “التضخم على مستوى معيشة الأفراد والأسرة في آذار الماضي
قارب 300%، ما يعكس تفاقم الحالة المعيشية في الأشهر القليلة المنصرمة، مقارنة
بـ224% في أذار من عام 2012”.
وبيّن المكتب أن “مجموعة الخبز والحبوب وصل تضخمها
إلى 402.99%، ومجموعة اللبن والجبنة والبيض 353.57%، اللحوم 357.94%، الكهرباء والغاز
وأنواع الوقود الأخرى 646.09%، النقل 437.20%”.
وتعاني الأغلبية الساحقة من
المواطنين السوريين منذ أشهر أوضاع اقتصادية سيئة، مع إغلاق ألاف المنشآت
الاقتصادية، ما رفع نسبة البطالة إلى نحو 60%، وقلص الكتلة السلعية في السوق،
بالتزامن مع انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية.