يحاول إعلام النظام
إثبات وجهة نظره، وهذا حقه، فيستضيف محلليه ومعلقيه ليقدموا أدلتهم، عن صوابية ما
يقولونه، بعض أولئك المحللين لم يكن حتى وقت قريب أكثر من عضو صغير في حزب صغير،
أو تابع لإحدى المنظمات الشعبية، يمتاز بعضهم بالوقاحة، وبعضهم الآخر يمتاز
بالخبث، الأمثلة كثيرة، وهذا ليس مهماً، لكن المهم هو ما الذي يقدمونه، إذ يتكرر المشهد نفسه على القنوات التابعة
للنظام كل يوم تقريباً، يستضيف مدير الحوار ضيفين، أو ثلاثة، أو أربعة.. حسبما هو
متوفر، وتبدأ الحلقة بالمزاودة وتنتهي بها، يزاود كل واحد منهم في إثبات درجة
ولائه للنظام، ودفاعه الشرس عن جيش الوطن، والمنطلقات النظرية لحزب البعث العربي
الاشتراكي حتى إن كان شيوعياً، والدفاع عن المخابرات حتى وإن كان معتقلاً سابقاً،
يحدث ذلك، نعم!
والأهم من ذلك كله هو الاقتداء بسيادته في شتم
المعارضة، واعتبارها مأجورة ومتآمرة، وتقبض من كذا وكذا، ولسنا في وارد الدفاع عن
المعارضة، فلتدافع هي عن نفسها، لكن المضحك في كلام الكثير من أولئك المعلقين
والمحللين والخبراء الاستراتيجيين، أن الكثيرين منهم يعتبرون أنفسهم معارضين، نعم
ويتلذذ بعضهم بذكر سنوات الاعتقال التي أمضاها في أقبية المخابرات، مثلما يفعل
الشيوعي العتيق فاتح جاموس الذي أرسله بشار الأسد على رأس وفد من المعارضة لمحاورة
“القيادة الإيرانية”، بل إن صحفية مبتدئة، هي بروين إبراهيم كانت حتى
وقت قريب تركض من مكان لمكان كي يجود عليها أحد أعضاء حزب البعث بلقاء، صارت
وبقدرة قادر رئيسة حزب سياسي معارض، ويستضيفها إعلام النظام على هذا الأساس،
فتتحدث بلسان الحزب المعارض، وتحلل الأوضاع من وجهة نظرها كمعارضة، ثم تستند على
الكرسي لتعلن أن حكمة السيد الرئيس تتجاوز حدود كل المؤامرات، وأن أولئك، وتقصد
الثوار طبعاً، ليسوا سوى متآمرين.