الرئيسية / مواد مختارة / انتخاب المجالس في الشمال.. تجربة “ناقصة” تحتاج إلى تعزيز
إيمان هاشم
إيمان هاشم

انتخاب المجالس في الشمال.. تجربة “ناقصة” تحتاج إلى تعزيز

فريق صدى الشام/

“نحن كشعب سوري ثائر لدينا كم هائل من الطاقات التي يمكن أن نقدمها لبناء بلدنا، إن وجود المرأة في مكان قيادي هو أمر طبيعي وليس جديد على بلدنا التي تؤمن بقدرات المرأة والرجل على حد سواء.” هكذا ردت “إيمان هاشم” على من يتساءل عن ردة فعل المجتمع المحلي عن وصولها إلى قيادة “المجلس المحلي لمدينة حلب”.

امرأة في منصب قيادي في مكان مليء بالمتشددين! أمر يثير الاستغراب لدى من يظن أن المجتمع السوري مجتمع متطرف ولا يدري أن التطرف أمر عارض على هذه المنطقة ولا بد أن يرحل يوما ما.

“إيمان هاشم” وصلت إلى منصب رئيس “المجلس المحلي لمدينة حلب” بطريقة انتخابية نزيهة وفق ما تؤكده صاحبة الثمانية والثلاثين عاما لـ”صدى الشام”.

إيمان متزوجة ولديها أربعة أطفال لكن ذلك لم يمنعها من الاستمرار في المجلس المحلي منذ أن شاركت بتأسيسه في فبراير شباط 2013، في القسم الشرقي الذي كان خاضعا لسيطرة المعارضة من مدينة حلب واستمرت في العمل ضمن المجلس بعد عمليات التهجير التي طالت المنطقة إثر حرب دامية شنها نظام الأسد على المنطقة نهاية عام 2016.

 

إيمان هاشم أول امرأة تصل لقيادة مجلس محلي في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد

 

بسبب الحرب العنيفة التي كانت تشهدها حلب والقصف العنيف من طيران النظام عند بداية تشكيل المجلس المحلي لم يكن من الممكن إجراء انتخابات عن طريق المواطنين، ولكن كان يمكن للأشخاص الذين يرون أنهم مؤهلون لأن يصبحوا أعضاء في المجلس التقدم للعضوية شريطة أن يكونوا من القاطنين في مدينة حلب وأن يتمتعوا بالخبرة المطلوبة.

وأصبحت إيمان عضوا في المكتب التنفيذي والجمعية العامة للمجلس المحلي لمدينة حلب، مؤكدة أن كونها امرأة لم يشكل أية عقبة أمام دورها في المجلس، وأن عائلتها وأصدقاءها ومجتمعها ساندوها.

وإيمان حاصلة على إجازة جامعية في اللغة العربية، عملت مديرة مدرسة في حلب قبل دخولها إلى المجلس المحلي، وتسكن اليوم في ريف حلب الغربي بمنطقة خان العسل بعد تهجيرها من حلب على يد النظام.

وتقول إيمان “لقد دخلت المجلس المحلي منذ تأسيسه وشغلت عضوية الجمعية العامة منذ ذلك الوقت إلى أن أوصلتني العملية الانتخابية إلى الرئاسة، كما شغلت منصب عضو المكتب التنفيذي للتربية والتعليم في المجلس قبيل تهجير المجلس من مدينة حلب.”

وتضيف إيمان متحدثة عن آلية الانتخابات في المجلس: “في كل دورة للمجلس يتم إعادة تشكيل الهيئة العامة أو الجمعية العامية من قبل لجنة تحضيرية عن طريق قبول طلبات الانتساب وفق شروط وقواعد وبعد ذلك يتم قبول الطعون والنظر فيها قبل تشكيل الهيئة العامة للمجلس، وبعد تشكيل الهيئة العامة للمجلس والتي يكون أعضاؤها بين 120 و 140 عضوا يتم الترشح من قبل أعضاء الهيئة العامة إلى عضوية مجلس المدينة، ويتقدم عدد من الأعضاء بطلبات الترشيح، والمقاعد اللازمة للمجلس عادة ما تكون بين 20 إلى 25 مقعد.”

وتتم عملية التصويت بين أعضاء الهيئة العامة ومن ينال النسبة الأعلى من الأصوات يكون فائزا بعضوية المجلس المحلي للمدينة. وفق قول إيمان.  ونالت “إيمان هاشم” النسبة الأعلى من الأصوات في دورة المجلس الأخيرة وهي الدورة السادسة، ما منحها فرصة قيادة المجلس لأول مرة، مع الإشارة إلى الدورة الانتخابية للمجلس هي عام واحد فقط.

وبعد تشكيل المجلس المحلي من قبل الأعضاء المنتخبين يتم الترشح مجددا لمنصب رئيس ونائب رئيس المجلس ويتم التصويت بين أعضاء المجلس على المرشحين والفائز بالنسبة الأعلى من الأصوات يكون الرئيس.

وأوضحت “إيمان هاشم” أن المكتب التنفيذي في المجلس المحلي لمدينة حلب يتم تشكيله عن طريق الانتخاب أو التوافق في حال تساوي النسب.

وترى إيمان أن “وصول امرأة إلى مراكز قيادية هي خطوة ناجحة ولا شيء يقف عائق أمام وصول المرأة للقيادة في المناطق المحررة” مؤكدة على أنه “في خمس دورات سابقة كانت طريقة اختيار أعضاء المجلس وأعضاء المكتب التنفيذي بنفس الطريقة الديمقراطية ولم تتغير أبدا.”

 

تجربة ناقصة

وعلى الرغم من ممارسة المجلس المحلي لمدينة حلب للديمقراطية بين أعضائه إلا أنها تعتبر ناقصة كون المجلس المحلي غير منتخب من قبل المواطنين، ويرى البعض أنه من الضروري أن يتحول المجلس من عملية قبول الانتساب إلى الهيئة العامة أو الجمعية العامية إلى عملية انتخاب الهيئة العامة من قبل المواطنين، إلا أن أعضاء المجلس المحلي يرجعون ذلك إلى الواقع الأمني المتردي، مشددين على أن الانتساب يتم وفق شروط صارمة.

وتنتشر المجالس المحلية في مختلف المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد وهي تقوم مقام البلديات ومجالس المدن ومجالس المحافظات أي تقوم مقام “الدولة المدينة” الغائبة، وتختلف طبيعة تلك المجالس من منطقة إلى أخرى ومنها مرتبط بوزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة ومنها ما هو مرتبط بحكومة الإنقاذ التي تقودها “هيئة تحرير الشام” ومنها ما هو مستقل بنفسه يتلقى الدعم من المنظمات.

وتقول مصادر لـ”صدى الشام” إن هناك الكثير من التحديات التي تواجه المجالس المحلية في عموم مناطق المعارضة على رأسها فقدان الأمن الذي يمنعها من إتمام عملية الانتخابات، وثانيها تسلط بعض الفصائل العسكرية الذي يفرض وجود توافقات ومحسوبيات في الكثير من المجالس المحلية.

وتحدثت “صدى الشام” مع العديد من المواطنين الذين أكدوا على ضرورة أن تكون “الهيئات العامة” في المجالس المحلية منتخبة من قبل المواطنين، مشيرين إلى أن الظروف تهيأت لإجراء العملية الانتخابية في العديد من المناطق خاصة في مناطق جرابلس والباب وعفرين وإعزاز.

وفي جرابلس تحديدا بعد عودة معظم سكان المدينة إليها تم تعيين الهيئة الناخبة للمجلس المحلي هناك بالتوافق وفق ما أكدته مصادر لـ”صدى الشام” بين فصائل عسكرية من الجيش السوري الحر وممثلين عن مدينة جرابلس وممثلين عن الحكومة السورية المؤقتة ومجلس محافظة حلب.

ومر على جرابلس منذ خضوعها لقوات “درع الفرات” والجيش التركي ثلاثة مجالس محلية آخرها جاء بعد عزل المجلس الثاني إثر اضطرابات في المدينة، ويضم المجلس المحلي لمدينة جرابلس أربعة عشر عضوا تم انتخابهم من أصل خمسة وسبعين مرشح ضمن الهيئة العامة، أما بالنسبة لمجلس مدينة الباب فقد اعتذر عن الإدلاء بتصريحات حول تشكيل المجلس.

 

معظم المجالس المحلية منتخبة إلا أن بعضها يتم التوافق على تعيين أعضائه بين الفعاليات الثورية

 

تجربة ديمقراطية

يقول “أبو حسان” عضو المجلس المحلي لمدينة زملكا والمهجر من الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري: “إن وزارة الإدارة المحلية بالحكومة المؤقتة تعترف بالمجالس المحلية المنتخبة أو التوافقية والتي تعمل بالتنسيق مع مجلس المحافظة، وبالنسبة لتعيين أو انتخاب المجالس فعادة ما تكون منتخبة بانتخابات علنية عامة أو على مستوى أمانة عامة منتخبة من الأهالي.”

ويضيف لـ”صدى الشام” أن الانتخابات على الأقل في المجلس المحلي لزملكا كانت مبادرة ونتيجة وعي لدى الأهالي والفئات المثقفة، وكان العمل ضمن معايير الشفافية والمساءلة والمراقبة عن طريق لجان مراقبة ومتابعة مفوضة من قبل الأمانة العامة والتي بدورها كانت منتخبة من قبل الأهالي لتكون المراقب والمتابع لعمل المجلس المحلي، وفق قوله.

وأوضح “أبو حسان” أن النساء كن فاعلات بشكل واضح في مجلس زملكا ووصلن عن طريق الانتخاب مؤكدا على أن انتخاب الجمعية العامة للمجلس كان من قبل أهالي البلدة وليس عن طريق الانتساب، وبالتالي فإن صوت عضو الأمانة العامة هو صوت الأهالي.

وأكد “أبو حسان” على أنه “لم تحدث التجربة لدينا بأن ترشحت امرأة لعضوية المجلس المحلي رغم عدم وجود أي مانع من ترشيحها، ففي السابق كان الانتخاب ضمن الإطار الجغرافي للمجلس المحلي وفي المناطق التابعة لسلطته الادارية، حاليا وفي مناطق الشمال ستختلف الأمور فنحن نعمل على لجان تمثل الكتلة السكانية المهجرة في كل منطقة.”

وبعد التهجير إلى مناطق الشمال السوري اختلف الأمر بالنسبة لعملية انتخاب المجلس المحلي لمدينة زملكا بسبب تشتت المهجرين في مجموعات بمناطق مختلفة في الباب وإعزاز وجرابلس، حيث أن كل مجموعة انتخبت ممثلها ليكون عضو المجلس المحلي بشكل مباشر.

وأوضح “أبو حسان” أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة انتخابية فتحت باب الترشيح لانتخابات المجلس المحلي حيث ترشح العديد من الأشخاص، وتم انتخاب الأنسب من قبل المهجرين في كل منطقة واختياره كمفوض عن مهجرين زملكا، وله الشريعة الكاملة كعضو مجلس إداري.

 

تقوم المجالس المحلية مقام الدولة المدنية الغائبة في مناطق سيطرة المعارضة السورية

الحكومة المؤقتة

وترتبط معظم المجالس المحلية في مناطق فصائل المعارضة والجيش السوري الحر بالحكومة السورية المؤقتة التي تعترف بالمجالس المحلية المنتخبة من قبل المواطنين أو الهيئات أو المجالس التي تم تعيينها بالتوافق بين الفعاليات الثورية.

وأوضح “أكرم طعمة” رئيس مجلس محافظة ريف دمشق التابع للحكومة المؤقتة، أن تسمية أعضاء المجالس المحلية على مستوى المحافظة تأتي من رئيس الحكومة المؤقتة، أما بقية المجالس على مستوى المدن أو البلدات تأتي من قبل وزير الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة.

وأضاف في حديثه مع “صدى الشام” أن آلية تشكيل المجالس المحلية التي تعترف بها الحكومة المؤقتة تأتي بالانتخابات وفق ما نصه النظام الداخلي من قبل وزارة الإدارة المحلية وهي إما أن تكون انتخابات عامة أو عن طريق اختيار هيئة ناخبة ومن بعدها يتم اختيار أعضاء المجلس المحلي، ويمكن أن تكون الهيئة الناخبة بالتوافق بين الفعاليات الثورية في البلدة.

وبيّن أن الانتخابات إذا كانت على مستوى مجلس المحافظة يتم تشكيل لجنة انتخابية من قبل الوزارة وبدورها تشرف على الانتخابات الخاصة بالمحافظات، أما إذا كانت الانتخابات للمجالس الفرعية “مدن أو بلدات” فيتم تشكيل لجان انتخابية من قبل مجلس المحافظة الذي ينضوي تحته المجلس المحلي الفرعي، ودائما تكون الانتخابات مراقبة ومتابعة من قبل الوزارة أو مجالس المحافظات، وفق قوله.

وأكد “أكرم طعمة” على أن وزارة الإدارة المحلية عملت على تمكين مشاركة المرأة في المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية في كافة الوحدات الإدارية، وتحدد على الأقل ثلاث مقاعد في مجلس المحافظة ومقعد واحد في المكتب التنفيذي التابع لمجلس المحافظة للنساء، أما بالنسبة لمجلس المدينة فتم تحديد مقعدين للنساء، ومقعد في المكتب التنفيذي على الأقل، وبالنسبة لمجلس البلدية أو البلدة فتم تحديد مقعد في مجلس البلدة ومقعد في المكتب التنفيذي على الأقل.

وأضاف “أكرم طعمة” أنه تطبق على النساء كافة الشروط المحددة لعضوية المجالس والمكاتب التنفيذية، ويكون ذلك حسب درجة البلدة أي إذا كانت مدينة فيجب أن تكون صاحبة شهادة جامعية، أما إذا كانت بلدية فيمكن أن تكون بدرجة ثانية للمتقدمات، ولكن لا يسمح أن يكون رئيس المجلس إلا صاحب شهادة جامعية.

وشدد “أكرم طعمة” على أنه هناك مستويين من المجالس المحلية وهي مجلس المحافظة ومجلس المدينة أو البلدة أو القرية والقسم الثاني كله في مستوى واحد، مضيفا أن “النظام الداخلي الذي وضعته الإدارة المحلية يعامل الكل معاملة واحدة ويجب أن تكون تلك المجالس منتخبة بانتخابات عامة وفق ما يتيسر لها من الظروف؛ أو من الممكن أن تكون عن طريق هيئات ناخبة منتخبة أو متوافق عليها من قبل الفعاليات الثورية المدنية من كل بلدة.”

 

تم انتاج هذه القصة الحقوقية بدعم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR ومؤسسة دونر الكندية Donner Canadian Foundation .

شاهد أيضاً

سجال أميركي روسي في مجلس الأمن بشأن دورهما بسوريا والأمم المتحدة تطالب بإجلاء الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة

تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي- بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال …

مناورات روسية مشتركة مع نظام الأسد.. ماذا وراءها؟ وكيف تقرؤها إسرائيل؟

لا يستبعد المحللون العسكريون في إسرائيل أن يكون التحرك الروسي عند خط وقف إطلاق النار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *