الرئيسية / رأي / هذا “الشبّيح” لا يستحي
جلال بكور
جلال بكور

هذا “الشبّيح” لا يستحي

جلال بكور/

“أنا مستعد مرة أخرى … للمساهمة شخصيا وجسديا، في تأمين ممر إنساني مؤقت يتيح للسكان المدنيين الخروج”، هذا ما نقلته وسائل الإعلام عن المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي مستورا، وهو يتحدث عن المدنيين في إدلب ومحيطها.

 

هذا التصريح ذاته أدلى به دي مستورا إبان حرق نظام الأسد وروسيا للأحياء الشرقية من مدينة حلب نهاية عام 2016، حين فسدت قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة وهي تنتظر سماح النظام لها بالدخول إلى حلب، وبعد ذلك انتهت العملية بتهجير وقتل مئات الآلاف من الناس وتدمير أحياء بأكملها.

 

إذا هذا “الإنسان” ذو القلب الطيب يريد حماية المدنيين عبر فتح “ممر إنساني”، وإذا استدعى الأمر هو جاهز للمساهمة “شخصيا وجسديا”، ووجب التنويه على كلمة “مساهمة” وليست “مخاطرة “، لأن الكثير اعتقد أن دي مستورا كان يعني أنه يريد النزول إلى إدلب بنسفه، وكلمة مساهمة لا توحي بذلك.

 

وعاد مرة أخرى ليروج ويشرع هجوم النظام على إدلب عند القول بأن هناك عشرة آلاف مقاتل من بينهم أجانب وعائلاتهم في إدلب تعتبرهم الأمم المتحدة “إرهابيين”، وقال هؤلاء يجب الانتصار عليهم، أي يجب قتلهم، وبذلك يشرع “دي مستورا” للنظام وروسيا صراحة قتل الملايين من أجل عشرة آلاف.

 

وعاد دي مستورا للقول في تصريح آخر بأنه “ليس هناك إدلب أخرى” وأن الممر الإنساني يكون إلى مناطق سيطرة “الحكومة السورية” أي قوات الأسد.

 

ولكن كيف نسي دي مستورا أن أكثر من نصف السكان في إدلب اليوم هم مهجرون وفارون من “قوات الحكومة” التي يشرع لها الهجوم، ولكنه ربما أدرك أن من سيقول هذا الكلام فأجاب مسبقا بالقول “عدا عن التوجه إلى تركيا، ليس أمام المدنيين خيار آخر كي لا يتواجدوا في أماكن قد تشهد معارك”، وهو بذلك يشرع تهجير السوريين وتشريدهم إلى خارج بلادهم أيضا.

 

وبينما يتباكى دي مستورا على المصير المحتمل للآلاف يعود المبعوث الأممي مجددا ليشرع الهجوم بأي سلاح كان إلا الأسلحة الكيماوية مكررا رسالة الدول الثلاث “بريطانيا، أمريكا، فرنسا”، وقال إن “مسألة تجنب الاستخدام المحتمل لأسلحة كيميائية تكتسي أهمية بالغة” مشددا على أن استخدام مثل تلك الأسلحة “سيكون غير مقبول تماما”.

 

والسلاح الكيماوي استخدم من قبل في الغوطة وغيرها والسلاح الثقيل أيضا بكافة أشكاله وأنواعه المحرمة وغير المحرمة، ولم تكن أي من تحذيرات مستورا ومن خلفه الأمم المتحدة سوى رسائل تشرع للنظام ما يقوم به لأنها لم تأتي بأي تهديد بالعقاب ولم تأتي عن طريق مجلس الأمن بقرار ملزم.

وفي تصريح آخر يشرع دي مستورا للنظام استخدام نوع محدد من السلاح الكيماوي وهو “غاز الكلور” حين قال “ندرك جميعا بأن كلا من الحكومة والنصرة لديه القدرة على انتاج غاز الكلور لأغراض عسكرية، وهذا موضع قلق متزايد لنا جميعا”.

 

ويبدو أن دي مستورا حدد غاز الكلور لأنه أسهل الغازات انتاجا ولم يقل مثلا السارين لأن السارين يصنع في مصانع عسكرية لا يمكن للنصرة امتلاكها وبالتالي لا يمكن اتهامها.

 

رسائل دي مستورا التي تشرع للنظام الهجوم على إدلب تصدر اليوم في تصريحات إعلامية، وهي تصريحات قالها دي مستورا بلسانه لأطراف من المعارضة خلال عمليات التفاوض في جنيف وأستانا، عندما قال دي مستورا إن روسيا وإيران سيحرقان إدلب وبقية المناطق إن لم ترضخ المعارضة لشروطهم.

 

وتحول دي مستورا وفق مصادر موثوقة في جولات التفاوض إلى “شبيح” ناطق باسم نظام الأسد، ومفاوض بالوكالة عنه، مارس تشبيحه على أعضاء وفود التفاوض بالتهديد بالعواقب الوخيمة التي تنتظر المعارضة والمناطق الخاضعة لها حال عدم القبول بشروط الأسد وإيران وروسيا.

شاهد أيضاً

هذه أنا..بلا أقنعة

ميساء شقير/ غالية شاهين – خاص لصدى الشام   لطالما أجبر الخوف السوريين على الاختباء …

المساواة أم العدالة.. أيهما يحقق التوازن الحقيقي بين الجنسين؟

ميسون محمد في عصرنا الحديث، أصبحت المساواة بين الجنسين شعاراً يتردد كثيراً في كل مكان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *