الرئيسية / رأي / تحالف الطغاة

تحالف الطغاة

صدى الشام _ ثائر الزعزوع/

لم نكن في حاجة لتلك المعلومات التي أوردتها صحيفة “السفير” الإيرانية، وقالت فيها إن ديكتاتور مصر عبد الفتاح السيسي، قام بإرسال ١٨ طياراً مصرياً لمساعدة نظام آل الأسد في حربه ضد السوريين وثورتهم،  علماً أن ديكتاتور مصر اعتبر في لقاء مع التلفزيون البرتغالي أنه يجب مساعدة قوات الأسد، وسط استغراب من المذيع البرتغالي، صحيح أن الخارجية المصرية نفت ما قالته السفير الإيرانية، وقالت إن الخبر عار عن الصحة، لكن مجرد ذكر تلك المعلومة يجعلنا نستعيد صور دبابات الجيش المصري وهي تسحق أجساد المعتصمين في ميداني رابعة والنهضة في شهر آب عام ٢٠١٣، لترتكب واحدة من أكثر المجازر دموية وعنفاً، وهي المجزرة التي قادت السيسي ليصبح رئيساً لمصر بعد أن اختطف الرئيس المنتخب محمد مرسي ووضعه في السجن، كما أننا لن نكون في حاجة لنعرف أنه في الوقت الذي امتنعت فيه دول أوروبية ومن بينها إيطاليا وإسبانيا عن تزويد حاملة الطائرات الروسية “كوزينتسوف” بالوقود في أثناء عبورها البحر الأبيض المتوسط في طريقها لترسو على الشواطئ السورية وتبدأ قصف السوريين، فإن جزائر بوتفليقة تطوعت لملء حاملة الطائرات بالوقود اللازم، وربما قام النظام الجزائري بواجب الضيافة كاملاً فقدم لضيوفه الروس الطعام والشراب، الأمر طبيعي لحاكم قتل من شعبه عشرات الآلاف ويسبب منذ أن تولى السلطة مزيداً من الخراب للجزائر التي قدمت مليون شهيد في سبيل نيل حريتها التي فقدتها مع وصول رجل الكرسي المتحرك إلى سدة الرئاسة، ونشره كافة صنوف المخابرات في كل بقعة من البلاد حتى فر مئات آلاف الجزائريين إلى فرنسا وسواها من الدول الأوروبية بحثاً عن حقهم في الحياة والعمل الذي حرمهم منه بوتفليقة وبطانته الفاسدة، وسنكون ساذجين إن استغربنا أن سلطان عمان قابوس الرابض على كرسيه منذ عقود طويلة يحكم السلطنة كما يحلو له، لن يقف بكل ما أوتي من قوة مع نظام آل الأسد، ولهذا لن نستغرب أن يعلن التلفزيون الأردني الرسمي بشيء من الفرح أن قوات النظام استعادت السيطرة على مناطق واسعة من مدينة حلب وطردت الإرهابيين منها هكذا حرفياً، بل إن علينا أن نستغرب أصلاً أن ثمة أنظمة عربية تؤيد حقنا في الثورة، وتقف، ولو بالكلام، إلى جانبنا، لأن الأنظمة الحاكمة في منطقتنا متشابهة، من حيث بنيتها وآليتها، فهي أنظمة ديكتاتورية شمولية، أنظمة تعتبر الشعوب ديكوراً لا أكثر، فآخر ما يفكر به النظام العربي الحاكم، دون أن نستثني أحداً هو الشعب، فالشعب موجود بحكم الضرورة، ونحن ننعم عليه بعطايانا.

يقول مواطن مصري أجرت معه إحدى القنوات التلفزيونية المصرية لقاء بينما كان يتلقى مساعدات يقدمها الجيش المصري للمواطنين الجائعين: اللهم احفظ السيسي لأنه يطعمنا… هكذا حرفياً، وقد انتشرت خلال الفترة الماضية حمى كلمة “ارحل” التي وجهها عشرات الإعلاميين المصريين ويخاطبون فيها أولئك المعترضين على حكم السيسي وعلى الأوضاع المزرية التي تمر بها مصر، بات مطلوباً أن يرحل الشعب ويبقى الديكتاتور. وهذه الحقيقة التي يعلمها الجميع، فالطغاة يؤمنون أن تلك البلاد هي بلادهم هم، وأن الشعب هو شعبهم هم، لذلك فإنهم يستخدمون ياء المتكلم، والتي تفيد الامتلاك، حين يتحدثون عن الشعب، فيقولون: شعبي، بلدي… مثل من يقول حقيبتي، أو قلمي، أو حتى، أجلكم الله، حذائي،  ولعل من يتابع أحاديث وخطابات أولئك الطغاة سيجد بأنهم يكثرون من استخدام الياء في أثناء حديثهم، ولا يحاولون أبداً فصل الشعب أو البلد عنهم، إلا في حال خرج الشعب على الطاعة وتمرد ساعتها يصبح “متآمراً” “خائناً” ويطلب منه الرحيل، بل ويتم تسهيل مروره عبر الحدود للتخلص منه، إذ على المواطن الطاعة العمياء، وإلا فلا مكان له، في بلد الحاكم وبين أفراد شعبه..ولهذا أيضاً استخدمنا وعلى مدى سنوات تعبيرات تناسب الحالة فقيل “سوريا الأسد” “عراق صدام” “أردن الحسين” “مصر مبارك” وربما يكون لبنان هو الاستعصاء الوحيد الذي ظل خارج هذه التركيبة الديكتاتورية، بسبب طبيعته، رغم المحاولات الحثيثة التي بذلها نظام آل الأسد لتغيير بنيته السياسية، لكنها جميعاً باءت بالفشل، فلم نقل في يوم من الأيام لبنان سركيس أو الجميل أو سواهم، لكننا نقول الآن وللأسف لبنان حزب الله، ما يعني أن المحاولة نجحت لاحقاً بعد تحويل لبنان إلى مستوطنة إيرانية…

ولكن لماذا يتحالف هؤلاء الطغاة جميعاً ضد الثورة السورية؟ ولماذا يبذلون قصارى جهودهم لإفشالها؟ وماذا سيضيرهم إن سقط الأسد وبقيت سوريا؟ تبدو الإجابة واضحة على ما أعتقد، لأن سقوط طاغية يعني أن الشعوب ستبدأ حراكاً ثورياً لإسقاط باقي الطغاة، ألم يحدث ذلك حين بدأ الربيع العربي، ألم تحرك ثورتا تونس ومصر المياه العربية الراكدة؟ ألم تهتف الشعوب بصوت واحد الشعب يريد إسقاط النظام؟ الآن تغيرت المعادلة… واللي مش عاجبو يمشي، وسيقوم النظام باستيراد شعب آخر، شعب من المرتزقة المأجورين، من أفغانستان وإيران وباكستان، ولبنان والعراق، واليمن، شعب يشكل ميلشيات طائفية تهتف لابن حافظ الأسد، وسواه من الطغاة وتحني هاماتها لدى مرورهم، تسبح بحمدهم وشكرهم، وهي لن تبالي كثيراً فيمن يحكمها ما دامت قادرة على التكاثر والأكل، قطعان  من الخراف ليس إلا، يمنع عليها التفكير، ويمنع عنها حتى الهواء إن حاولت أن تخالف الأوامر، فهي بكل بساطة قد تساق إلى المسلخ لتذبح وتقدم قرباناً فداء لحذاء سيادته…

الثورة مستمرة

شاهد أيضاً

هذه أنا..بلا أقنعة

ميساء شقير/ غالية شاهين – خاص لصدى الشام   لطالما أجبر الخوف السوريين على الاختباء …

المساواة أم العدالة.. أيهما يحقق التوازن الحقيقي بين الجنسين؟

ميسون محمد في عصرنا الحديث، أصبحت المساواة بين الجنسين شعاراً يتردد كثيراً في كل مكان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *