الرئيسية / منوعات / منوع / المهنة ثائر .. وما من نقطة في آخر السطر

المهنة ثائر .. وما من نقطة في آخر السطر

نور مارتيني

“أعمل في
الثورة ….العمل “ثائر…..أعمل في “الإغاثة”…تسميات لمهن
الثوار على صفحات الفيسبوك ..هذه التسميات تعطي أصحابها حصانة شعبية من نوع معين
لدى شريحة كبيرة من الناس، سواء أكانوا من الناس البسطاء الذين يعيشون في الداخل، أو
من قبل المغتربين الذين تتفطر قلوبهم حزناً على البلد، والذين لا يكادون يسمعون عن
جهة إغاثية تعمل في الداخل حتى يهرعوا للتواصل معه، عساها تكون المخلص والمنقذ.

حين كان الحراك
سلمياً بالمطلق، وحين كانت الهتافات تدعو إلى نبذ الطائفية ومحاربة العدو المشترك،
حين كانوا يوجهون حراكهم “لله” كان لهذه المسميات بريق خاص، ذلك أن الكل
كان مؤمناً بوحدة الهدف وبسمو الغاية، ولكن بعد أن دخل المال السياسي وتزايد الضغط
من قبل النظام على الناشطين، بدأت الأمراض تتسرب إلى جسد المعارضة، ومع تفاقم
الأنا عند البعض ..زاد الحال سوءاً..

أحد أهم الأمراض
التي انسلت إلى جسد المعارضة مع تسرب المال السياسي إليها هو وجود ألوية مدعومة من
جهات تمولها بالأموال التي تمكنها من الحصول على الذخيرة، هذه الألوية تسيطر على الأرض بالقليل من
الذخيرة التي تمتلكها دون أن تحرز تقدماً على أرض المعركة، أو تساهم في ترجيح كفة
المعارضة، وإنما تحاول أن يبقى الوضع على ماهو عليه، ،وبالمقابل فهم لا يفرّطون
بالذخيرة التي يتحصّلون عليها في معاركهم، والغاية –على الأرجح- هي أنهم يطمحون
إلى فرض سيطرتهم على هذه الرقعة فيما بعد سقوط النظام، وفرض أنفسهم كأمراء حرب …

مع محاولات البحث
عن نافذة للديمقراطية في بلد نسي ألفباء هذه الأبجدية، تولدت فكرة المجالس المحلية
“النبيلة “، ولكن الطامة الكبرى هي أننا ننتمي إلى بلد أدمن قتل الأفكار
النبيلة، فأصبحنا عن غير عمد حيناً، ومتعمدين في كثير من الأحيان، نجيد اللعب على
حبال هذه الديمقراطية.

فما أن بدأ الحديث
عن موضوع الانتخابات حتى بدأت حملة الكشف عن الأسماء الحقيقية للناشطين على
الفيسبوك بأسماء حركية، قابلها تخوين لكل من يستخدم اسمه الحقيقي على
أنه”شبيح” مما جعل الكثيرون ينكفئون على أنفسهم ..

وفي المقابل
فوجئنا بهم يترشحون للمجالس المحلية دون تقديم أي إنجاز على أرض الواقع طوال فترتهم الانتخابية، وما إن تقترب الانتخابات حتى يبدأ الإفصاح عن
المشاريع التي كانت أسيرة الأدراج كحملة انتخابية قبيل الدورة الانتخابية الجديدة
..بماذا اختلفوا عن مجلس الشعب أو مجالس الإدارة المحلية، وانتخاباتها الغبية التي
كان يقودها النظام، معتمداً على فكره المافيوي، والسلطوي الذي يقوم على استغباء
الآخر؟؟

القسم الأكثر
إيلاماً هو أن من يفترض بهم أن يكونوا
سفراء الشعب السوري لحل أزمته ..أصبحوا جزءاً كبيراً من أزمته، إذ لا يخفى على أحد
مقدار الدعم الذي تقدمه تركيا للسوريين، ولكنها عانوا كثيراً من تبعات هذه
التسهيلات، فبعض أفراد الكتائب المسلحة راحوا يتسكعون في شوارع تركيا مستعرضين
أسلحتهم ومثيرين للمشاكل، مما حدا بالسلطات التركية إلى عدم إعطاء إقامات للسوريين في إقليم هاتاي ..كما أن البعض
استغل التسهيلات التي أعطيت لهم للعمل في مجال الإغاثة في إدخال بضائع التهريب
وبيعها في تركيا أو في سوريا.

على سبيل المثال،
لا الحصر، هنالك من يقوم بإدخال سيارات بشكل غير قانوني من الحدود مع الدول
المجاورة، وهي على الأغلب “بلغاريا” ثم ينقلها إلى الأراضي السورية
ويعطيها نمراً مزورة في سوريا، ثم يعيد إدخالها داخل الأراضي التركية ..الأمر الذي
ينعكس سلباً على الثورة من جهتين، فهو يدعو الجهات الداعمة إلى إعادة النظر في
مقدار دعمها من جهة، وهو سرقة لأموال السوريين الإغاثية، التي ينبغي أن تتجه إلى
الداخل على شكل حليب أطفال ومواد إغاثية، لا سيارات بنمر وأرقام مزورة!!!

أما إعلام الثورة،
فحدّث ولاحرج، إذ أنه قد تحول إلى سلعة بيد الأقوى؛ حيث أنه يكفي أن تحصل على جهاز
هاتف محمول متطور، وكاميرا “ديجيتال” كي تصنف على أنك إعلامي، حينها
تبحث عن كتيبة تحتمي بها، توثق عملياتها – التي هي في الغالب استعراض إعلامي- مع
تغييب كامل للمعاناة الإنسانية للناس في الداخل، فغالبية إعلاميي الثورة يعيشون
خارج الأراضي السورية، سواء أكانت محررة أو تحت سيطرة النظام، ومع ذلك فهم يتحدثون
باسم ثوار الداخل، في وقت هم أبعد ما يكونون عن هموم الداخل!!

وبالمقابل فهم
يشتغلون وفق الأجندة التي تمول الكتيبة، وتشتري لهم أجهزة الحاسوب والكاميرات،
فبماذا اختلفوا عن قنوات النظام التلفزيونية، وصحفه الصفراء؟

الثورة فعل ..ورد
فعل، وكي تكون النتائج نبيلة ينبغي للوسائل أن تكون نظيفة، وفيما عدا ذلك لا يمكن
تسمية من يسيء استخدام الثورة التي دفع الناس ثمنها من دمهم وقوت أبنائهم بالثائر،
وإنما هو مجرم بحقها، ويستحق عقوبة أقسى من تلك التي يستحقها من يعمل تحت لواء
النظام .

شاهد أيضاً

تصنيف الجواز السوري لعام ٢٠٢٥

نزيه حيدر – دمشق يعتبر تصنيف الجوازات في العالم مؤشر لمدى قدرة حاملي هذا الجواز …

الحرية تدخل الجامعات السورية والطلبة يتطلعون لمستقبل مختلف

تمارا عبود – دمشق في الخامس عشر من كانون الأول 2024، فتحت الجامعات السورية بواباتها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *