صدى الشام - عمار الحلبي/
يبدو أن سيطرة النظام بشكل كامل على محافظة درعا، التي تلقب بـ “مهد الثورة” ليست كافية لوأد روح الثورة داخل أبنائها، فبعد سيطرة النظام بشكل كامل على المحافظة، بدأت بوادر الثورة تظهر في المحافظة من جديد.
وسيطر النظام على محافظة درعا بشكل كامل قبل أشهر، عقب عملية عسكرية تمت بدعم من روسيا والميليشيات الإيرانية وأسفرت عن توقيع “مصالحة” بين نظام الأسد وفصائل المعارضة المسلحة المدعومة من دول عربية.
ولكن بعد هذه السيطرة بأشهر، رصدت “صدى الشام” عودة بوادر الحراك الثوري السلمي والمسلح داخل المحافظة، ما يشكل مأزقا جديدا للنظام.
الشعارات الثورية من جديد
وبدأت الثورة السورية بشعارات ثورية كتبها أطفال على جدار أحد المدارس في منطقة “درعا البلد” حيث عمد النظام لاعتقال هؤلاء الأطفال وتعذيبهم واقتلاع أظافرهم ثم قام بإهانة الأهالي الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن التعذيب، ما فجر الثورة بعدها.
ولكن هذه اللافتات عادت من جديد مؤخرا حيث شاهد مدنيون وناشطون في درعا مؤخرا، عدّة شعارات مناهضة لنظام الأسد على الجدران في الأماكن العامة.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا تظهر كتابات وشعارات ضد نظام الأسد وداعمة للثورة السورية على جدران الأبنية السكنية والمدارس والمساجد وحتى أبواب المحال التجارية، ومن ضمن هذه اللافتات: “يسقط بشار الأسد، الموت ولا المذلة، الثورة مستمرة” ولافتات أخرى تعيد التأكيد على ثوابت الثورة ومناهضة نظام الأسد.
ويشار إلى أن الحراك السلمي الذي بدء ضد النظام في درعا وبقية المحافظات السورية تحول بعد عدة أشهر إلى حراك مسلح نتيجة استمرار النظام بالقمع وقتل المتظاهرين.
حراك مسلح
ولم يقف الأمر على الشعارات المناهضة لنظام الأسد، بل امتدت إلى عمليات عسكرية “خلسة” على حواجز لقوات النظام في المحافظة، وفي فجر الأحد الماضي، تعرض حاجز عسكري تابع لقوات نظام الأسد في مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، لهجوم بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية.
وبحسب مصادر إعلامية، فإن مجموعة شبان من المدينة، هاجموا الحاجز التابع لقوات النظام وقاموا بإطلاق النار بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية على الحاجز، دون معرفة فيما إذا كان قد سقط قتلى أو لا.
وأعلنت مجموعة تسمي نفسها “حركة المقاومة الشعبية” في درعا، عبر معرفها بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” عن تبنيها الهجوم على حاجز الصنمين، فضلا عن هجمة أخرى في بلدة جاسم بريف درعا.
وقالت بيان الحركة: “إنها شنت هجوما الأعنف على حواجز قوات نظام الأسد، ردا على “المصالحات الكاذبة التي أجراها النظام”، كما توعدته بهجمات أخرى.
وتعرف الحركة نفسها على أنها تقوم بعمليات ضد النظام، ردا على “الوعود الكاذبة من روسيا ونظام الأسد، وعدم تنفيذ المطالب التي تم الاتفاق عليها في التسويات في درعا”، في إشارة إلى قيام النظام باعتقال واستهداف قادة المصالحة في درعا.
إخلال النظام بوعوده
ويمثل إخلال نظام الأسد بتعهّداته، بحفظ أرواح المدنيين ومقاتلي المعارضة الذين أجروا مصالحات معه في محافظة درعا، أحد أهم الأسباب التي أدت إلى حالة الغليان هذه ضده، ما ينذر بالمزيد في هذه المحافظة.
وقال ناشط إعلامي يعيش في درعا لـ “صدى الشام”: “إن المدينة تشهد حالة استياء عامة من قبل المدنيين، وذلك بعد أن قام النظام باغتيال العديد من قادة فصائل المعارضة الذين أجروا مصالحات”.
وأوضح الناشط الذي رفض الكشف عن هويته، أن هذا الاستياء ترجمه المدنيون لعمليات على الأرض، سواء من خلال التظاهر ونشر اللافتات والشعارات المناهضة لنظام الأسد، أو من خلال إعادة إحياء العمل العسكري ضد نظام الأسد ونقاطه العسكرية في درعا، متوقعا أن تتزايد عمليات “المقاومة” هناك.
وكان نظام الأسد قد أجرى “تسوية” مع المدنيين والمقاتلين في درعا نصت على أحد عشر بندا، ولكن على الرغم من موافقتهم عليها، سجل خلال الفترة الماضية عمليات اغتيال وعمليات اعتقال بحق قادة الفصائل الذين أجروا التسوية، إضافة لعمليات اعتقال واسعة بحق المدنيين.
وتقدر جهات حقوقية، عدد القادة في فصائل المعارضة الذين تم اعتقالهم بنحو عشرين قياديا، فضلا عن وجود آخرين اختفوا في ظروف غامضة.
ولم يكن اعتقال القادة هو الوحيد من نوعه، حيث اعتقلت قوات نظام الأسد خلال الأسبوع الماضي، ما يقارب ثمانية أشخاص من مدينة الحارة بريف درعا الغربي، بينهم مدنيين، وذلك بعد أن حاولوا التوجّه من مدينة درعا باتجاه الشمال السوري بعد قرب انتهاء مدة التسوية الممنوحة للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية.
كما شهدت مدينة الحراك بريف درعا الشرقي اعتصاما أمام مخفر المدينة التابع للنظام بسبب اعتقال أحد أبناء المدينة، مطالبين بإطلاق سراح الشاب الذي قام بضرب عنصر للنظام على أحد حواجز المدينة، ومصادرة سلاحه، بعد مشادة كلامية بين عنصر النظام والشاب، ليتمّ اعتقاله بعدها من قبل باقي عناصر الحاجز، وتم نقله إلى خارج المدينة، من دون معرفة مصيره.