صدى الشام - ريم إسلام/
يعود بعض اللبنانيين المحسوبين على نظام الأسد إلى إثارة الإعلام مجددا عبر عنصريتهم ومن المفارقة أن تلك العنصرية تظهر على شاشة محطة تلفزيونية لها باع طويل في مثل هذه الحملات العنصرية، قناة “أم تي في” والمعروفة بـ”تلفزيون المر”، وهي إحدى القنوات اللبنانية السياسية يملكها المدعو “غابرييل المر” شقيق السياسي والنائب الحالي “ميشال المر”، وتتخذ القناة مقرا لها في منطقة النقاش إحدى ضواحي مدينة بيروت.
ويعتقد ناشطون وصحفيون أن ما تقوم به قناة “أم تي في” وغيرها من وسائل الإعلام والمسؤولين يأتي بهدف إلقاء فشل سياسيين في البرلمان والحكومة اللبنانية على اللاجئين السوريين، فإن تلك القناة وغيرها من المحسوبين على نظام الأسد لم يتركوا فشلا في لبنان إلا وألقوه على اللاجئ السوري الفار من الموت.
وانتشرت خلال السنوات الماضية على وسائل الإعلام تقارير مكتوبة ومرئية ومسموعة، تلوم اللاجئين السوريين على شتى أنواع المشاكل الاقتصادية الاجتماعية والخدمية في لبنان ومنها مشاكل العنوسة والبطالة وزحمة السير وارتفاع الأسعار والتدهور الاقتصادي، وحتى انتشار الجرائم والنفايات.
آخر ما نشرته قناة “أم تي في” على موقعها الإلكتروني ضد السوريين كان تقريرا يحمل تصريحا عن طبيب يدعى “فادي نصر” ألقى باللائمة على السوريين في “ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في لبنان”.
وجاء التقرير بعنوان “السرطان يجتاح لبنان… وسببان يساهمان في انتشاره”، أشارت فيه القناة إلى أن معدل الإصابة بالسرطان ارتفع بنسبة 5.6 بالمائة، ونقلت تصريح الطبيب الذي زعم أن السبب في ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في لبنان يعود إلى نقطتين: الأولى وهي التلوث (يعاني لبنان من أزمة نفايات منذ عام 2015)، والثانية هي “النازحون السوريون”.
وكتبت في التقرير نقلا عن المدعو “نصر” أن “الالتهابات المتزايدة بفعل تكاثر النازحين السوريين في لبنان تتسبب مباشرة بمرض السرطان، فهؤلاء بسبب الظروف السيئة التي عانوا منها مرغمين، يأتون ببكتيريا خطيرة قد تخلق الأمراض لدى الإنسان”، وذلك من دون أن يستند الطبيب الذي وصفه التقرير بـ”المختص” إلى أي دليل حسي أو دراسات في رأيه، أو يشير إلى المعطى الذي أوصله إلى هذه النتيجة.
موجة غضب
وأثار التقرير العنصري الأخير غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي بين ناشطين من اللبنانيين والسوريين، فسألت جويل بطرس في تغريدة على موقع تويتر “عفوا بس ع أي أساس بنى الطبيب المختص تحليله “العلمي”؟ بعد في هيدي ما كبيتوها عالسوريين!”.
وكتب “منذر كولكو” على موقع فيس بوك : “كل الزبالة اللي عندن مانا سبب رئيسي لامراض السرطان, سبحان الله هالمعتر السوري هو سبب كل سبب وهو بلا كل بلا….. عوووووجا…..”
ونشرت “ربى شهابي” على فيس بوك معلقة على الحادثة : “حتى اللحظة .. لم يكتشف العلماء الأسباب الحقيقية للإصابة بالسرطان. غاب عن بالهن وجود عباقرة في قناة mtv اللبنانية، وصلو للسبب الرئيسي و هو اللاجئين السوريين لحملهم بكتيريا تسبب السرطان . و لسه معذبين حالكن بالابحاث و المعاهد و ملايين الدولارات تنفق على الدراسات و شغلتكن كلها حلتها دراسة صغيرة من بلد الزبالة مغرقت….أبت الحقارة أن تفارق اهلها!”
وقارنت “هويدا علي” في منشور لها بين الحال في تركيا ولبنان وكتبت على فيس بوك “غصة قهر ولو كانوا عم يضحكوا علينا بلبنان السوري سرطان أما بتركيا هاشتاغ السوري بركة”. بينما كتب “كمال الطويل” : “في ناس بتكره حالها وجيرانها وطوائفها من 1840-1945-1860 ولهلأ هدول متوقع منهم كل شي ….. هدول ناس مريضين عنجد وبحاجة لعلاج ….”
وتهكم “علاء فرحات” على الحادثة في منشور له على فيس بوك وكتب “أنا بعرف انو الإنسان ممكن ينقلك عدوى الرشح مثلاً,, الكريب, الحمى المالطية…, هيك يعني.. وممكن بحالات معينة الانسان ممكن يجبلك جلطة, ضغط, سكري, فالج, كمان هيك شي. بس انو الإنسان ينقلّك مرض السرطان, ومو بالضرورة يكون معو سرطان, فهاي نظرية علمية جديدة فريدة بيرجع الفضل باكتشافها للمركز الفينيقي الطبي العالمي الفلكي لشؤون اللاجئين السوريين..”.
فشل يرمى على اللاجئين
ويرى الصحفي اللبناني “حازم الأمين” في مقال له عن العنصرية في لبنان أن”لبنان جبران باسيل، ولبنان الطبيب صاحب الكشف العلمي، لم يكتف بإحالة كل أشكال الفشل إلى اللاجئين، فهو استدخلهم إلى شبكة فساده، فصار التمويل الدولي لأكلافهم جزءا من طموحات المسؤولين اللبنانيين في مراكمة الثروات، والغريب أن هؤلاء المسؤولين هم أنفسهم أصحاب الصوت الأعلى في مواجهة اللاجئين.”
وأضاف معلقا على عنصرية الطبيب في تقرير “أم تي في” : “ما قاله الطبيب اللبناني هو تكثيف لمزاج بدأ العمل عليه منذ سنوات، وصار جزءا من خطاب سياسي استعاض فيه أصحابه عن فقدانهم موضوع هويتهم بقضية إنسانية انطوى نيلهم منها على قدر هائل من انعدام النزاهة والأخلاق. ولطالما تعامى أصحاب هذا الخطاب عن حقائق جلية. فقد اتهم اللاجئون بالوقوف وراء العمليات الإرهابية التي استهدفت مناطق لبنانية عدة، في حين كشفت هويات الفاعلين أن عدد المتورطين اللبنانيين في هذه العمليات يفوق بأضعاف عدد المتورطين السوريين.”
وقال “حازم الأمين” : “في لبنان صار لـ”العنصرية” شعراؤها وسياسيوها وأطباؤها وجنودها، لكنها تفتقد إلى موضوعها. اللاجئون لا يمكن أن يكونوا لوحدهم موضوعا لهوية، ونازعا لتشكل عنصرية. يحتاج تشكل العنصرية إلى هوية وإلى شعور بهذه الهوية. لبنان اليوم أقل من أن يكون هوية. وبهذا المعنى فإن العنصرية فيه تأتي مفتعلة ومن دون موضوع. وهي لذلك السبب ركيكة وتحمل قدرا من الهزل لا يخفف من بشاعتها.”
وشدد على أنه مثلما “فعل الطبيب الذي تعامى عن الأسباب الواقعية لتزايد حالات السرطان في لبنان، تعامى أصحاب الخطاب التحريضي عن حقيقة أن وراء الإرهاب فاعلين لبنانيين.”، وبين أن “الخطاب في سعيه إلى أن يتحول لغة شائعة لا يبتغي الحقيقة بقدر ما يبتغي أن يعبر عن نفسه متخففا من أي التزام معرفي أو أخلاقي أو قيمي. اللاجئون السوريون هم وراء العمليات الإرهابية حتى لو كان وراءها لبنانيون، وهم وراء تراجع المدرسة الرسمية بعد تقاطرهم عليها، حتى لو بلغت قيمة المساعدات الدولية لهذه المدرسة بفعل استقبالها التلامذة السوريين نحو 300 مليون دولار سنويا، وهم وراء ضعف التغذية بالتيار الكهربائي على رغم أن هذا الضعف سابق على لجوئهم إلى لبنان، وأن مخيمات اللاجئين لا تصلها الكهرباء.”
ضرب وتهديد بالاغتصاب
وبجانب ما تقوم به بعض وسائل الإعلام اللبنانية تقوم بعض البلديات واللبنانيين المحسوبين على نظام الأسد بطرد والاعتداء على اللاجئين السوريين وصل بعضها إلى حد الاعتداء على المنازل والتهديد باغتصاب النساء والأطفال، حيث تعرض اللاجئ السوري “فادي قلعجي” لاعتداء من قبل مجموعة شباب في بلدة زان بقضاء البترون.
ونشرت الصحفية اللبنانية “نسرين مرعب” على فيس بوك منشورا أشارت فيه إلى الحادثة معلقة “كيف بعد بدنا نعيش بهالبلد؟!؟!؟؟ تفضلوا… تعرض النازح السوري “فادي قلعجي” للضرب وتكسير سيارته وتهديد زوجته وبناته وذلك في بلدة زان قضاء البترون. وفي التفاصيل أن السوري وهو من سكان البلدة، كان داخل سيارته أثناء مروره في أحد شوارع البلدة حين أوقفه المدعو “ر.س.” وأطلق عليه كلبه الذي هاجمه. ثم قام الأخير بإخراجه من السيارة والاعتداء بالضرب عليه حيث شارك معه عدة شبان من البلدة والذين قاموا بتكسير سيارته بالكامل ثم تهجموا على منزله وهددوا زوجته وبناته بالاغتصاب والقتل بحال عدم مغادرتهم البلدة. وقد أصيب على إثرها السوري بعضات الكلب وكسور ورضوض مختلفة في وجهه وجسمه.”