الرئيسية / رأي / في رسالة إدلب
جلال بكور
جلال بكور

في رسالة إدلب

جلال بكور/

إدلب منذ أسابيع تتصدر وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية وبيانات الدول العظمى والإقليمية وتحذيرات المنظمات الدولية الحقوقية والإغاثية، كلها تصب في التحذير من هجوم النظام على إدلب وما سوف يحدثه ذلك الهجوم من كوارث إنسانية لا تبدأ بالمجازر فقط ولا تنتهي بالتشرد فقط.

الحالة الإعلامية ذاتها وحالة البيانات والتحذيرات ذاتها سبقت الهجوم الكبير من النظام على حلب الشرقية كما سبقت الهجوم الكبير من النظام على غوطة دمشق الشرقية وغيرها الكثير من المناطق التي طالتها هجمات نظام الأسد المدعومة بالطيران الروسي والميليشيات الطائفية الإيرانية.

إلا أن التحذيرات والبيانات لم تمنع هجوم النظام لأنها كانت في مضمونها تحمل دائما رسالة معناها السماح للنظام بالهجوم بتحديد نوع من أنواع الأسلحة كـ”القتل بالكيماوي ممنوع ومسموح بالبراميل والصواريخ الفراغية والذبح بالسكين”، كما أن تلك البيانات مجرد بيانات تصدرها وزارات الخارجية وليست قرارات صادرة من مجلس الأمن تحت الفصل السابع لمنع النظام من الهجوم.

وحتى القرارات التي صدرت من مجلس الأمن ونصت على معاقبة المسؤولين عن الهجمات في سوريا والتي تستهدف المدنيين وتستخدم أسلحة محرمة دوليا، أو تنص على تحقيق الانتقال السياسي في سوريا لم تختلف كثيرا عن البيانات التي تصدرها تلك الدول.

والتحركات التي تلت بعض تلك البيانات وخاصة المتعلق منها بموضوع “الهجوم بالسلاح الكيماوي” لم تكن تحركات على قدر الكارثة التي خلفها الهجوم، أو كانت تحركات ضمن خطوط مصالح تلك الدول التي حذرت فقط، وعلى رأس تلك التحركات الضربات الجوية من واشنطن على مواقع النظام وهو ما وصفه الكثير من المراقبين بأنها ضربات “خلبية” كانت تهدف إلى حفظ ماء الوجه فقط وامتصاص حالة الغضب لدى الرأي العام.

ويحمل البيان الأخير الموجه من الدول الثلاثة “الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا” رسالة واضحة لنظام الأسد، حيث حذرت من الهجوم بالكيماوي على إدلب ولم تحذر من الهجوم على إدلب بعينة أو تقول إننا سنقوم بالرد أي كان شكل الهجوم، وهو ما يفهمه الكثير على أنه رسالة تتيح الهجوم بغيره من الأسلحة.

وتزامن البيان الأخير مع الأزمة السياسية وتبعاتها الاقتصادية المتواصلة بين أنقرة وواشنطن، وذلك قد يشير إلى أن البيان يحمل رسالة موجهة إلى تركيا مفادها أننا لسنا ضد هجوم النظام على إدلب، وبالتالي على تركيا أن تتحسب لذلك، وقد يكون نوعا من الضغط على تركيا ضمن سلسلة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إدارة ترامب ضد تركيا، كما يحمل رسالة لروسيا في التريث بمنح تركيا وعودا حول المنطقة.

ويزيد من قوة تلك الفرضية أن الدول المانحة للمعارضة السورية وعلى رأسها دول البيان الأخير “الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا” بدأت بوقف كافة أشكال الدعم الموجه إلى الشرطة السورية الحرة التابعة للمعارضة والمنظمات الإغاثية والمجالس المحلية، وبدأت بتوجيه ذلك الدعم بالتعاون مع السعودية إلى مناطق النفوذ الكردي وهي المناطق التي تعتبر نفوذ “أعداء الأمن القومي التركي”.

في حال فقدان المنطقة لكل ذلك الدعم المالي ستواجه تركيا عبئا اقتصادية في حال فكرت بسد الفراغ الاقتصادي يضاف على عبئها الاقتصادي الداخلي المتزامن مع انخفاض سعر الليرة، ما قد يدفع بها إلى التنازل في ملفات أخرى مع واشنطن وحلفائها.

وترافقت تلك الرسالة مع رسالة وجهها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون من أن أموال قطر لن تنقذ تركيا، وهو ما اعتبرته تركيا على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي اعترافا بأن الإدارة الأمريكية حولت شريكا لها في حلف شمال الأطلسي “ناتو” إلى هدف استراتيجي في حربها الاقتصادية.

شاهد أيضاً

هذه أنا..بلا أقنعة

ميساء شقير/ غالية شاهين – خاص لصدى الشام   لطالما أجبر الخوف السوريين على الاختباء …

المساواة أم العدالة.. أيهما يحقق التوازن الحقيقي بين الجنسين؟

ميسون محمد في عصرنا الحديث، أصبحت المساواة بين الجنسين شعاراً يتردد كثيراً في كل مكان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *