الرئيسية / رأي / العملية التفاوضية إلى أين؟

العملية التفاوضية إلى أين؟

صدى الشام _محمد ياسين نجار /

بدأت فكرة تشكيل هيئة خاصة لعملية التفاوض من قبل دي مستورا كجزء من إدارة أزمة الملف السوري وهو ما يتطلب زمناً حتى تتفق الأطراف الدولية على حل يحقق مصالح الجميع بعيداً عن مصالح الشعب السوري! فعندما لوحظ عدم مقدرة الائتلاف برئاسة خالد خوجة على الدخول في عملية تفاوضية متكاملة، تم الالتفاف عليه بطريقة تشبه ما حصل مع المجلس الوطني السوري، عندما كانت ظروفه أكبر من قدرة أصدقاء الشعب السوري على دعمه وتحمله، فتم هدمه.

لقد شابت الفوضى عملية تشكيل مؤتمر الرياض الأول على كافة المستويات، وذلك من خلال تفرد رئيس الائتلاف باختيار ممثليه بعيداً عن قرار الهيئة السياسية وأيضاً من خلال القبول بتشكيل هيئة التفاوض بعيداً عن معايير الاختيار الوطنية من حيث الكفاءة أو التمثيل السياسي والتوزع المناطقي، فتمّ إقصاء شخصيات مؤثرة، كما لوحظ على سبيل المثال غياب تمثيل محافظة حلب بشكل يناسب حجمها الديموغرافي والاقتصادي وحتى الثوري، فاعتذر بعضهم وعلى رأسهم أول رئيس للمجلس الوطني السوري برهان غليون وشخصيات وطنية أخرى .

وبعد عملية انتخاب الهيئة العليا للتفاوض لم يكن القيام بعملية المأسسة على كافة المستويات على رأس أولويات الفريق المنتخب، وعليه لم يتم حصر عملية التفاوض بالهيئة كما كان الهدف الأساسي من إنشائها.

ولاحقاً تخلّى أصدقاء الشعب السوري عن دعمهم للهيئة في الجولات الأخيرة أمام التغول الروسي والمناورات الديمستورية بالمقارنة مع جنيف2، ولوحظ ذلك من خلال تجزئة عملية التفاوض ما بين أستانا وجنيف، وتجلى ذلك بوضوح عندما أصبحت عمليات التهدئة تتم بمعزل عن هيئة التفاوض وخاصة في الجنوب والغوطة وحمص.

لقد وقعت إدارة العملية التفاوضية خلال المرحلة السابقة بأخطاء جوهرية من حيث آليات اختيار الوفد التفاوضي، فقامت على الارتجالية، كما كانت عمليات المتابعة للوفد المفاوض ضعيفة للغاية حيث تم تغيير رئيس البعثة عدة مرات، وحصلت تباينات واضحة بين صنّاع القرار في الوفد التفاوضي دون أية مراجعات لذلك أو حتى محاسبتهم، وغاب المنسّق العام عن الجولات لأسباب غير مبررة في المراحل الحرجة، وكان من نتائجها اضطراب واضح في الأداء.

لقد تحولت سوريا خلال المراحل الأخيرة الى ساحة صراع عالمي وإقليمي مما جعل العملية التفاوضية معقدة وتتطلب إبداع مؤسسة كفوءة إدارياً وتنظيمياً وملتزمة بمبادئ الثورة، من خلال آلية مرنة قادرة على صناعة القرار المناسب، وتمتلك محتوى تفاوضيًا يقوم بتجهيزه فريق محترف موثوق، وأيضاً من خلال عمليات تقييم ومراجعة دورية ومستمرة لجولات التفاوض وتسويق كل ذلك شعبياً حتى لا تحدث فجوة ما بين الهيئة والحاضن الشعبي بالإضافة الى تسويقه إقليمياً ودولياً، بحيث يقتنع السوريون والمجتمع الدولي أنهم أمام طرف يمتلك كافة المقومات للحكم من دون أي تهديد للسلم الأهلي والإقليمي والعالمي .

بعد مضي أكثر من ستة أعوام على الثورة، آن للسوريين أن يستفيدوا من تجاربهم السابقة ويتفادوا تكرار الاخطاء التي تم ارتكابها من خلال إنجاز عملية سورية بامتياز عمادها الاحتراف والموثوقية وتقييم الأداء خلال الفترة السابقة، وبدعم الأصدقاء والأشقاء مع كامل الشكر لجهودهم التي بذلت سابقاً، ومن دون أي خدش لمن بذل جهده خالصاً خلال المرحلة السابقة، فالوطن ومصالحه أكبر من أن نجامل به أحداً حتى ولو كانوا آباءنا أو إخواتنا وأصدقاءنا.

شاهد أيضاً

هذه أنا..بلا أقنعة

ميساء شقير/ غالية شاهين – خاص لصدى الشام   لطالما أجبر الخوف السوريين على الاختباء …

المساواة أم العدالة.. أيهما يحقق التوازن الحقيقي بين الجنسين؟

ميسون محمد في عصرنا الحديث، أصبحت المساواة بين الجنسين شعاراً يتردد كثيراً في كل مكان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *