الرئيسية / منوعات / ميديا / مواد ميديا مختارة / مخاطر الضغط النفسي على الصحفيين

مخاطر الضغط النفسي على الصحفيين

محمد بيطار/

نقل الزميل “ع. م” إلى أحد مشافي إسطنبول إثر أزمة قلبية وهو في طريق عودته من العمل إلى المنزل في أواخر عام 2015، “ع. م” رئيس تحرير أحد المؤسسات الإعلامية السورية التي تعمل خارج سوريا بسبب منع نظام الأسد عمل المؤسسات الإعلامية المعارضة له في داخل سوريا، وبعد الكشف والفحوصات تبين نتيجة الفحص أن (لديه مشكلة بالأذنين الأيمن والأيسر تتسبب بعدم وصول دم كافي إلى الرئتين) وجاء في تقرير الطبيب بعد التحليل أن الأزمة ناتجة عن الإجهاد الفكري والجسدي ونصح طبيب المشفى الزميل “ع. م” بالاستراحة فترة من الزمن في المنزل والابتعاد عن أماكن العمل أو التفكير فيها.

إن الضغط النفسي هو ذلك الشعور السلبي الذي يصيب الإنسان عند التعرض للضغوطات التي تفوق قدرته على التحمل، وهو يختلف في نوعه وشدته من شخصٍ إلى آخر، تبعا لشخصية الإنسان وقدرته على التحمل، ومن الجدير ذكره أن النسبة القليلة من الضغط النفسي تعد أمرا جيدا، فهي تدفع الشخص عادة لخوض التحديات، أو إنجاز الأمور المهمة، أو اتخاذ القرارات اللحظية، والتحضير للامتحان مثلا، ولكن إن تجاوز هذا الضغط النفسي حدوده فإنه سيعطي أثرا عكسيا، خصوصا إذا استمر لفترةٍ طويلةٍ، مسببا بذلك الكثير من المشاكل الصحية والنفسية والعاطفية.

ويمكن القول إن من أهم أسباب الضغط النفسي هو اضطراب الحياة الاجتماعية (تغيير البيئة الاجتماعية والموقع الجغرافي أو فقدان أحد الأقارب أو ذكريات الحرب) وضغط الوضع المادي وانعدام الاستقرار الاقتصادي وتراكم الاحتياجات والتهديدات الأمنية وحجم العمل الزائد وسوء العلاقات المهنية في المؤسسة الإعلامية.

ويمكن اكتشاف الإجهاد النفسي لدى الإعلاميين من خلال التصرفات القاسية مع الزملاء والأسرة والانطواء والعزلة، بالإضافة للكآبة وظهور أعراض الرهاب الاجتماعي والأمني (التفكير الدائم في الخطر)، وضعف الإنتاج وقلة الثقة بالآخرين، وضعف التركيز والتخبط بالإضافة للتوتر والقلق وفقدان الثقة بالمستقبل.

وتشتكي أغلب المؤسسات الإعلامية السورية الكثير من هذه الأعراض بسبب الحرب الدائرة في البلاد، ومع عدم وجود الاستقرار السياسي وانقسام البلاد تزداد الحالة سوء في المؤسسات الإعلامية السورية مما يؤثر سلبا على المحتوى الإعلامي الذي تقدمه هذه المؤسسات لا سيما مع عدم الاهتمام بمراقبة حياة الصحفيين والاطمئنان على صحتهم النفسية واتخاذ الإجراءات الوقائية المخففة.

فمن واجب المؤسسات الإعلامية اتخاذ إجراءات قبل وقوع الضغط النفسي وذلك بشرح مخاطر العمل للصحفيين من قبل إدارة المؤسسة وتعريف العاملين فيها بحجم الضغط وأسبابه وتجنب الوقوع في هذه المخاطر، كما يمكن للمؤسسة التخفيف من المسؤوليات والمهام بما يتناسب مع قدرة الصحفي النفسية حيث أن القدرات النفسية ليست متساوية لدى البشر، كما يمكن للمؤسسة تنظيم اجتماعات ودية للعاملين فيها خارج أوقات الدوام مما يزيد الثقة بالنفس ويقرب بين العاملين.

إن سعي المؤسسة لثبات الوضع المادي والاستقرار له دور كبير في تخفيف الضغط النفسي على الصحفيين، ويعتبر التأمين الصحي عامل استقرار مهم جدا للتخفيف من التوتر الدائم، واخيرا يمكن القول إن من واجب المؤسسة الاهتمام وشرح خطط السلامة بشكل مستمر للإعلاميين العاملين فيها.

وفي أثناء العمل يمكن للمؤسسة تنظيم الوقت والأولويات وتقسيم العمل بين العاملين في المؤسسة بما يضمن الراحة للجميع، الاجتماع اليومي والاستماع للمشاكل والنقاش يخفف أيضا من حدة التوتر النفسي لدى العاملين في المؤسسات الإعلامية أيضا الإنجازات الصغيرة من شأنها تعزيز الثقة بالنفس والتخفيف من مخاطر الضغط النفسي.

أما في حال وقوع الصحفي في الضغط والاجهاد (وهو أمر دائم الحدوث في المؤسسات الإعلامية) فيجب على الصحفي الحصول على إجازة من العمل وقضاء وقت مع العائلة، والاتصال مع الأصدقاء والمقربين من خارج المؤسسة والتواصل الاجتماعي مع المحيط، دور المؤسسة مهم جدا في توفير أخصائيين نفسيين لدراسة الحالة النفسية لدى العاملين واكتشاف نقاط الضعف ونقاط القوة لديهم، كما أن الثناء من قبل الإدارة والمكافأة من شأنها تخفيف مخاطر الضغط النفسي لدى الصحفيين.

إن الضغط النفسي يضر بعمل المؤسسات الإعلامية وهذا الضرر يكون خفيا وغير ظاهر فهو يمس الجانب النفسي للموظفين مما يؤثر على سلامة كلماتهم التي هي صلب عملهم، لذا يتوجب على المؤسسات الإعلامية إيجاد خطط بشكل مستمر لسلامة الصحفيين النفسية قبل وقوع الإصابات ومتابعتها في حال وقوعها وإلا سوف تكون المؤسسة الإعلامية في خطر الانهيار البطيء المخفي.

شاهد أيضاً

فيديو: ملامح الأمل .. مرضى السرطان السوريين الوافدين إلى تركيا

هل تعلم أين يقيم مرضى السرطان السوريين الوافدين إلى تركيا تعرف معنا على الواقع الصعب …

“كسر عضم 2”: قصة غير مفهومة وثغرات كبيرة

من الواضح أن هلال الأحمد ورند حديد كاتبي مسلسل “كسر عضم – السراديب” بجزئه الجديد، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *