الرئيسية / منوعات / منوع / الطفولة.. ودورها التكويني في حياة الإنسان

الطفولة.. ودورها التكويني في حياة الإنسان

ميسون محمد

تعدّ مرحلة الطفولة من أهم المراحل العمرية التي يمرّ بها الإنسان، نظراً لما تتسم به من تطورات جسدية وعقلية ونفسية سريعة ومتلاحقة، وتكمن أهمية هذه المرحلة في كونها الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الفرد، إذ تتشكل فيها شخصيته وتتحدد هويته، كما تنمو قدراته العقلية وتتبلور قيمته ومعتقداته.

ونظراً لأهمية هذه المرحلة، فقد حظيت باهتمام كبير من قبل الباحثين وعلماء النفس والاجتماع، إذ سعوا من خلال دراستها إلى فهم التطورات والتغيرات التي يمر بها الطفل، بهدف تلبية احتياجاته المختلفة بشكل صحيح، وضمان نموه السليم.

في هذا المقال، سيتم تسليط الضوء على مفهوم الطفولة من وجهات نظر مختلفة، كالنفسية والاجتماعية، كما سيتم التطرق إلى أهمية هذه المرحلة ومراحل النمو المختلفة التي يمر بها الطفل، مع توضيح الاحتياجات الخاصة التي تميز كل مرحلة.

تعريف الطفولة

يختلف تعريف الطفولة باختلاف وجهات النظر والمجالات المعرفية التي ينتمي إليها الباحثون، فعلى سبيل المثال عرّفت الاتفاقيات الدولية الطفولة من منظور قانوني بحت، بينما ركز علماء النفس والاجتماع على الجوانب التطورية والسلوكية في تعريفاتهم.

ففي الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، عُرّف الطفل بأنه “كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه”. وهذا التعريف يحدد نهاية مرحلة الطفولة قانونياً ببلوغ سن الرشد، والتي غالباً ما تكون في الثامنة عشرة، كما أكدت الاتفاقية على أهمية الأسرة كوحدة أساسية لرعاية الطفل وتوفير بيئة صحية ومحفزة لنموه.

أما التعريف النفسي للطفولة فقد ركز على النمو والتطور العقلي والمعرفي، إذ عرّف علماء النفس الطفل بأنه “الإنسان مكتمل الخلقة والتكوين، الذي لم يصل بعد لمرحلة النضج ولم تظهر عليه علامات البلوغ”. كما قسّم علماء النفس مراحل الطفولة بناءً على السمات السلوكية والمعرفية المميزة لكل مرحلة عمرية.

وفيما يتعلق بالتعريف الاجتماعي للطفولة، فقد نظر علماء الاجتماع للطفل ككائن اجتماعي، وركزوا في تعريفاتهم على العلاقات الاجتماعية والثقافية، فعرّفوا الطفل على أنه الفرد في المراحل العمرية ما قبل البلوغ، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الثقافية في تحديد سن الرشد، كما قسم علماء الاجتماع مراحل الطفولة وفقاً للسياق الاجتماعي والثقافي المحيط بالطفل.

وبشكل عام، يتضح أن تعريف مصطلح “الطفولة” يختلف باختلاف وجهات النظر، إلا أنه يدور حول فكرة أساسية مشتركة، وهي أن الطفولة هي مرحلة تطورية تسبق مرحلة الرشد، وتتسم بتغيرات جسدية ونفسية واجتماعية متسارعة تؤثر على شخصية وسلوك الطفل.

أهمية مرحلة الطفولة

تنبع أهمية مرحلة الطفولة في كونها المرحلة التأسيسية التي تتشكل فيها شخصية الفرد وتتبلور هويته الأولى، إذ تترسخ خلال هذه المرحلة القيم والمعتقدات والاتجاهات التي سترافقه طيلة حياته، كما تُعد بمثابة نقطة الانطلاق نحو مراحل النضج والرشد اللاحقة.

وتتجلى أهميتها أيضاً في كونها مرحلة نموٍ معرفي وجسدي متسارع ومستمر، إذ يمر الطفل بتغيرات جسمانية وفسيولوجية هائلة، فضلاً عن نمو قدراته العقلية ومهاراته الحركية بشكل ملحوظ، ويستمر هذا النمو السريع حتى وصوله مرحلة البلوغ.

وعلاوة على كون مرحلة الطفولة فترة نمو معرفي وجسدي سريع، فإنها تُعد الأساس الذي يتبلور فيه مفهوم الثقة بالنفس لدى الطفل، فالطفل الذي تُشبع احتياجاته النفسية والعاطفية بشكل صحيح، وينشأ في بيئة أسرية سليمة توفر له الرعاية المناسبة، سيكتسب ثقة عالية بنفسه وبقدراته، مما سينعكس إيجابياً على تكيفه مع محيطه وتفاعله مع الآخرين.

وهكذا ترتبط أهمية مرحلة الطفولة ارتباطاً وثيقاً بالتغيرات والتطورات التي تحدث خلالها، والتي تؤثر تأثيراً بالغاً على شخصية الفرد وسلوكه طوال حياته، لذا ينبغي توفير الرعاية السليمة وبيئة النمو الملائمة في هذه المرحلة الحساسة، لضمان نمو إنساني متوازن.

مراحل النمو المختلفة خلال الطفولة

تمر مرحلة الطفولة بعدة مراحل فرعية تتميز كل منها بخصائص واحتياجات معينة، فقد قسمها علماء النفس وفقاً للسن إلى: مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة من الولادة حتى 3 سنوات، ثم مرحلة الطفولة الوسطى من 3 إلى 6 سنوات، تليها مرحلة الطفولة المتأخرة من 6 إلى 12 سنة.

وترتبط هذه المراحل العمرية ارتباطاً وثيقاً باحتياجات النمو المختلفة عند الأطفال، ففي مرحلة الرضاعة مثلاً، يحتاج الطفل للرعاية المكثفة والحماية والتغذية السليمة لنمو جسده وعقله، أما في مراحل الطفولة اللاحقة فتزداد احتياجاته للنشاط والتفاعل الاجتماعي وتنمية مهاراته المعرفية واللغوية.

ومن الضروري إشباع الاحتياجات النفسية والعقلية للطفل في كل مرحلة عمرية، حتى ينمو بشكل سليم ومتكامل، فالإشباع النفسي يوفر له الاستقرار العاطفي وينمي ثقته بنفسه، بينما الإشباع المعرفي يطور قدراته العقلية ويزيد حصيلته المعرفية وهذا يتفق تماماً مع الدور الحيوي للطفولة في بناء شخصية الفرد وصقل مواهبه وقدراته.

بقي أن نقول، أن مرحلة الطفولة بجميع تفاصيلها تحتل مكانة بالغة الأهمية في حياة الإنسان، كونها المرحلة التأسيسية التي تتشكل فيها شخصية الفرد وتترسخ هويته، ويكتسب فيها الطفل مهارات وقدرات متنوعة.

وبناءً عليه يتوجب على المجتمع أن يولي هذه المرحلة الحيوية اهتماماً كبيراً، من خلال توفير الرعاية والتوجيه والدعم المناسبين للأطفال، بما يضمن نموهم السليم واستثمار طاقاتهم وقدراتهم بما يعود بالنفع عليهم وعلى مجتمعاتهم، وهذا هو السبيل الأمثل لتنشئة أجيال واعية قادرة على الإبداع والعطاء والنهوض بمستقبل أوطانها.

شاهد أيضاً

لأمعاء صحية وجسم مرتاح.. إليك هذه النصائح

لا شك في أن أمراض المعدة الحساسة باتت الأبرز في عصرنا هذا، لذلك قدم أحد …

طفلان سوريان يمتلكان مواهب تفوق عمرهما في الحساب الذهني

عبدالمجيد مصطفى – صدى الشام على مدار سنتين على التوالي يحصل الطفل مهاب القيم على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *