الرئيسية / رأي / جففوا المستنقع!!

جففوا المستنقع!!

عبد العزيز المصطفى

أمهد لمقالتي بقصتين تقول القصة الأولى: إنّ وزير العدل في حكومة الاتحاد السوفياتي سُئل من قبل صحفيين: لماذا تصدرون أحكامًا بالإعدام على المتهمين بالرشى، أليس هذا مخالفٌ لحقوق الإنسان؟!!
ردّ عليهمُ الوزيرُ: كان يجب أن يكون السؤال: كم حكمًا من تلك الأحكام طُبق؟!!
هذا هو للأسف السؤال الصعب يراود كلّ واحدٍ فينا تجاه مجلس الأمن الدولي، الذي اجتمع مراتٍ تلو مرات، وأصدر العديد من القرارات؛ لإيقاف الحرب التي لم يشهد لها التّاريخ مثيلًا على الإطلاق على فلسطين المحتلة وشعبها الأعزل!!
كم قرارًا من تلك القرارات طُبق؟!!
وهذا يقودنا لصلب المشكلة؛ إذ تسعى المنظماتُ الدولية لتخفيف أشكال الموت في فلسطين، وهذا جهدٌ مشكورٌ، ولكن أيضًا ألا يجب أن يسأل المعنيون أنفسهم عن سبب هذه الكارثة التي لم تبدأ قبل أيام، بل هي منذ سنواتٍ وسنواتٍ وبأشكالٍ متنوعة!!
نعم إنّه الاحتلال الجاثم على شعب فلسطين منذ عقودٍ، وهنا أذكر قصتي الثانية حيث تُعرف اليابانُ بأنّها من الدول التي تتمتع بمستوى عالٍ من النظام الصحي، وكان قد انتشر فيها أسرابٌ من الذباب في خمسينيات القرن الماضي، الأمر الذي أرقّ السّلطات الصحية، فاقترح أحد المعنيين رشّ مبيدات بجميعِ أنحاء البلاد؛ للتخلص من أسرابِ الذباب، فكان الردّ من قبل السلطات التنفيذية: هذا لا قيمة له، نريد التخلص من الذباب بشكلٍ دائمٍ ونهائي.
وهنا اهتدوا إلى أمر وهو: تجفيف كلّ المستنقعات التي يتجمع حولها الذباب، وبذلك انتهت المشكلة.
وهذا بدون شكٍ أقصر الطرق لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، ووقف حمام الدم لكلّ المدنيين، فبدلًا من إدخال مساعدات تكاد لا تسد رمق سوى القليل القليل، أوقفوا المجازر، وأنهوا الاحتلال على فلسطين المحتلة، وأقيموا دولة قابلة للحياة، وشعبُها حينذاك قادرٌ على تجاوز كلّ المحن، وإعادة إعمار كلّ شبر مُدمر، لكنه النفاقُ السياسيّ بأبهى صوره.
أختم مقالتي بما قاله “هنري كيسنجر” وزير خارجية أمريكا الأسبق في سبعينيات القرن الماضي:
“إنّ الشرق الأوسط رمالٌ متحركة، لا يعرف من يدخلها متى تغوص قدماه فيه، ولدينا ما يكفي لتأكيد أنّ التقسيم وتفجير الجغرافيا السياسية ليس وجهة نظر”. وهنا أقول لمن يتناسى الجغرافيا، أو يحاول طمسها: إنّ فلسطينَ اليوم هي قلبُ الشّرق الأوسط. نقطة على السطر.

شاهد أيضاً

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

أخشى ما أخشاه

عبد العزيز المصطفى يذكرُ الفيلسوفُ الصيني” هان فاي زي” الذي عاش في القرن الثالث قبل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *