الرئيسية / رأي / الإشاعات والضفادع ضد إدلب
جلال بكور
جلال بكور

الإشاعات والضفادع ضد إدلب

جلال بكور/

حقق نظام الأسد مؤخرا “نصرا كبيرا” في درعا بأقل الخسائر عبر السيطرة على كامل درعا ومعها القنيطرة في فترة قياسية ودون خسارة مادية وبشرية كبيرة، وذلك نتيجة نشره الإشاعات بمساندة عملائه وجواسيسه والقادة والعناصر الخونة المخترقين صفوف المعارضة.

الأمر ليس كلاما من عندي بل هو ما نقله إلي ناشطون ومواطنون من درعا، كذلك الأمر حصل تماما في الغوطة الشرقية فقد سقطت الكثير من المناطق والمواقع بالإشاعات وعلى وسائل الإعلام قبل سقوطها الفعلي.

يقول لي ناشط كنا في منزلنا بكفربطنا القصف كثيف فجأة كان هناك من ينادي “وهم مجموعة” بأن قوات النظام أصبحت في الشارع الذي خلفنا، فر جميع من في المكان وانسحب العديد من المجموعات المسلحة والنظام كان ما يزال وقتها خارج المدينة.

يؤكد الناشط أن مجموعات من المسلحين والمدنيين في ذلك الوقت تبعت المجموعة المنادية نفسها إلى معبر فتحته قوات النظام للفرار من المنطقة، وبالتالي لم تمض ساعات حتى سقطت المنطقة في يد النظام دون مقاومة.

هؤلاء “الضفادع”  كانوا ضمن قيادات الصف الأول في فصائل المعارضة، وتبين أنهم عملاء من خلال مساهمتهم في إسقاط الغوطة الشرقية إعلاميا ومعنويا قبل سقوطها عسكريا.

في ريف حمص الشمالي كان السقوط نتيجة ظهور فصيل بأكمله عبارة عن ضفدع، سهل لنظام الأسد مهمة الحرب الإعلامية حيث نشر إشاعات عن نية النظام تكرار سيناريو الكيماوي في المنطقة، مقابل وعود مخملية برحمة النظام لهم في حال القيام بـ”المصالحة”.

هي حالة تكررت في عدة المناطق، يتم السقوط إعلاميا وعن طريق الإشاعات التي تنشرها الضفادع قبل السقوط الفعلي، ويروج لذلك السقوط إعلام النظام نفسه، لكن السقوط في إعلام النظام لا يصل إلى من هو على الأرض لانقطاع الاتصالات والكهرباء، إذا الآلة الإعلامية للنظام هي العملاء المنتشرين بين الناس والضفادع المنتشرين بين مقاتلي المعارضة.

يقوم النظام قبل كل هجوم بحرب نفسية عبر رمي المنشورات الورقية فوق الأحياء تهددهم بالموت، ثم يقوم بالدعاية والترويج لهجوم كيميائي، ويروج لقوات سهيل الحسن والميليشيات الطائفية وهو ما يثير الذعر بين المواطنين، وذلك يأتي تزامنا مع القصف والحصار المستمر.

ونرى هذه الأيام أن النظام يسقط المناشير الورقية كالعادة فوق مناطق إدلب، وينشر كل يوم أخبار عن تعزيزات عسكرية تضم عناصر الميليشيات الطائفية وعناصر سهيل الحسن الأكثر إجراما، كما نراه بمساعدة آلة الإعلام الغربي والروسي يروج لهجوم كيماوي، بالتزامن مع القصف المستمر.

النظام بدأ بحرب إعلامية شعواء ضد إدلب تزامنت مع دعاية من قبل عملائه لـ”المصالحة”، ومواجه تلك الحرب تقع على عاتق الفصائل والناشطين الإعلاميين، وقامت الفصائل بحركة ذكية عن طريق الانقضاض على من يروجون للمصالحة مع نظام “الأسد” واعتقلت عددا منهم قبل استفحال أمرهم.

ويفترض من الفصائل أن تري الناس أنها جاهزة للحرب وتكف عن النعرات والاقتتال فيما بينها، وتلتفت جديا إلى مسألة تأمين الملاجئ وتحصين الجبهات وهو ما يعطي المدني ثقة في أنه لن يترك وحده في مواجهة النظام.

إن الإذاعة في المراصد وفي أي وسيلة يمكن من خلالها الوصول إلى الناس ودفعهم إلى عدم تصديق الشائعات ونصحهم بعدم نقلها وإرشادهم على مكامن المصادر الموثوقة للأخبار، يساعد على الحد من انتشار دعاية المصالحة والاشاعات الأخرى.

كما أن العمل بشكل منظم من قبل الإعلاميين عن طريق التنسيق وتوحيد الجهد ضمن جسم وآلة واحدة، وعدم قبول من يسهم في شق الصف وإثارة الفوضى والأزمات والمؤامرات، وإثارة الخوف لدى بقية زملائه، يساهم في الحد من نشر الشائعات.

ومساهمة الإعلاميين في رفع الروح المعنوية لدى الناس والتقليل من الحالة الانهزامية لديهم عبر إقناعهم أن المصالحة مع النظام ليست إلى انتحارا، ستدفع بالناس إلى عدم القبول بالنظام والتوجه إليه خوفا.

شاهد أيضاً

المقاومة وقداستها

عبد العزيز المصطفى تذكرُ كتبُ الأساطيرِ أنّ ملكًا استدعى أحد مستشاريه في ساعة متأخرة من …

فلنختار ظرف ومكان موتنا

عبد العزيز المصطفى خلال الحرب العالمية الثّانية كان الشغلُ الشاغل لهتلر هو كيفية القضاء على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *