الرئيسية / أخبار سريعة / حشودٌ نحو الغوطة .. وتعاون بين “داعش” والنظام جنوبي دمشق

حشودٌ نحو الغوطة .. وتعاون بين “داعش” والنظام جنوبي دمشق

صدى الشام _ عدنان علي/

خففت روسيا والنظام السوري من وتيرة القصف الجوي على إدلب والغوطة الشرقية بانتظار حصد ثمار هذا القصف سياسياً، وإثر حملات الإدانة الدولية التي امتدت إلى مجلس الأمن الدولي برغم إخفاق الأخير في إصدار قرار بوقف إطلاق النار والسماح بإدخال مساعدات إنسانية بسبب الاعتراضات الروسيّة.

وفي الوقت نفسه، يعمل النظام على تعزيز قواته في محيط غوطة دمشق وسط تسريبات عن مفاوضات تجري مع بعض فصائل الغوطة لمقايضة وقف القصف بمحاربة “هيئة تحرير الشام” في الغوطة، وهو ما نفته مصادر مختلفة من الفصائل.

بين الواقع والشائعات

وقد شهدت الغوطة الشرقية هدوءاً نسبياً خلال اليومين الماضيين بعد موجة قصف دامية تواصلت لشهور وحصدت ارواح مئات القتلى.

وفيما عزا بعض الناشطين انخفاض حدة القصف إلى أسباب فنيّة تتعلق بصيانة طائرات النظام التي قامت بطلعات جوية كثيرة خلال الفترة الماضية، رأى آخرون أن ذلك يعود إلى قرار من النظام بالتهدئة النسبيّة بغية إعطاء فرصة لإنجاح المفاوضات التي يجريها مع بعض الفصائل بشأن الغوطة.

من جهته، أكد وائل علوان الناطق باسم “فيلق الرحمن” أحد الفصائل الرئيسية العاملة في الغوطة، أن الفيلق قطع منذ أكثر من شهرين تواصله مع الوفد الروسي الذي وقّع معه اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف ” ورفضنا بعد ذلك جميع طلبات الروس بالتواصل معنا فضلاً عن عدم تواصلنا مطلقاً مع قوات الأسد أو الميليشيات الطائفية المساندة له”.

واتهم ناشطون “جيش الإسلام” برفع جاهزيته العسكرية، والتحضير لعملية عسكرية في القطاع الأوسط من الغوطة الشرقية، بذريعة القضاء على “جبهة النصرة”. وبحسب مصادر محلية فإن “جيش الإسلام” طلب من جميع مقاتليه في مدينة دوما الالتحاق بألويتهم ورفع الجاهزية القتالية، وأرسل المقاتلين إلى معسكرات سرية، على غرار ما حدث في جولات الاقتتال الداخلي السابقة.

وتقول المصادر إن النظام يهدّد “جيش الإسلام” باستمرار قصف دوما إن لم يباشر هجومه فوراً على “المتطرفين”، مشيرة الى أن وفداً من قيادة هذا الجيش يجري مفاوضات مع النظام على أطراف الغوطة.

وقلل الناشط الاعلامي أبو بشير دغمش، الموجود في الغوطة الشرقية من أهمية الحشود التي يدفع بها النظام إلى الغوطة، معتبراً أنها “عادية” وتأتي بعد انسحابات لقوات النظام والميليشيات من محيط الغوطة وربما يجري الآن استقدام قوات بديلة عن القوات المنسحبة.

وكان القائد العام لـ “جيش الإسلام” عصام بويضاني نفى في تغريدة له على تويتر بشكل غير مباشر هذه الاتهامات الموجهة للجيش. وقال بويضاني” لا نزال نسعى لإصلاح ذات البين، ولا تزال الشياطين تفسد، وتشيع البغضاء بين الإخوة، وتبثّ الشائعات والأكاذيب. وقد قطعنا في التقارب مع إخواننا مسافات طيبة بفضل الله، فلترجع الشياطين بالخزي”.

كما اتهم القيادي في “جيش الإسلام” سعيد درويش، عبر تسجيل صوتي، بعض الأشخاص بترويج الكذب، وقال: “جيش الإسلام لا يجهز شيئاً ضد إخوانه في فيلق الرحمن، ولا نكنّ إلا كل محبة للفيلق”، واعتبر أن “مثل هذه الرسائل تؤثر سلباً على قلوب أهالي الغوطة المكلومة”.

وكانت مصادر قريبة من النظام تحدثت بدورها عن مفاوضات تجري بين النظام وبعض فصائل الغوطة. وقالت صحيفة “الوطن” إن المفاوضات تتواصل ” بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في غوطة دمشق الشرقية بوساطة روسيّة للمصالحة، وذلك مع وصول حشود للجيش السوري إلى المنطقة”.

ويأتي هذا في وقت تتواتر المعطيات حول حملة عسكرية كبيرة تجهز لها قوات النظام على الغوطة الشرقية في حال فشل المفاوضات، وذلك بعد حملة قصف عنيفة طالت المنطقة طوال الأشهر الثلاثة الأخيرة أدت إلى مقتل مئات المدنيين وجرح الآلاف.

وانتشرت مقاطع فيديو لأرتال ضخمة من قوات “النمر” التابعة لقوات النظام بقيادة العميد سهيل الحسن، قدِمت من الشمال السوري للمشاركة في حملة عسكريّة على الغوطة الشرقية.  وظهر في الفيديوهات أعداد كبيرة من العربات القتالية والمدرعات، إضافة إلى مدافع ثقيلة وراجمات الصواريخ، ووصفت مواقع موالية للنظام هذه الحشود بأنها “أضخم تعزيزات للجيش السوري في محيط العاصمة منذ بدء الحرب على سوريا”.

غير أن مصادر في المعارضة لفتت إلى ضرورة عدم الوقوع في مرمى ما وصفته بالحرب النفسية التي يشنها النظام لترويع أهالي الغوطة من خلال التهويل بحجم الحشود والعمليات العسكرية المقبلة بهدف الضغط عليهم والتأثير على الروح المعنوية للأهالي والفصائل.

وأضافت أن زج اسم سهيل الحسن؛ أحد أبرز قادة النظام العسكريين وقواته في الغوطة هدفه رفع معنويات قوات النظام والميليشيات المنهارة بعد ما تكبدته من خسائر جسيمة في الغوطة خلال الأشهر الأخيرة مذكرة بحملات سابقة لدعاية النظام من خلال الزج بتشكيلات عسكرية مشابهة مثل الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة وقوات الغيث، وجميعها باءت بفشل ذريع.

استقواء

في غضون ذلك، حققت فصائل “الجيش الحر” المدعومة من تركيا المزيد من التقدم على طريق إطباق الحصار على منطقة عفرين في ريف حلب الغربي من داخل عفرين نفسها، بعد سيطرتها على قرى جديدة في وقت تصاعد الحديث حول فرص دخول قوات النظام السوري إلى المنطقة في إطار التحالفات التكتيكية والاستخدامات المتبادلة بين النظام والميليشيات الكردية.

وسيطرت فصائل “الجيش الحر” على قرى جديدة بعد معارك مع “وحدات حماية الشعب” تحت غطاء جوي تركي، وتمكنت من وصل محوري راجو وشيخ الحديد في عفرين .

وتقول فصائل المعارضة إن هذا التقدم أتاح لها استكمال سيطرتها بشكلٍ كامل على الطريق الرئيسي الواصل بين ناحيتي راجو وشيخ الحديد بعد طرد الميليشيات الكردية من المنطقة.

وكانت عملية غصن الزيتون التي يشارك فيها أكثر من 20 ألف مقاتل من “الجيش الحر” إلى جانب الجيش التركي، بدأت في 20 كانون الثاني الماضي، وتم خلالها السيطرة على 62 نقطة، منها 41 قرية و17 تلة وجبل إستراتيجي.

كما يتواصل الأخذ والرد بين قيادة الميليشيات الكردية والنظام السوري بشأن تدخل محتمل من الأخير في عفرين، حيث تسعى الميليشيات الى الاستقواء بالنظام، وبالتالي روسيا وايران، لمواجهة القضم اليومي لمساحات من منطقة عفرين من جانب فصائل المعارضة والجيش التركي.

وتحت يافطة أن عفرين مدينة سورية، وأن الميليشيات الكردية “تدافع عن السيادة السورية” بحسب تعبير المستشار الإعلامي لوحدات الحماية ريزان حدو، طلبت تلك الميليشيات من النظام السوري إرسال قواته إلى عفرين للدفاع عنها، غير أن النظام الذي يدرك صعوبة هذه الخطوة سعى إلى المساومة على هذه الدعوة من أجل مد نفوذه الى المنطقة رمزياً على الأقل، دون أن يرسل قوات فعلية الى هناك.

جنوبي دمشق

وعلى غرار التعاون المعلن الذي جرى بين قوات النظام وتنظيم “داعش” في ريف حماة الشرقي، والذي انتهى باستسلام عناصر التنظيم لفصائل المعارضة في إدلب، يجري تعاون مماثل بين قوات النظام و”داعش” في منطقة جنوب دمشق التي تعيش فترة ركود وترقب في ظل الحصار الكلي أو الجزئي المفروض عليها منذ منتصف العام 2013 من جانب قوات النظام والميليشيات التابعة له، مع فشل جميع المبادرات المطروحة لتحريك وضع المنطقة، وحسم مصيرها.

ورغم أن المنطقة المقصودة والتي يسيطر على معظمها تنظيم “داعش”  لا تبعد أكثر من 7 كلم عن قلب دمشق، إلا أن النظام لا يبدي أي قلق بشأن وجود التنظيم فيها، بل ثمة مؤشرات قوية على تعاون بين الجانبين ضد فصائل المعارضة الأخرى المنتشرة في المنطقة.

واللافت خلال الأيام الأخيرة مسألتان: الأولى هي الهجمات التي بدأ تنظيم “داعش” يشنها على الفصائل الأخرى في المنطقة، وتمكنه من التمدد على حسابها، والثانية تزامن ذلك مع دخول أمراء للتنظيم من خارج المنطقة المحاصرة بإحكام، ما يعني أن دخولهم تم بالتنسيق مع النظام.

وقد سيطر التنظيم على شارع الـ15 وكتل سكنية خلف جامع الوسيم في مخيم اليرموك بعد اشتباكات مع “هيئة تحرير الشام” التي ما زالت تسيطر على مساحة محدودة من المخيم.

وترافقت الاشتباكات مع تمشيط قوات النظام ساحة الريجة التي تسيطر عليها “تحرير الشام” بالرشاشات المتوسطة. وتخلل المواجهات بين الجانبين سماح قوات النظام بمعالجة بعض جرحى داعش في مشفى المهايني بمنطقة الميدان الدمشقية.

كما اندلعت اشتباكات بين “داعش” والفصائل الأخرى مثل “جيش الإسلام” و”جيش الأبابيل” التابع للجيش السوري الحر في حي الزين الفاصل بين الحجر الأسود ويلدا، أسفرت عن سيطرة التنظيم على الحي، بما في ذلك “البناء الأبيض” وهو أعلى بناء في المنطقة، ويشرف على أجزاء واسعة من حي يلدا.

واعتبر الناشط مصطفى أبو محمود، الموجود في المنطقة أن النظام يستهدف من خلال مساعدة “داعش” في المنطقة إضعاف فصائل المعارضة جنوب دمشق، والضغط عليها للقبول بشروط التسوية التي سبق أن طرحها النظام سابقا والتي تقضي بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، وخروج الرافضين للتسوية إلى إدلب.

وجاءت أوضح مؤشرات التعاون بين الجانبين خلال الأيام الأخيرة مع دخول عدد من قياديي تنظيم “داعش” إلى مناطق سيطرة التنظيم جنوب دمشق، بالتنسيق مع  قوات النظام.

وقالت مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا إن 3 أمراء من جنسيات مختلفة دخلوا المنطقة، وتولوا فور وصولهم مناصبهم القيادية في التنظيم، حيث تولى قيادي من جنسية جزائرية الإمارة العامة للتنظيم، وآخر يحمل الجنسية العراقية كأمير أمني، والقيادي الثالث سعودي الجنسية وعُين كأمير شرعي للتنظيم.

وتضم مناطق جنوب دمشق الخارجة عن سيطرة النظام ثلاث مناطق رئيسية، تحاصرها قواته منذ نهاية عام 2013، وبعد توقيع هدنة في الشهر الرابع من عام 2015، سمح بإدخال بعض المواد الغذائية من حاجز سيدي مقداد – ببيلا، مقابل إيقاف استهداف طريق مطار دمشق الدولي.

وظهر تنظيم “داعش” في منطقة جنوب دمشق بعد انشقاق عناصر من “جبهة النصرة”، وطردهم من منطقتي  يلدا والتضامن إلى الحجر الأسود، وكان عددهم حينذاك نحو 150 مقاتلاً، وقد جرت محاصرتهم في منطقة جامع “الرحمن” من جانب الفصائل في المنطقة.

ويرى خبراء عسكريون أن منطقة جنوب دمشق تعتبر ساقطة عسكرياً حيث لا تضم أسلحة ثقيلة، وتعاني من الحصار والإنهاك نتيجة الحصار الطويل، ويستطيع النظام اجتياحها بكل سهولة لو أراد ذلك، لافتين إلى أنه لم يحاول ولا مرة بشكل جدي اجتياح المنطقة التي تعتبر جزءاً من دمشق، بينما استبسل للسيطرة على مناطق أخرى مثل داريا وجوبر .

ويعزو الخبراء “تساهل” النظام مع المنطقة إلى وجود تنظيم “داعش” فيها الذي نادراً ما يشتبك مع قوات النظام، فيما يسعى النظام أيضاً من خلال عملائه ضمن التنظيم إلى فتح جبهات قتال متعددة بين التنظيم وفصائل المعارضة، بهدف إضعاف جميع القوى في المنطقة، تمهيداً للسيطرة عليها. كما يستفيد النظام من وجود التنظيم جنوبي دمشق لتوفير ذريعة بأنه يحارب الإرهاب، ولا يستطيع رفع الحصار عن المنطقة، والسماح بعودة الأهالي اليها، علما أن المنطقة كانت تضم قبل الثورة نحو مليون ونصف المليون شخص، لم يبقَ منهم اليوم سوى بضعة آلاف.

شاهد أيضاً

لماذا سخر المغردون من احتفال نظام الأسد بيوم جلاء المستعمر الفرنسي؟

احتفل النظام السوري -أمس الأربعاء- بالذكرى رقم 78 لـ يوم الجلاء، والذي يوافق 17 أبريل/نيسان …

أي مستقبل لـ”تحرير الشام” والتيار الجهادي في سورية؟

مع أفول تنظيم داعش بسقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز، شرقي سورية، في مارس/آذار 2019، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *