الرئيسية / سياسي / سياسة / النظام يستبق استحقاقاتِ السياسة.. وعَينُ المعارضة على “الميدان”
تهجير مقاتلي المعارضة / رويترز

النظام يستبق استحقاقاتِ السياسة.. وعَينُ المعارضة على “الميدان”

صدى الشام _ عدنان علي/

يكثف نظام الأسد مستعيناً بالميليشيات الايرانية والدعم الجوي الروسي، محاولاته الرامية إلى توسيع نطاق سيطرته لتشمل مجمل البلاد، أو على الأقل أجزاءً واسعة منها استباقاً لأية استحقاقات سياسيّة، خاصة ما يلُوح منها في القريب، أي مؤتمر سوتشي الذي تخطط روسيا لأن يتم خلاله جني ثمار “الانتصارات العسكرية”، عبر تكريس سلطة نظام الأسد، وتهميش المعارضة بعد سلبها آخر أوراقها، وهي ورقة الأرض والميدان.

وبعد مناوشات مع الميليشيات الكردية كإنذار لها بأن دورها هو التالي، صعّد النظام وميليشياته الحملة العسكرية في الشمال السوري وفي محيط دمشق في آن واحد، سعياً في المحطة الأولى للوصول إلى مطار أبو الظهور وكامل الريف الإدلبي الجنوبي والشرقي، وإلى “تطهير” محيط دمشق في الغوطتين من فصائل المعارضة وصولاً إلى الجنوب السوري.

 

توغّل

 وفي معارك الريفين الحموي والإدلبي حققت قوات النظام بعض التقدم خاصة مع وصول الضابط المعروف في قواتها سهيل الحسن وميليشياته إلى المنطقة، وتوليه زمام القيادة هناك، حيث استولت تلك القوات خلال الأسبوع المنصرم على العديد من القرى في ريف حماة وجنوب إدلب بعد أن اتبعت سياسة الأرض المحروقة مع غارات جوية يومية من الطيران الحربي الروسي على الخطوط الأولى للاشتباكات، فضلاً عن التمهيد الصاروخي والمدفعي من القوات العسكرية المتمركزة في الخطوط الخلفية.

وقد وصلت قوات النظام إلى قرية الخوين بريف إدلب الجنوبي بعد سيطرتها على قرية عطشان، حيث تدور معارك طاحنة بين قوات النظام وميليشياتها من جهة، و”هيئة تحرير الشام” وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، وسط هجمات وهجمات مضادة يقوم بها كل طرف.

وهذا التقدّم جعل قوات النظام على بعد كيلومترات قليلة عن بلدة التمانعة، وأكثر بقليل عن مدينة معرة النعمان أبرز مناطق المعارضة السورية في جنوب إدلب.

كما توغلت قوات النظام في ريف حماة الشرقي بالسيطرة على قرى استراتيجية مثل “أبو دالي، الحمدانية، تل مرق، الدجاج، أم حارتين” وصولًا إلى قرية سكيك، لتكسر الخط الدفاعي للفصائل العسكرية جنوب إدلب، وتهدد مدينة مورك وبلدة التمانعة.

وتأتي هذه المعارك ضمن خطة من قبل قوات الأسد للوصول إلى مطار أبو الضهور العسكري في الريف الشرقي من إدلب، والسيطرة على القرى والبلدات الواقعة شرقي سكة القطار والمحددة ضمن اتفاق “أستانا 7” الموقّع في تشرين الأول الماضي.

 

 

تهديد للطامنة ومورك

ويرى مراقبون أن قوات النظام تحاول السيطرة على مدينة اللطامنة شمالي حماة من بوابة مورك، والتي تشكل السيطرة عليها حصاراً للطامنة من ثلاث جهات، خاصة بعد سيطرتها على قرية عطشان، التي خسرتها في تشرين الأول 2015، وسط الحديث عن وصولها إلى تل سكيك بدعم جوي مكثف من الطيران الحربي الروسي.

وتكمن أهمية قرية عطشان بأنها الخط الدفاعي عن مدينة التمانعة جنوبي إدلب، كما تشكل السيطرة عليها تهديداً لمدينة مورك من الخاصرة الشرقية.

وتقع مدينة مورك على طريق حماة- حلب الدولي، وتبعد عن مركز مدينة حماة حوالي 25 كلم، وتجاور عدة مدن خاضعة لسيطرة المعارضة أبرزها كفرزيتا واللطامنة وخان شيخون، بينما نزح عنها جميع سكانها تقريبا قبل عامين، وسط دمار طال معظم مرافقها.

أما مدينة اللطامنة فتعرف بوعورة تضاريسها المؤلفة من جبال ومغاور، وسيكون من الصعب على قوات النظام تجازوها، حيث حاولت اقتحامها سابقاً مرات عدة كان آخرها في الأيام الأولى للتدخل الروسي في سوريا، رغم دخول الطيران الروسي في المواجهات.

كما شنت قوات النظام هجوماً عنيفاً على محور قرية الشاكوزية في ريف حماة الشمالي الشرقي على الحدود الإدارية مع ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

ومع سيطرتها على بلدتي عطشان وسكيك وقرى السلومية والجدوعية وتل زعتر في ريف إدلب الجنوبي و الجنوبي الشرقي، باتت  قوات النظام على بعد 12 كيلو متراً من مدينة خان شيخون.

ويلعب الطيران الحربي الروسي الدور الأكبر في تقدم قوات النظام من خلال تغطية جوية على طول خط المواجهات شمالي وشرقي حماة، بدءً من أبو دالي ووصولاً إلى مدينة اللطامنة.

ويرى مراقبون أن ما تواتر من أنباء عن تشكيل فصائل المعارضة غرفة عمليات مشتركة دون إصدر بيان رسمي مشترك بهذا الخصوص، يعزّز فكرة تشتت المعارضة وغياب التنسيق فيما بينها ما يدفع إلى الاستغراب من ذلك، خصوصاً وأن الأوضاع على الأرض تسابق أي مشاورات تجريها المعارضة وتؤخر القيام بخطوات عمليّة.

وتقاتل الى جانب الهيئة عدة فصائل من “الجيش الحر” ممثلة بـ “جيش النصر”، “جيش العزة”، “جيش إدلب الحر”، والتي أعلنت انضمامها في الأيام الأولى للمعارك، بينما تشارك حركة “أحرار الشام” بعشرات العناصر فقط على محور عطشان في ريف حماة الشمالي، ضمن كتيبة “سرايا الشام”، إضافةً إلى عدد محدود من مقاتلي “حركة نور الدين الزنكي”، والتي أعلنت المشاركة في المعارك قبل فترة قصيرة.

وفي المقابل تحظى معركة النظام بغطاء جوي روسي مكثف، ودعم إيراني على الأرض وخاصة في جبهة خناصر بريف حلب الجنوبي .

ودفع السكان المدنيون ثمناً باهظاً لهذه المعارك حيث لجأت قوات النظام إلى سياستها التقليدية في قصف الأهداف المدنية بغية الضغط على الفصائل العسكرية، وقتل وأصيب المئات خلال الأيام الماضية جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي، بينما نزح الآلاف باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة إدلب.

 

معارك الغوطة

وفي محيط دمشق، تشهد الغوطة الشرقية تصعيداً عسكرياً كبيراً من جانب قوات النظام التي تحاول من جهة استعادة ما خسرته في مدينة حرستا نتيجة هجوم فصائل المعارضة على مبنى إدارة المركبات العسكرية، وصولاً إلى محاولة التقدم نحو قلب الغوطة، عبر فتح جبهات جديدة كانت هادئة منذ شهور طويلة.

وفتحت قوات النظام والميليشيات المساندة لها معركة على جبهة النشابية في قطاع المرج، بعد خروج أسرى من سجون”جيش الإسلام” في مدينة دوما، ضمن اتفاقية مع النظام لإجلاء مرضى وحالات إنسانية مقابل إطلاق سراح 29 أسيراً من مدينة عدرا العمالية كان “جيش الإسلام”  احتجزهم في هجوم سابق.

وجاء فتح جبهة النشابية من جانب قوات النظام بصورة مفاجئة بعد أن أوقفت العمليات العسكرية في تلك المنطقة ونقلتها في الأشهر الماضية إلى القطاع الأوسط الذي يسيطر عليه “فيلق الرحمن” للسيطرة على حي جوبر ومحور بلدة عين ترما.

وتقول المصادر إن قوات النظام والميليشيات المساندة لها فتحت معركة جديدة في قطاع المرج شرقي دمشق من ثلاثة محاور بعد جمود عسكري استمر لأشهر على هذا المحور، في خطوة لتوسيع العمليات العسكرية كما يبدو بعد التقدم الذي أحرزته فصائل المعارضة في إدارة المركبات في حرستا.

وتتواصل الإشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في محيط إدارة المركبات على أطراف مدينة حرستا، بعد أن سيطرت المعارضة على معظم أبنية حي العجمي الملاصق لمبنى ادارة المركبات العسكرية، حيث تحاول قوات النظام استعادة ما خسرته داخل إدارة المركبات. وأفادت مصادر إعلامية تابعة للنظام بمقتل العميد الركن  محمد يوسف جناد، من مرتبات الحرس الجمهوري في مبنى إدارة المركبات، واصابة ضبط كبار آخرين، فضلاً عن عشرات القتلى والجرحى في صفوف تلك القوات.

وسيطرت فصائل المعارضة على أجزاء واسعة من إدارة المركبات، خلال معركة أطلقتها “أحرار الشام” باسم “بأنهم ظلموا” في تشرين الثاني الماضي، بينما بقي المعهد الفني تحت سيطرة نظام الأسد الذي استقدم  تعزيزات من الحرس الجمهوري إلى المنطقة.

ويقول مراقبون إن السيطرة الكاملة على إدارة المركبات يجب أن يرافقها سيطرة على حي العجمي والحدائق وحي الجسرين، وإرجاع نفوذ قوات النظام إلى المنطقة التي تلي عقدة مواصلات حرستا، إلى جانب السيطرة الكاملة على طريق حرستا- عربين.

وتطلّ الأحياء المذكورة على الإدارة من الجهة الشمالية الغربية، وتؤدي السيطرة عليها إلى تأمين ناري بشكل كامل، خاصةً أن المسافة الفاصلة بين الأحياء والإدارة لا تتعدى مئات الأمتار.

تهجير بيت جن

وفي الغوطة الغربية، حقق النظام ما أراده بعد تمكّنه من تهجير مقاتلي المعارضة من بلدة بيت جن ومحيطها مع بعض ذويهم باتجاه محافظتي إدلب ودرعا.

وبلغ عدد المقاتلين الواصلين إلى ريف درعا الشرقي حوالي 120 مقاتلاً برفقة عدد من العائلات، تمّ نقلهم بخمس حافلات، فيما وصل إلى إدلب نحو 150 مقاتلاً إضافة إلى بعض العائلات والمدنيين.

وتوجّه مقاتلو “هيئة تحرير الشام” ومن يرغب من مقاتلي جبل الشيخ إلى إدلب، بينما اختار المقاتلون من بقية الفصائل وأغلبهم من أبناء درعا والقنيطرة التوجّه إلى محافظة درعا في الجنوب السوري.

وتصل بيت جن ريف دمشق الغربي وريف القنيطرة الشمالي، وتعتبر آخر النقاط بيد فصائل المعارضة والتي تقع بالقرب من لبنان، كما أنها آخر معاقل سيطرة لها غربي دمشق.

وفي شرق البلاد، سيطرت ميليشيات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بدعم من طيران التحالف الدولي على قرى جديدة في ريف دير الزور الشرقي إثر معارك مع تنظيم “داعش” على الضفة اليمنى من نهر الفرات.

وتشن “قوات سوريا الديمقراطية” حملة ضد التنظيم بهدف السيطرة على الضفة الشرقية من نهر الفرات وذلك إثر تمكن قوات النظام وميليشياته من السيطرة على كامل الضفة الغربية.

 

جيش وطني

وفي الأثناء جاء إعلان الحكومة السوريّة المؤقتة عن تشكيل “الجيش الوطني السوري” في ريفي حلب الشمالي والشرقي بدعم من تركيا، وهو ما لاقى انتقادات من بعض أوساط المعارضة بسبب ضعف المهنية في تشكيل هذا الجيش، وتولي ضباط صغار برتبة ملازم قياداته بينما يوجد نحو 1500 ضابط منشق بلا عمل.

وحسب بيان الإعلان الذي تلاه العقيد هيثم العفيسي، نائب وزير الدفاع، فإن الجيش مؤلف من ثلاثة فيالق، ويستهدف “إسقاط النظام وتحرير الأرض”.

من جانبه، قال رئيس الحكومة السورية المؤقتة ووزير الدفاع جواد أبو حطب، إنه عندما تكون الفصائل تحت قيادة موحدة “سيكون التحرك العسكري موحداً، ولا يستفرد النظام وأتباعه بأي منطقة”، داعياً إلى تزويد هذا الجيش بمعدات متطورة، “ليكون قوة على الأرض، وسنداً للمفاوض السياسي مع النظام”.

وأوضح أبو حطب أن الجيش الذي يتكوّن من نحو 30 مجموعة عسكرية من الجيش السوري الحر، ستكون أولوياته “الحفاظ على المناطق المحررة في إطار عملية “درع الفرات”، والدفاع عن الشعب السوري ضد النظام السوري والتنظيمات الإرهابية”، مشيراً إلى أن عدد أفراده سيكون 22 ألف مقاتل، يندرجون ضمن ثلاثة فيالق تلقّى بعضها تدريبات عسكرية في تركيا.

وجاء هذا الإعلان بعد اجتماع ضمّ جميع القيادات العسكرية للفصائل الموجودة في ريفي حلب الشمالي والشرقي، استكمالاً للإعلان الذي وقعت تلك الفصائل أواخر تشرين الأول الماضي.

شاهد أيضاً

لماذا سخر المغردون من احتفال نظام الأسد بيوم جلاء المستعمر الفرنسي؟

احتفل النظام السوري -أمس الأربعاء- بالذكرى رقم 78 لـ يوم الجلاء، والذي يوافق 17 أبريل/نيسان …

أي مستقبل لـ”تحرير الشام” والتيار الجهادي في سورية؟

مع أفول تنظيم داعش بسقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز، شرقي سورية، في مارس/آذار 2019، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *