الرئيسية / سياسي / ميداني / صدى البلد / في الحسكة صراع بين حليفين.. وملامح معركة كبرى في جرابلس
حسكة-ي-ب-ك / أنترنت

في الحسكة صراع بين حليفين.. وملامح معركة كبرى في جرابلس

صدى الشام _ محمد أمين/

اتسع نطاق الصراع في سوريا، ووصل إلى مدينة الحسكة أقصى شمال شرق البلاد، حيث بدأ صراع من نوع آخر بين حليفي الأمس (النظام، والوحدات الكردية)، في وقت بدأت فيه المعارضة السورية استعدادات حثيثة للوصول أولا إلى مدينة جرابلس شمال شرق حلب، فيما واصل الطيران الروسي، ومقاتلات النظام ارتكاب المجازر وخاصة في شمال حلب، في ظل تحركات سياسية “محدودة” تحكمها تفاهمات جرت مؤخرا بين تركيا، روسيا، وإيران.

وبدأت منذ أيام مناوشات تحولت إلى معارك ضارية بين قوات كردية تتبع لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من جهة، وبين قوات النظام، وميليشيا الدفاع الوطني التابعة لها في مدينة الحسكة شمال شرق البلاد من جهة أخرى، حيث استخدم النظام مقاتلات حربية لقصف مواقع القوات الكردية لأول مرة منذ بدء الثورة السورية في بداية عام 2011، وهو ما اعتبره مراقبون تطورا له ما بعده، ويؤسس لتغيير كبير في تفاهمات النظام مع قوى كردية أبرزها حزب الاتحاد الديمقراطي الذي سيطر على مناطق واسعة في الشمال عن طريق ذراعه العسكرية “الوحدات” بتسهيل من النظام لتحييد الشارع الكردي عن الثورة.

وأعلنت القوات الكردية نيتها السيطرة على مدينة الحسكة التي كانت تتشاطر السيطرة عليها مع قوات النظام قبل بدء الاشتباكات، وهي سيطرت بالفعل على عدة مواقع وأحياء داخل المدينة، وهو ما أفشل جهودا روسية للتهدئة، حيث رفضت القوات الكردية تسليم المناطق التي انتزعت السيطرة عليها، وعودة الوضع على ما كان عليه، ما ينذر باتساع نطاق المواجهات في المدينة التي شهدت حركة نزوح كبيرة باتجاه مدن أخرى داخل محافظة الحسكة.

ويشكّل العرب النسبة الاكبر من سكان مدينة الحسكة، وخاصة إثر هجرة عدد كبير من أكراد سوريا خلال سنوات الثورة باتجاه دول أوروبية. ولا يستبعد مراقبون أن يكون التصعيد الحاصل في الحسكة نتيجة تفاهمات تركية- روسية- إيرانية على عدم السماح لأكراد سوريا بتشكيل كانتون ذي طابع عنصري في شمال سوريا، وهو ما تراه تركيا يشكل خطرا على أمنها القومي، فهي تخشى أن يغري هذا الأمر أكراد تركيا ويدفعهم إلى التمرد والتفكير في تشكيل كيان شبيه في جنوب شرق البلاد.

وكان لافتا محاولة نظام الأسد مغازلة الطرف التركي من خلال بيان صدر عما يُسمّى “القيادة العامة” لجيش النظام تبنى من خلاله الخطاب التركي بما يخص حزب الاتحاد الديمقراطي، حيث أطلق على قوات هذا الحزب تسمية “الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني”، وهو كان يعتبرها حليفا له في محاربة “الارهاب”، و”الجماعات المسلحة” وهي التسمية التي يعتمدها النظام لفصائل المعارضة السورية المسلحة.

وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية نظام الأسد من مغبة التعرض لقوات لها في محافظة الحسكة، تضم مستشارين عسكريين يقدمون الدعم للقوات الكردية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، حيث تعد هذه القوات حليف الولايات المتحدة، وذراعا عسكرية لها على الأرض، فيما تقدم هي دعما جويا منقطع النظير مكّنها من تحقيق “انتصارات” على التنظيم، كان آخرها السيطرة على مدينة منبج شمال شرق حلب منذ عدة أيام.

ويتوقع مراقبون أن ينتقل الصراع بين قوات نظام الأسد والقوات الكردية إلى مدينة حلب، حيث تقوم الأخيرة – وفق ناشطين- بمحاولة قطع طريق الكاستيلو شمال المدينة، الإثنين، وهو الطريق الذي انتزعت قوات النظام السيطرة عليه مؤخرا من المعارضة بمساعدة القوات الكردية.

وعلى وقع المعارك في مدينة الحسكة، تستعد المعارضة السورية لخوض معارك يتوقع مراقبون انها ستكون “ضارية” لانتزاع السيطرة على مدينة جرابلس الحدودية (120 كيلو متر شمال شرق حلب) من تنظيم الدولة الإسلامية الذي أخلى المدينة من عائلات مقاتليه باتجاه معقليه، مدينتي الباب والرقة، وحصنها، وفق مصادر محلية، بنحو عشرين ألف لغم، ما يعني استعداده لمعركة طويلة الأمد، إلا إذا حدث ما يجبر التنظيم على تغيير استراتيجية القتال لديه في أخر معاقله على الحدود التركية، حيث كان خسر الأربعاء الفائت بلدة الراعي التي تقع في منتصف المسافة بين مدينتي اعزاز وجرابلس.

أكد قيادي في الفرقة 13 التي شاركت في معارك الراعي وتستعد للمشاركة في معارك جرابلس، أن المعارضة السورية تحضّر لعمل عسكري وصفه بـ “الكبير” لاستعادة المدينة، محذرا قوات كردية تتمركز جنوب المدينة بنحو 15 كيلو متر من مغبة التقدم باتجاهها. ومن المتوقع أن تدعم تركيا إلى حد بعيد مساعي فصائل المعارضة السورية في الاستحواذ على جرابلس كي تكون نواة منطقة آمنة تدفع أنقرة منذ سنوات لإنشائها في شمال سوريا لاستيعاب آلاف المدنيين السوريين الذين يتكدسون في مخيمات على الحدود السورية التركية، ولنقل لاجئين سوريين داخل تركيا إلى هذه المنطقة المتوقع ان تمتد من اعزاز إلى جرابلس.

ونقلت وكالة “رويترز” عن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الإثنين، قوله إن منطقة الحدود مع سوريا يجب “تطهيرها تماما” من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وإن أنقرة “ستواصل دعم العمليات في المعركة ضد المتشددين”، وفق الوكالة.

في الغضون، يواصل الطيران الروسي ومقاتلات النظام ارتكاب مجازر بحق مدنيين في العديد من المناطق السورية وخاصة في حلب وإدلب، حيث قتل وأصيب مئات المدنيين خلال الأيام القليلة الفائتة. وقضت السبت في حي الجلوم بحلب القديمة عائلة الناشط الإعلامي علي أبو الجود بعد أن سقط برميل متفجر على منزلهم بعد منتصف الليل، وهي مكونة من أربعة أطفال وأمهم، وزوجته الثانية ووالدها. واهتز العالم كله إثر بث مقطع فيديو لطفل حلبي نجا من الموت بأعجوبة بعد استهداف منزل عائلته في شرق حلب من قبل الطيران الروسي، حيث ترك الطفل أثرا صادما، وتصدرت صورته كبرى الصحف العالمية، وتناقلت الفيديو أهم القنوات التلفزيونية، معيدا إلى الأذهان الاهتمام العالمي بالأزمة السورية إثر غرق الطفل إيلان الكردي على الشواطئ التركية في عام 2015.

كما قُتل عدد كبير من قوات النظام والميليشيات التابعة لها في مدينة حلب، بينهم ضباط برتب عالية، على يد مقاتلي جيش الفتح، حيث لا تزال قوات النظام تحاول استرجاع ما خسرته من مواقع جنوب حلب. وذكر ناشطون أن من بين قتلى النظام العميد ديب بزي، قائد الكلية الفنية الجوية، والعقيد سامر صارم الضابط في الحرس الجمهوري، وضباط آخرين أغلبهم من محافظة طرطوس الساحلية قتلوا خلال المعارك في مشروع 1070 شقة، وفي جبهة الكليات.

وفي السياق، لم يطرأ خلال الأيام القليلة الفائتة أي جديد على المسار السياسي، ما خلا تحركات دبلوماسية روسية، وتصريحات تركية يرى مراقبون أنها تأتي في إطار المحاولات لـ”إعادة الروح” للعملية السياسية المتوقفة منذ نيسان الفائت. ولا تلوح في الأفق إمكانية العودة إلى طاولة التفاوض في جنيف، حيث لم يحدث اختراق مهم وخاصة لجهة الاتفاق على انتقال سياسي وفق قرارات دولية. وبدأ نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف جولة قادته إلى العديد من العواصم الإقليمية الفاعلة في القضية السورية، التقى خلالها مع الشيخ معاذ الخطيب وعدد من شخصيات المعارضة في إطار مساع روسية لـ “تعويم نظام الأسد”، وتشتيت صفوف المعارضة من خلال تجاهل المرجعيات السياسية للثورة السورية وخاصة الائتلاف الوطني والهيئة العليا للمفاوضات، التي أعلنت أن لقاء بوغدانوف – الخطيب لا يعنيها.

كما كان لافتا تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم السبت، التي أكد فيها إمكانية قبول بلاده لدور لرأس النظام بشار الأسد في مرحلة انتقالية، وهو ما أثار ردود فعل من قبل المعارضة السورية التي أعلنت أنها “تحترم” الدور التركي تجاه القضية السورية، ولكنها لا تتوافق مع الموقف التركي المستجد عن دور للأسد في مرحلة انتقالية، مؤكدة ان قبول ذلك يعني “صك براءة” له عن الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين، وأنها لن تقبل أي اتفاق سياسي لا يتضمن رحيله عن السلطة.

شاهد أيضاً

قتيلان من قوات النظام السوري بهجوم لـ”داعش” بين الرقة ودير الزور

قتل عنصران من قوات النظام السوري وجرح ثالث في هجوم لتنظيم “داعش” الإرهابي ليل الجمعة …

ثاني عصيان داخل سجون “قسد” في الرقة خلال أسبوع

شهد سجن الأحداث الذي أنشأته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، شريكة قوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *