الرئيسية / سياسي / سياسة / تحليلات / حسن نصر الله والطريق إلى القدس

حسن نصر الله والطريق إلى القدس

عمّار الأحمد

لم
يخطئ حسن نصر الله بقوله إن الطريق إلى القدس يمر عبر المدن السورية والدول
العربية، ونضيف إيران أيضاً. الأنظمة الحاكمة بهذه الدول لعبت أسوأ الأدوار في عدم
حل المسألة الفلسطينية، ولذلك قالت الثورة السورية: من أجل تحرير فلسطين يجب إسقاط
النظام، وتكرر الأمر ذاته في بقية الدول العربية، وإن بشكل خافت!

حسن
يناصر دولاً ويعارض دولاً. يناصر مشاريع طائفية ويرفض مشاريع طائفية. نقطة ضعفه
المركزية أنه يمثل حزباً طائفياً مفتِّتاً للبنية الاجتماعية اللبنانية، وعمامته
شيعية بالمعنى السياسي، ويساهم في تشكيل بنية طائفية في كافة الدول العربية. ولو
كانت عمامته دينية فقط، لما كان لنا معه أية مشكلة. ولأنه تابع لإيران، فحزب الله يخوض
المعركة ضد إسرائيل حينما يُقال له: افعل ذلك. ويوجه إعلامه ورصاصاته ضد الشعوب
العربية حينما يقال له أيضاً: افعل هذا. فيذهب إلى سورية بكل سلاح “المقاومة”!
ويذهب إلى العراق لمحاربة ليس داعش فقط، بل للقتال الطائفي ضد الشعب العراقي،
وكذلك إلى اليمن، ورغم رفض البحرينيين والسعوديين لخطابه الطائفي فهو يدّعي الدفاع
عنهم.

بمشاركته في الدفاع عن نظام الأسد، حزب الله يُسقط كل خطاب المظلومية
الذي كرره لعقود، وبتحول إلى حزب قمعي إجرامي.

حسن
نصر الله استولى على حزب الله وحوَّله إلى أداة سياسية تابعة لإيران. ورغم ذلك فحين
وجه أسلحته إلى إسرائيل أيدّه الشعب العربي في كافة الدولة العربية. أما حينما
أطلق رصاصاته إلى صدور السوريين، فإن أغلب الشعوب تركته وحيداً. كوادر حزبه يُقتلون
كمجرمين بعد أن كانوا وطنيين في قتالهم ضد إسرائيل، يُقتلون وهم يدافعون عن نظام
لطالما مارس العنف ضد الشعب، الذي أصبحت أغلبيته تعاني الأمرين فقراً وذلاً، فكانت
ثورته. وبمشاركته هذه يسقط كل خطاب المظلومية الذي كرره لعقود متتالية، ويتحول إلى
حزب قمعي وإجرامي ضد شعب لطالما سانده في وجوده وفي المعارك التي شنتها إسرائيل ضد
لبنان.

بدخول
حزب الله إلى سورية وبقية الدولة العربية، لم يعد يخالف سياسة أي نظام عربي يتولى
اضطهاد وقمع شعبه، فهو يقول بأن معركته ضد الشعوب العربية أولاً، والكلام عن
الجماعات التكفيرية لاغٍ، فقد قاتل السوريين بشكل رئيسي، وحتى الآن لم نقرأ أنه
قاتل داعش مثلاً! وثانياً وبعد أن يجْهِز على الثورة الشعبية يقاتل إسرائيل؟!

حسن
هذا يصطف بخطابه ضد السوريين، وإلى جانب نظامي سورية والعراق المحبِّذين للتدخل
الأمريكي في بلديهما. إنه شريك في هذا التدخل، وإلا كيف نفسر صمته الكامل عن قوات
التحالف الدولي بينما لم يترك بلداً عربياً إلا وتكلم عنه تقريباً! هذا المُعمم،
والذي كنّا نحترمه، يقاتل بجنوده الشعب السوري ويعمق بطائفيته الطائفية في كل من
سورية والعراق واليمن والبحرين، وأصبح موضوع كراهية للجميع. حسن يرى لبنان حديقة
لصالح إيران، وكذلك اليمن وسورية والعراق والبحرين، ويتوهم أن شعوب هذه البلاد
ستخضع بعد أن ثارت. هو لا يفهم أن دينامية الصراع والثورات هي ضد كل أشكال الظلم،
بدءاً بالظلم الاجتماعي ووصولاً إلى الظلم الطائفي، ومسعاها الأساسي نحو دولة
لجميع المواطنين أولاً.

حزب
الله مشروعه طائفي، كما أغلبية القوى السياسية اللبنانية، ولكنه يتفرّد بامتلاك
السلاح الثقيل. فهو يساهم بحصة أكبر في إعادة إنتاج النظام الطائفي في لبنان، ويمنع
انتقاله إلى صراع سياسي واجتماعي ينهي الطائفية ويحقق العدالة الاجتماعية
للبنانيين. القضية المركزية لسلاح حزب الله أصبحت قتل السوريين، وبالتالي سقطت كل
الحجج الممكنة لحوزته له، فهو يقول إن طريق القدس يمر عبر المدن السورية واليمن
وغيرهما، وبالتالي سلاحه الآن لم يعد ضد إسرائيل، وربما أصبحت الأخيرة دولة صديقة
مثلاً.

الثورات
العربية بعد 2011، وعكس حركات التحرر في الخمسينات والتي تضمَّنَ برنامجُها القضايا
الوطنية والقومية والاجتماعية والسياسية، اقتصرت على الحرية والعدالة الاجتماعية
وغاب عنها، ولنقل لم تَطرح، المسألة الوطنية والقومية. هذا التغييب متعلق باحتكار
النظام العربي هذه القضية وتحولها إلى بروباغندا يومية، وبشكل اتهامي للشعب ولا
سيما في سورية. وقد فعل حزب الله الشيء ذاته تجاه بقية القوى اللبنانية، وبالتالي
وجد الشعب الذي ذُل على وقع الخطاب الوطني “الكريه” أن لا علاقة له بهذه
القضية، وبالتالي لم يطرحها إلا نادراً وبشكل تهكمي. أهداف الثورات كانت إسقاط الأنظمة
وبناء حياة تليق بالبشر، وفي مرحلة لاحقة ستطرح قضية فلسطين، بما أنها قضية عادلة
وتتطلب حلاً.

النظام السوري وحزب الله سيخرجان منهكين من الحرب، وربما سيسقطان. فأي
معركة تلك التي ستقود إلى القدس؟؟

البروباغندا
الوطنية لم تعد سوى كذبة فجة. فالنظام السوري وحزب الله سيخرجان منهكين من الحرب
وربما سيسقطان. وحينها أليس كذباً واضحاً يساوي ضوء الشمس، القول إن هذه المعركة
ستقود إلى القدس؟ جنود حزب الله يصبحون مجرمين بنظر السوريين ويقتلون تباعاً،
والنظام يسيطر فقط على أقل من ثلث مساحة سورية، وبالتالي عن أي تحرير للقدس يجري
الكلام بعد أن تتحطم القوى العسكرية؟!

إذاً
هذا الخطاب موجه للأنصار الذين يشكِّكون في كل هذه الرواية، سيما أنهم يدفنون قتلاهم
بشكل يومي، ويتساءل الموالون لهذا الحزب: لماذا يُقتلون في سورية؟! وهناك رفضٌ للقتال
في سورية وإن بشكل خافت، كما في اليمن والعراق وسواها، ويرونها معارك ضد الشعوب
التي ناصرت حزب الله وكل المقاومة من أجل تحرير فلسطين فعلاً، لا كما يكذب حسن في
يوم القدس العالمي الخاص بإيران.

حسن
نصر الله يكرر بخطابه من أجل القدس خضوعه لنظام وليّه الفقيه واصطفافه المستمر إلى
جانب النظام السوري، وهذا ما سيعني أن مصيرهما أصبح متحداً، وهذا ربما ما يخيف حزب
الله؛ فبسقوط النظام السوري سيكون محاصراً في لبنان.

شاهد أيضاً

“قسد” تواصل الانتهاكات في مناطق سيطرتها شمال شرقي سورية

اعتقلت “قوات سورية الديمقراطية” “قسد” أمس ثلاثة أشخاص بينهم أحد شيوخ قبيلة العقيدات في الرقة …

سجال أميركي روسي في مجلس الأمن بشأن دورهما بسوريا والأمم المتحدة تطالب بإجلاء الأطفال المحاصرين في سجن الحسكة

تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي- بشأن أحداث مدينة الحسكة شمال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *