الرئيسية / مجتمع واقتصاد / مجتمع / مواد مجتمعية مختارة / انخراط الجامعيين السوريين المجنسين في الحياة السياسية التركية
طلاب عرب منهم سوريون رفقة نائب برلماني تركي- صدى الشام

انخراط الجامعيين السوريين المجنسين في الحياة السياسية التركية

قتيبة سميسم – أنقرة

لعل الطلبة السوريين هم الفئة الأكثر قدرة على الاندماج الكامل في المجتمع التركي، وذلك لأسباب عديدة أهمها إجادة غالبيتهم اللغة التركية بشكل تام، واختلاطهم اليومي مع أقرانهم الأتراك، ووصولهم لفترة عمرية ملائمة للاندماج، كما تولي الجهات الحكومية بهم اهتماماً مختلفاً إذ تعول عليهم في المستقبل ليكونوا حامل أي مشروع مشترك محتمل.

سيما أنهم المستهدفون بالدرجة الأولى في عملية تجنيس السوريين الأمر الذي يتيح لهم خوض غمار المنافسة السياسية والتي تعد مرحلة متقدمة جداً من مراحل الاندماج الذي يمكن لهم تحقيقه، في ظل وجود استقطاب حزبي لهم في تركيا.

أفق قريب

في حديثه لـ“صدى الشام”، يقول إبراهيم بيطار وهو طالب سوري مجنس في جامعة كارابوك: “بدأ الأمر من رغبتي في ممارسة العمل السياسي على أرض الواقع، وكنت بحاجة ماسة إلى هذه التجربة خصوصاً أنّا كنا محرومين من ممارسة السياسة في مجتمعنا”.

وأضاف بيطار: “على الرغم من سماعنا للأطروحات الأكاديمية، ولكننا بحاجة للخبرة العملية والأدوات اللازمة، لذلك قررت الانضمام إلى حزب العدالة والتنمية بهدف اكتساب الخبرة العملية السياسية لتساعدنا في العمل داخل سوريا في المستقبل وبناء الجسور بين المجتمعين”.

وأكمل بالقول: “انطلاقتي في العمل السياسي كانت خلال المرحلة الجامعية. بدأت أبحث عن الأنشطة والفعاليات التي ينظمها الحزب، ومن خلال انضمامي لهذه الأنشطة، شعرت برغبة قوية في المشاركة وصنع القرار. بدأنا كطلاب نعمل داخل الجامعة من خلال نادي طلابي تابع للحزب (üniak)، حيث كنا نقدم برامج تهتم بالطلبة الأجانب وتعزز التعاون بينهم وبين الطلبة الأتراك”.

وأشار إلى العمل على استقطاب الطلبة السوريين المجنسين، “وكانت لديهم رغبة في الانخراط بالعمل السياسي، لكنهم بحاجة إلى تحفيز. كنا نُحضر شخصيات تركية مثل النواب ورؤساء البلديات ليتحدثوا عن تجاربهم السياسية للطلبة، وخاصة الطلبة السوريين، ليتمكنوا من نقل هذه التجارب إلى مجتمعهم”.

وعن مسيرته داخل هيكلية الحزب، يقول بيطار: “بدأت كعضو في “üniak”، ثم توليت ملف الطلبة الأجانب، وبعد ذلك أصبحت عضوًا في مجلس الإدارة ومسؤولًا عن التشكيلات الأساسية. بعد انتهاء المرحلة الجامعية، أصبحت من أصحاب صنع القرار في التشكيل الطلابي التابع للحزب، وبدأت في كتابة البرامج والأنشطة والمشاريع”.

لا يخلو الأمر من بعض العقبات

ويضيف: “في البداية كانت هناك صعوبة في التواصل بسبب اللغة وعدم وجود خبرة وسجل عملي للطلبة السوريين في السياسة، إضافة إلى اختلاف وجهات النظر في إدارة العملية السياسية والتي تعتمد على تصويت الأغلبية بنسبة خمسين زائد واحد. ولكن كان هناك دائماً دورات تدريبية ومخيمات سياسية وندوات مخصصة لأعضاء مجلس الإدارة والتي كانت تحضرها شخصيات سياسية كبيرة في تركيا، مما أضاف لنا الكثير.

ويختتم: “كان لهذه الأنشطة فوائد منها القدرة على إيصال مطالبنا من خلال علاقتنا بالحزب كطلاب، وخلق بيئة ترفيهية من خلال الأنشطة والفعاليات مثل الرحلات الجماعية، بالإضافة إلى الجانب الأكاديمي في المجال السياسي، وشارك جزء جيد من الطلبة السوريين في اللقاءات والحوارات الحزبية.

أما عبد الرحمن شيخ إبراهيم وهو طالب العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة كوتاهيا فقد بدأ مسيرته الدراسية عام 2021، وهو ابن لعائلة سياسية يطمح بالاستمرار في تجربة عائلته ليكون له أثر في سوريا المستقبل.
وفي حديثه لـ “صدى الشام” يقول عبد الرحمن: “لم أدخل العمل السياسي أثناء تواجدي في سوريا بسبب وجود نظام يضطهد الحريات، ولكن لدى دخولي الجامعة شجعني بعض أصدقائي من الأتراك على الانخراط في العمل السياسي من خلال تشكيل الشباب في حزب العدالة والتنمية akparti”.

ويضيف: “انخرطت في الحزب وسرعان ما أصبح لي علاقات وطيدة مع قادة في مركز صناعة القرار في الولاية، وشاركت في عدة اجتماعات خاصة، وقمت بتقديم يد العون لأقراني من الطلبة السوريين في الكثير من الملفات العالقة مستفيداً من هذه العلاقات”.

وعن مشاركته يكمل شيخ إبراهيم: “لدى الأحزاب التركية قدرة عالية على الاستقطاب الشبابي بينما مع الأسف لم تنجح مثيلاتها السورية في فتح هذه المساحة أمام الشبان الساسة، على الرغم من تعقيد الملف السوري وحاجته الأكبر لوجود الطاقات الشبابية، فهي محصورة في منظمات المجتمع المدني إن وجدت”.

 

وبحسب عبد الرحمن، فإنه لم يجبر خلال تجربته لتأييد كافة أفكار الحزب، “وأعتقد أنها كانت تجربة ناجحة على الرغم من اعتقاد البعض أن مساحة العمل السياسي للسوريين في تركيا غير مناسبة لعدة أسباب، وقد دعيت أخيراً من قبل رئيس الحزب في الولاية لأكون عضو في مجلس إدارة جمعية على مستوى الطلبة الدوليين”.

في حديثها لـ “صدى الشام” تقول الباحثة في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية صبا عبد اللطيف: “الحياة الحزبية في تركيا معروفة بالتقلبات الدائمة وهي نوعًا ما غير مستقرة. لذلك، لا أرى أن للشباب السوري دورًا في المستقبل القريب ضمن مسار الأحزاب.

وتكمل: “بالإضافة إلى ذلك، يواجه اليوم الشباب السوري نوعًا من التحييد من أي مسار سياسي، باعتباره قد يعوق أي عملية مستقبلية للوصول للسلطة لأي حزب. وإن كان هناك أدوار، ستكون مقتصرة على التنسيق وضبط الفئة السورية أو حتى العربية في حال عشنا ظروفًا مشابهة لأحداث قيصري.

محمد السكري

وعن انخراط الجامعيين السوريين في الحياة السياسية التركية يقول الباحث السياسي والأمين العام لاتحاد طلبة سوريا محمد السكري في حديثه لموقع “صدى الشام”: “يتضمن العمل السياسي ككل ثلاثة مستويات أساسية، أولها متابعة الأخبار والصحف بشكل مستمر لمواكبة التطورات في السياسة التركية وهذا المستوى مرتبط بحياة ومصير الكثير من السوريين في تركيا لذا فالانخراط فيها كبير”.

وأضاف السكري: “أما المستوى الثاني وهو الانتساب للأحزاب السياسية التركية وهو ضعيف إلا عند شريحة محددة من السوريين وهي المتقنة للغة التركية بشكل تام، لأنه في الأصل هناك خلفيات مختلفة وتباين إيديولوجي بين هذه الأحزاب، خاصة بوجود أحزاب المعارضة وملفاتها فيما يخص وجود اللاجئين السوريين ما يجعل الانخراط فيها شبه معدوم”.

وأكمل بالقول: “بينما الأمر متاح لمن يملك الرغبة في الأحزاب الأخرى كحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وحزب المستقبل، أما عن المستوى الأخير وهو الدخول في الانتخابات وهو شبه معدوم إذ لم يتجاوز المتقدمين لهذا المستوى 4 شخصيات وهذه الشخصيات لم تتجاوز المرحلة الأولى الخاصة بالحملة الانتخابية لتحقيق شرط استحقاق دخول الانتخابات، بسبب التخوف من أعباء هذا الانخراط والتخوف بذات السياق من أحزاب المعارضة التركية”.

يبقى انخراط الجامعيين السوريين في الحياة السياسية التركية خطوة نحو تمكينهم من تشكيل مستقبلهم ومجتمعهم. بالرغم من التحديات، تظهر تجارب الأفراد قصص نجاح تبرز أهمية فتح آفاق جديدة.

إن الدور المتزايد لفئة الشباب يعكس الأمل في مستقبل قريب يمكن أن يبني الكثير من التعاون المشترك بين المجتمعين التركي والسوري.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان

شاهد أيضاً

مشاريع نسائية سورية تنتظر الدعم جنوب تركيا

حسام جبلاوي خسرت رولا بوشي وهي أم لأربعة أطفال أيتام متجر الألبسة الذي كان يعيلها …

تحت مسمى العودة الطوعية.. معاناة سوريات أجبرن على مغادرة تركيا

هاديا المنصور لم يخطر في بال كريمة الخال (37 عاماً) أن قصدها السوق من أجل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *